ما حكاية “أسد غزة” حمزة أبو حليمة؟
غزة- “رغم الإصابة وتكبيل يديه.. يبقى الأسد أسدا”، واحد من تعليقات كثيرة تفاخر أصحابها بشاب فلسطيني جريح ومكبّل اليدين وعاري الجسد، يحدّق بنظرات حادة أمام جندي إسرائيلي مدجج بالسلاح في مدينة غزة.
خلال الأيام القليلة الماضية، انتشرت صورة كالنار في الهشيم، لشاب فلسطيني اعتقلته قوات الاحتلال في مدينة غزة، ويبدو فيها عاريا، مصابا بجروح في ساقه، وقد أجلسه جندي إسرائيلي على كرسي، مكبّل اليدين من الخلف.
وتقول أوساط قريبة من الشاب “ربما أراد هذا الجندي بنشره الصورة أن يكسره، لكن نظراته اختصرت كل معاني البطولة (..) كان حمزة بطلا في مواجهة جندي معتدٍ وجبان”.
صاحب هذه الصورة هو “ابن حي الشجاعية البطل” حمزة خميس أبو حليمة، كما وصفته كثير من التعليقات، التي ضجت بها منصات التواصل الاجتماعي.
حكاية صورة
في ديسمبر/كانون الأول الماضي اقتحمت قوات الاحتلال منزلا لأحد أعمام حمزة في منطقة “اليرموك” بمدينة غزة، كان قد نزح إليه مع عائلته من حي الشجاعية شرق المدينة، إثر احتدام المعارك والغارات العنيفة التي استهدفت مربعات سكنية بأكملها في هذا الحي، الذي ناله نصيب وافر من القتل والتدمير منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
يقول ابن عم حمزة للجزيرة نت، مفضلا عدم الكشف عن هويته، اعتقل جنود الاحتلال حمزة بعد إصابته بشظية في ساقه اليمنى أثناء اقتحام المنزل، وقاموا بتعريته من ملابسه، واقتياده من منطقة “اليرموك” شرق المدينة إلى “ملعب فلسطين” غربا.
وكانت قوات الاحتلال التي توغلت في عمق المدينة برا قد حولت “ملعب فلسطين” في حي الرمال إلى مركز اعتقال وتحقيق، ونشر جنودها الكثير من الصور ومقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي لفلسطينيين من مختلف الأعمار والفئات وهم عراة ومكبلو الأيدي ومعصوبو الأعين، وتحيط بهم الدبابات والآليات العسكرية.
وخضع حمزة لتحقيق قاسٍ نحو 4 ساعات قبل أن تفرج عنه قوات الاحتلال. وبحسب ابن عمه، فإن “الجندي الإسرائيلي غبي، وهذه الصورة لن تكسر حمزة كما أراد، ولكنها ستظل خالدة في الذاكرة، تعكس كبرياءه وشجاعته”.
وحاولت الجزيرة نت الحديث مع حمزة نفسه، لكن ابن عمه لم يفضّل ذلك، وقال إنه “بخير، لكنه لا يرغب بالحديث مع الإعلام، خشية على أفراد أسرته”.
قتل ونزوح
قبيل اعتقاله بوقت قصير قتلت قوات الاحتلال والد حمزة الستيني خميس أبو حليمة، وزوجة أخيه صقر وطفليها خميس (6 أعوام) وهيا (3 أعوام).
رفض حمزة وعدد من أفراد أسرته النزوح ومغادرة مدينة غزة إلى المناطق التي حددتها قوات الاحتلال بـ”جنوب وادي غزة”. وبحسب ابن عمه فإنه “يعيش ضغوطا نفسية شديدة، ويخشى على أفراد أسرته المقيمين في مدينة غزة أو الذين فضلوا مغادرتها نحو الجنوب، ويرفض التعليق على الصورة التي انتشرت له، وفوجئ بالصدى الواسع الذي أحدثته، رغم مرور حوالي 40 يوما على التقاطها دون معرفته”.
وتشير تقديرات محلية ودولية إلى أن زهاء مليوني فلسطيني لا يتواجدون داخل منازلهم ومناطق سكنهم، وأجبروا على النزوح سواء داخل المدينة الواحدة أو إلى جنوب القطاع، ويقيم غالبيتهم في خيام ومراكز الإيواء، بفعل الجرائم وإنذارات الإخلاء الإسرائيلية.
وفي المقابل فإن حمزة وابن عمه، وبضع مئات آلاف الفلسطينيين في مدينة غزة ومناطق شمال القطاع، آثروا الصمود وعدم النزوح إلى مخيمات ومدن جنوب القطاع، ويتحملون ضغوطا هائلة نتيجة سياسة القتل والتجويع الإسرائيلية.
أخونا الأسير حمزة ابو حليمة من الشجاعية
عِزة النفس ھي أن الوقوف أمام عدوي واكون شامخا وفي داخلي جحیم مشتعل .#غزة pic.twitter.com/epp1tq57R1
— 𝐑𝐀𝐌𝐘 | 🏴☠️ 🇵🇸 💥 (@GIF1109) February 8, 2024
أسد غزة
وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي صورة حمزة أمام الجندي الإسرائيلي على نطاق واسع، وكتب صديقه محمد سكر في منشور أرفقه بهذه الصورة على حسابه بمنصة فيسبوك “رغم الإصابة ورغم تكبيل اليدين.. يبقى الأسد أسدا، نظرات الصمود والتحدي أمام العدو الجبان تكفيك فخرا.. الصديق الحبيب حمزة أبو حليمة”.
وعلى المنشور ذاته علق محمد أبو نصر “للتاريخ ستبقى هذه الصورة أيقونة ورمزا للصمود والتحدي وشاهدة على جرائم هذا الكيان”.
وكتب حساب “القدس ينتفض” على منصة إكس “أسد غزة ولا عزاء للمتخاذلين”، وأرفق المنشور بصورتين لحمزة، إحداهما أمام الجندي الإسرائيلي، وأخرى قبل اندلاع الحرب.