نزوات اللاعبين البرازيليين.. صدمة الثروة المفاجئة والانفتاح الزائد
أهدر روبينيو، وداني ألفيس، وغابرييل باربوسا، وأرديانو، والعديد من النجوم البرازيليين، مسيرتهم الكروية وحياتهم أيضا مقابل نزوة لا طائل منها على الإطلاق: مثل تعاطي المخدرات والمنشطات، أو مطاردة الفتيات، والتي لم تجلب لهم سوى المتاعب والمشاكل والملاحقات القضائية.
إن عدم الالتزام، والانفلات الأخلاقي لدى بعض اللاعبين البرازيليين ليس نتاج صدمة الخروج من بيئة فقيرة جدا إلى الثراء والترف أو أعراض الثروة المفاجئة فحسب، بل يبدو أنها سلوكيات تأثرت ببيئة اقتصادية صعبة وعادات اجتماعية ومعتقدات خاصة.
اقرأ أيضا
list of 4 items
(1-1) نتيجة مباراة السعودية ضد طاجيكستان في التصفيات الآسيوية لمونديال 2026
من بيليه إلى إندريك.. البرازيل منجم لا ينضب من المواهب الكروية
الولايات المتحدة بطلة دوري أمم “الكونكاكاف” للمرة الثالثة تواليا
شاهد.. فوز قطر والسعودية والعراق في تصفيات آسيا المؤهلة لمونديال 2026
end of list
ظروف البرازيل الاقتصادية
وفقاً لبيانات البنك الدولي، تحتفظ البرازيل بواحدة من أسوأ حالات التفاوت في الدخل بالعالم، ويعود ذلك للفساد المتفشي في البلاد، والفضائح المالية التي تورط فيها عديد السياسيين.
وهذا الوضع الاقتصادي ينعكس قطعاً على أحوال كرة القدم في البرازيل وأنديتها، ناهيك عن الفوارق الإعلامية الرهيبة بين الدوريات الأوروبية الكبرى ونظيرها البرازيلي، والذي ينتج عنه فوارق مادية كبرى في عوائد البث، مما يؤدي لعدم قدرة الأندية البرازيلية على توفير رواتب اللاعبين والعاملين، بل قد يتسبب في إفلاسها في عديد الأحيان، وهذه أحد أسباب رحيل اللاعبين للدوريات الأوروبية.
ويذكر موقع “بليتشر ريبورت” عام 2008 أن عدد البرازيليين الذين ينضمون إلى الدوريات الأوروبية سنوياً يصل إلى ألف لاعب، وقد ازداد هذا الرقم عام 2023 إلى 1300 لاعب تقريباً.
New @CIES_Football Weekly Post reveals top 💯 player exporting countries 🤩 Records broken 💥 for all the top three nations: #Brazil 🇧🇷 #France 🇫🇷 & #Argentina 🇦🇷 Full data 👉 pic.twitter.com/9W4FOmmPhB
— CIES Football Obs (@CIES_Football) May 17, 2023
تأثير الجانب الاقتصادي على المجتمع
يتسبب الفقر بالبرازيل في تفشي الجرائم التي تتسم بالعنف، ويتضح هذا في حديث أنتوني، جناح مانشستر يونايتد الأيمن، على مدونة “ذي بلايرز تريبيون”.
وقد سرد اللاعب تفاصيل نشأته في منطقة فافيلا بأوساسكو، إحدى بلديات ساو باولو، والتي كان يطلق عليها السكان المحليون باسم “الجحيم الصغير” بسبب الوجود الكثيف لتجار المخدرات وتفشي جرائم القتل. كما ذكر أنه ذات مرة صادف جثة في طريق عودته من المدرسة، وقال إن ذلك كان اعتيادياً لمن عاش في تلك المنطقة، لدرجة أنه أغمض عينيه ومر فوق الجثة الهامدة، وكأن شيئاً لم يكن.
Antony on growing up in Brazil🗣:
“I didn’t have any football shoes. I didn’t have a bedroom. I slept on the couch. I lived right in the middle of the favela. There were times when my brother, sister and I cried and cuddled thinking about our life.” #ManUtd pic.twitter.com/yQ95jxaeZW
— Players Sayings (@PlayersSayings) September 14, 2022
هل للتقاليد تأثير على سلوكيات اللاعبين؟
يقال إن البرازيل تتمتع بحضارة تستطيع التعبير فيها عن الذات بحرية، لكنها في الوقت ذاته حضارة تفتقر إلى بعض قيم الانضباط، فهم قوم لا يعيرون انتباهاً للحدود الشخصية على حد تعبير جوش هاكمان أحد المدونين على أحد مواقع التواصل.
ويمكن القول إن لتلك التقاليد تأثيرا على اللاعبين وسلوكياتهم، فهم يحبون الاحتفال بجنون لدرجة عدم التقيد بالقواعد، مثل رونالدينيو وكذلك روبينيو نفسه بالتأكيد، فعندما كان لاعباً لمانشستر سيتي، كان لديه مشاكله الخاصة مع زميله حينها كريغ بيلامي الذي لم يكن معجباً للغاية بـ”العصابة البرازيلية” إذ إن سلوكياتهم لم تكن مفهومة بالنسبة له، بل أزعجته في أحيان عدة، وكان هذا رأي غلاوبر على الأقل، وهو أحد أعضاء تلك العصابة.
إلقاء القبض على البرازيلي روبينيو بعد قرار حبسه 9 سنوات لإدانته بالاغتصاب pic.twitter.com/uK5nZIjjaV
— الجزيرة نت رياضة (@AJASports) March 22, 2024
وأشار غلاوبر، الذي لعب لمانشستر سيتي بين 2008-2009، إلى حقيقة أنهم -مثل أغلب البرازيليين- كانوا يتصرفون على سجيتهم، وأنهم كانوا سعداء بطبيعتهم فحسب. وفي حين أن هذه السمات قد ترتبط بالسعادة، لكن قد ينتج عنها اقتحام الحدود الشخصية أيضاً، وهذا ما تسبب على الأرجح بوضع ألفيس خلف القضبان، وهو ما قد يتسبب بالمصير ذاته لروبينيو، إذ إن ذلك الانفتاح الزائد عن الحد، وعدم الاكتراث للقواعد، قد يجذبان المشاكل من كل حدب وصوب.
وإن الفوارق الفاحشة بين مرتبات اللاعبين في أندية الدوري البرازيلي، ونظيرتها بالدوريات الأوروبية الكبرى، تجعل من الصعب على نجوم السامبا ألا يستغلون هذا الثراء الفاحش في فعل ما يريدون، حتى وإن خرقوا القانون، بسبب افتقاد قيم الانضباط المذكورة آنفاً، والتي عوضاً أن تؤدي بهم إلى السجن أو الموت في بلادهم، قد تؤدي بهم إلى النتيجة ذاتها، لكن في أقصى الكرة الأرضية.