حلفاء ترامب: نرفض تشريعات تجريم العداء للسامية
واشنطن- في الوقت الذي يتناول فيه الرئيس جو بايدن قضية معاداة السامية خلال إلقائه لاحقا كلمة في فعالية ينظمها المتحف التذكاري للهولوكوست في مبنى الكابيتول، يقف الكثير من أعضاء مجلس النواب الموالين للرئيس السابق دونالد ترامب معارضين للتشريع الجديد الذي أقره المجلس، ويعرف باسم “قانون التوعية بمعاداة السامية”.
ويتم إحياء ذكرى الهولوكوست سنويا لتخليد ذكرى محرقة اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، والتي قتل فيها ما يقرب من 6 ملايين يهودي على يد النازيين.
وينظر إلى ما سيقوله بايدن باهتمام خاص، حيث إنها الاحتفالية الأولى التي تجري عقب عملية طوفان الأقصى، وما تبعها من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، تصنفه العديد من المنظمات الدولية كجريمة إبادة جماعية نتج عنها استشهاد ما يقرب من 35 ألف فلسطيني، وإصابة ما لا يقل عن 100 ألف آخرين.
ويأتي إحياء الذكرى هذا العام كذلك في وقت تشهد فيه مئات الجامعات الأميركية حركات احتجاج ضخمة بسبب العدوان على غزة، ودعم إدارة بايدن الكامل لها، وسط اتهامات بمضايقات تقع بحق طلبة الجامعات من اليهود.
الرئيس جو بايدن: في اليوم الدولي لذكرى الهولوكوست، نتذكر الستة ملايين يهودي الذين قتلوا على يد النازيين خلال أحد أحلك الفصول في تاريخ البشرية. نحن نلتزم مجدّدا بالدروس التي استُخلصت من هذه المحرقة لنؤكد أن هذا لن يحدث أبدًا مرة أخرى.
— الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) May 6, 2024
خطاب محمي دستوريا
وصوّت 21 من أشد الجمهوريين تطرفا وتشددا في مجلس النواب، إلى جانب 70 عضوا ديمقراطيا، ضد مشروع القانون الذي يعرف بعض الانتقادات لإسرائيل بأنها معادية للسامية، كما دعا مشرّعو القانون في مجلس النواب إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد معاداة السامية في حرم الجامعات.
وتم تمرير مشروع القانون بدعم 320 عضوا مقابل رفض 91، وسيتطلب قانون التوعية بمعاداة السامية -الذي تبناه وقدمه للتصويت النائب الجمهوري مايك لولر، وشارك في رعايته 61 مشرعا آخر من كلا الحزبين- من وزارة التعليم استخدام تعريفات معاداة السامية التي اقترحها التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست “آي إتش آر إيه” (IHRA) عند تطبيق قوانين مكافحة التمييز.
إلا أن الكثير من الفقهاء الدستوريين يرفضون هذه التعريفات على خلفية مخاوف من جانب المشرعين الأكثر تقدمية من إمكانية انتهاك معايير حرية التعبير، وأن معاداة الصهيونية أو معارضة إسرائيل يمكن الخلط بينها وبين معاداة السامية.
وتحدث النائب جيري نادلر، الديمقراطي اليهودي الأطول خدمة في مجلس النواب، ضد مشروع القانون في قاعة مجلس النواب، معتبرا أن تعريفات “آي إتش آر إيه” لمعاداة السامية “قد تشمل خطابا محميا دستوريا في بعض السياقات، لا سيما فيما يتعلق بانتقاد دولة إسرائيل”.
وعن الاحتجاجات التي تعصف بجامعات أميركا، قال نادلر إن “الكثير من هذا النشاط، سواء كنت تتفق مع المشاعر التي تم التعبير عنها في هذه الاحتجاجات أم لا، يشكل خطابا محميا قانونا”، في إشارة للتعديل الدستوري الأول الضامن لحرية التعبير وحرية التجمع.
وكي يصبح مشروع القانون قانونا، يجب أن يمرر بموافقة الأغلبية في مجلس الشيوخ، وذلك قبل أن يوقعه الرئيس كقانون. ومن غير الواضح متى، أو ما إذا كان سيتم التصويت على مشروع القانون في مجلس الشيوخ.
لا مساومة على الإيمان
واعتبر الجمهوريون اليمينيون أن مشاكلهم الخاصة مع مشروع القانون تنبع من كونه يمكن أن يدين المسيحيين بمعاداة السامية لاعتقادهم أن الشعب اليهودي لعب دورا في قتل يسوع المسيح، وهي فكرة دحضتها الكنيسة الكاثوليكية منذ ستينيات القرن الـ20
وردت النائبة الجمهورية، مارجوري تايلور غرين من ولاية جورجيا، على مشروع التصويت باستدعاء هويتها وتعليمها المسيحي. ورفضت التشريع وصرحت من خلال تغريدة لها على موقع إكس أنها لن تساوم على إيمانها.
وقالت النائبة -التي تعد أحد أقوى أنصار وحلفاء ترامب بمجلس النواب- “كمسيحية، أؤمن بالإنجيل بالكامل، وكل حرف فيه. يقول الإنجيل إن يسوع المسيح، وهو رجل يهودي وابن الله، قد سُلم ليصلب (يقتل) من قبل رئيس الكهنة والشيوخ والحشد اليهودي الذي تنبأ به إشعياء 53. ويقول الإنجيل أيضا، قام يسوع من بين الأموات بعد 3 أيام”.
وعليه اعتبرت أنه “ليس من معاداة السامية أن نقول هذا ونصدقه. إن إدانتي وإدانة أي مسيحي بمعاداة السامية، ومن يؤمن أو يقول هذا، هو في الواقع هجوم على المسيحيين. لن أساوم على إيماني على الإطلاق لتجنب الشتائم غير المشروعة. لقد صوتت بـ(لا) لمشروع قانون معاداة السامية بسبب هذا”.
وعلى منصة إكس أيضا، غرد النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا، مات غيتس، المقرب بشدة من ترامب، قبل التصويت على مشروع القرار قائلا “هذا المساء، سأصوت ضد مشروع قانون خطاب الكراهية السخيف المسمى قانون التوعية بمعاداة السامية. معاداة السامية خاطئة، لكن هذا التشريع مكتوب دون اعتبار للدستور أو الفطرة السليمة أو حتى الفهم المشترك لمعنى الكلمات. الإنجيل نفسه لا يفي بتعريف معاداة السامية بموجب شروط مشروع القانون هذا!”.
معضلة التعريف
قبل عام ونصف كشف الرئيس جو بايدن النقاب عن إستراتيجية إدارته الجديدة لمكافحة ما تسمى “معاداة السامية”، التي وصفها بأنها “الجهد الأكثر طموحا وشمولا الذي تقوده الحكومة الأميركية لمكافحة معاداة السامية على مدار التاريخ الأميركي”.
وتمّت صياغة الإستراتيجية بمدخلات من أكثر من ألف من أعضاء الجالية اليهودية وأعضاء الكونغرس والشركات والمجتمع المدني والمسؤولين المحليين، وممثلي الديانات الأخرى. وأكدت التزام الولايات المتحدة الثابت بدعم “وجود إسرائيل وشرعيتها وأمنها”.
وتستخدم وزارة الخارجية والوكالات الفدرالية الأخرى تعريفا “لمعاداة السامية” -وضعه “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست “آي إتش آر إيه”- يقول إن “معاداة السامية هي تصوّر معين لليهود، ويمكن التعبير عنه على أنه كراهية تجاه اليهود. والمظاهر الخطابية والجسدية لمعاداة السامية موجّهة نحو الأفراد اليهود أو غير اليهود أو ممتلكاتهم، أو نحو مؤسسات الجالية اليهودية ومرافقها الدينية”.
ولكن إستراتيجية البيت الأبيض لم تتبن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست حصريا، حتى بعدما ضغطت المنظمات اليهودية الأميركية الشهيرة مثل رابطة مكافحة التشهير واللجنة اليهودية الأميركية.
واستخدمت إستراتيجية البيت الأبيض تعريفات متعددة للعداء للسامية، وأشارت إلى تعريف وثيقة “نيكسوس” (Nexus) وغيرها التي لا تضع انتقاد السياسات الإسرائيلية ضمن “العداء للسامية”.