في وقت حساس.. كيف ستتأثر جبهة جنوب لبنان بوفاة رئيسي؟
بيروت- لقي إعلان إيران اليوم الاثنين عن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين في حادث تحطم مروحيتهم صدى في لبنان، حيث عبر حزب الله ومؤسسات رسمية عن حزنهم، فيما برزت إلى الواجهة تساؤلات بشأن أثر هذا الحادث على الحرب الدائرة بين الحزب وإسرائيل في جبهة الجنوب.
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء اللبناني الحداد الرسمي في البلاد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الإيراني، كما أعربت الخارجية اللبنانية في بيان عن وقوف البلاد “إلى جانب حكومة إيران وشعبها في هذا المصاب الأليم”.
من جهته، قدم حزب الله في بيان رسمي تعازيه بوفاة رئيسي، ووصفه بأنه “أخ كبير وسند قوي ومدافع صلب عن قضايانا وقضايا الأمة، وفي مقدمتها القدس وفلسطين، كما كان حاميا لحركات المقاومة ومجاهديها في جميع المواقع التي تولى فيها المسؤولية”.
وسجل الوزير عبد اللهيان أيضا حضورا بارزا على خط العلاقات الإيرانية اللبنانية، حيث قاد سلسلة زيارات إلى بيروت خلال العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة والجنوب اللبناني، بهدف التشاور مع حزب الله وممثلي حركة حماس والجهاد الإسلامي بشأن تطورات المنطقة.
“خسارة كبيرة”
وفي ظل تصاعد حدة المواجهة على الجبهة الجنوبية للبنان بين حزب الله المدعوم من إيران وبين إسرائيل وفرض معادلات ميدانية جديدة يبقى التساؤل بشأن مدى تأثير وفاة الرئيس الإيراني ووزير الخارجية على جبهة الجنوب.
وفي هذا السياق، وصف العميد الركن المتقاعد محمد عباس وفاة الرئيس الإيراني ومرافقيه بأنها “خسارة كبيرة” و”ضربة”، سواء كانت لأسباب طبيعية تقنية أو بفعل عدوان.
ويشير العميد المتقاعد إلى أسباب عدة في هذا الصدد، فالسبب الأول يعود إلى الدور الوازن الذي كان يقوم به الرئيس رئيسي داخل إيران وخارجها، وهو أحد المرشحين لخلافة المرشد الأعلى علي خامنئي.
أما السبب الثاني -يضيف- فهو أن الحادث “يأتي ذلك في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة، حيث تواجه تحديات عسكرية مستمرة مع العدو الإسرائيلي، وتحتل إيران مكانة بارزة في قيادة محور المقاومة ضد المحور الصهيوأميركي، خاصة بعد قيام إيران لأول مرة منذ تأسيس الثورة بقصف الكيان الصهيوني بالطائرات والصواريخ”.
وقت حساس
ورغم أن إيران -التي اعتادت على مواجهة التحديات على مدى 40 عاما- قادرة على التكيف وسد الفراغ بغض النظر عن الخسائر -يقول عباس- فإن الحادث سيشغل القيادة الإيرانية بترتيب البيت الداخلي خلال الشهرين القادمين، وهو وقت حساس في ظل العدوان على غزة والتهديد باجتياح رفح من جهة والتهديد باجتياح لبنان من جهة أخرى.
ويرجح العميد عباس أن إيران ستستوعب الخسارة، فعلى المستوى الداخلي ستبقى الخسارة محدودة، وعلى المستوى الخارجي ستكون محصورة، وبالتالي لن يتغير المشهد المقاوم، سواء في لبنان أو في غزة، سواء على المدى القريب أو البعيد الإستراتيجي.
من جهته، يرى الباحث في معهد كارنيغي مهند الحاج علي أن وفاة الرئيس الإيراني في حادث طائرة تعني أن إيران تدخل الآن مرحلة انتقالية تستمر 50 يوما يتم خلالها انتخاب رئيس جديد، موضحا أنه في هذه المرحلة الانتقالية تكون إيران أقل استعدادا لخوض مواجهات كبرى.
ويضيف الحاج علي للجزيرة نت “من جهة أخرى فإن العمليات العسكرية في الجنوب اللبناني محدودة ورسم لها لتكون ضمن إطار محدد جدا”.
ورجح الحاج علي أن تستمر وتيرة المواجهات في الجنوب كما هي حاليا، مستدركا بأن “القدرة على تحمّل المخاطر العالية ستكون أقل خلال هذه الفترة”.
ارتدادات أمنية
بدوره، لا يعتقد المحلل السياسي توفيق شومان أن تكون لحادث تحطم الطائرة الرئاسية الإيرانية تأثيرات مباشرة على الجبهة اللبنانية، مرجحا أن تكون الفرضية الأكثر احتمالا لسقوط الطائرة مرتبطة بالأحوال الجوية وطبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها، مما يجعل العامل الأمني أو الإرهابي في أدنى قائمة الاحتمالات.
ويضيف شومان للجزيرة نت “في ظل غياب أي مؤشر على خلفية أمنية لسقوط الطائرة على الأقل حتى الآن فإن أي ارتداد أمني أو عسكري على المشهد الإقليمي العام -ومن ضمنه الجبهة اللبنانية- لا يمكن إدراجه في تقدير موقف ناجم عن تحطم الطائرة”.
ويشير إلى أنه في حال ثبت العكس وتبين أن الطائرة أسقطت ولم تسقط، وأن وراء الحادثة عملا أمنيا أو استخباريا لإسرائيل ضلع فيه أو تقف وراءه فسيعني ذلك أنها أعلنت الحرب على إيران.
وبالتالي -بحسب المحلل السياسي- ستختلف القراءات والخلاصات، وسيكون المشهد الإقليمي وليس الجبهة اللبنانية فقط أمام وضع عسكري غير مسبوق، بل أمام حرب بدأتها إسرائيل، وعليها أن تتحمل نتائجها.