“لا عيد وغزة تُباد”.. هكذا تستقبل القدس عيد الأضحى
القدس المحتلة- للمرة الثانية على التوالي، جدد أهالي القدس إعلانهم اقتصار فعاليات العيد على الشعائر الدينية بعيدا عن مظاهر الفرح والبهجة أسوة بعيد الفطر الماضي، وذلك احتراما لدماء الشهداء النازفة في قطاع غزة، والإبادة المتواصلة بحقهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتشكل صلاة العيد في المسجد الأقصى أبرز شعائر وطقوس المقدسيين في عيدي الفطر والأضحى، حيث يؤم المسجد عشرات الآلاف من القدس والداخل الفلسطيني المحتل، لأداء الصلاة التي ستقام هذا العام في الساعة السادسة و5 دقائق وفق إعلان مفتي فلسطين الشيخ محمد حسين.
ورغم أهمية صلاة العيد في المسجد الأقصى بالتحديد، فإن المسجد في عيد الفطر شهد العدد الأدنى للمصلين مقارنة بالعقد الماضي، حيث وصلت الأعداد إلى 60 ألفا وهو نصف عددهم في العيد عام 2023 الماضي.
دعوة لشد الرحال
ويعود تراجع أعداد المصلين إلى إبعاد الاحتلال المئات عن المسجد الأقصى، ومنع فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة من دخوله بشكل كامل، وفرض قيود مشددة على أبوابه، تجلت في السواتر الحديدية والإسمنتية وتجمعات الشرطة وقوات “حرس الحدود” التي نكلت بالمصلين عبر التفتيش أو الاعتداء الجسدي.
وتعليقا على ذلك، دعا خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، عبر الجزيرة نت، الفلسطينيين القادرين على الوصول إلى المسجد الأقصى إلى إعماره وشد الرحال إليه، مشددا على ضرورة اقتصار العيد على الشعائر الدينية كالأضاحي والصلاة وصلة الأرحام، دون البهرجة وإبداء الفرح. وقال “علينا أن نشعر مع إخواننا في غزة وسائر المناطق الفلسطينية التي تعرض للنكبات”.
ومن ضمن أشكال التضامن مع قطاع غزة والاحتجاج على إبادة سكانها، رفض المقدسيون توزيع الحلوى ابتهاجا في العيد، وأعلنوا اقتصار الضيافة في البيوت على القهوة والتمر، أسوة بما حدث في عيد الفطر الماضي، وكذلك في عيد الفطر الذي تزامن مع العدوان على غزة عام 2014، والذي ارتدى فيه معظم المصلين اللون الأسود، وانتشرت شعارات مثل “أنا مش معيّد، روحي في غزة”، و”غزة تقاوم”، و”غزة، نصركم عيدنا”.
وتذكيرا بمعاناة أهالي قطاع غزة، وتخليدا لشهداء العدوان المتواصل، وزع مقدسيون بمبادرة فردية في المسجد الأقصى حبات تمر مرفقة بأسماء مئات الشهداء، كما انطلقت الدعوات في يوم عرفة لتوحيد الدعاء وتكثيفه من داخل المسجد الأقصى نصرة لغزة.
حصار وفقر
يحل عيد الأضحى هذا العام على المقدسيين وقد ازداد الطوق الأمني على القدس وتحديدا عند الحواجز الرئيسة قرب جدار الفصل العنصري، التي تفصل مئات آلاف المقدسيين عن محيطهم وتقسم العائلات على جانبي الجدار، مما يجعل صل الرحم في هذا اليوم شاقة.
كما أن حاجز مخيم قلنديا شمالي القدس، وحاجز مخيم شعفاط شمال شرقي القدس، بالإضافة إلى حاجز جبع، كلها تضاعف من التضييق على حياة المقدسيين وتؤدي إلى أزمات مرورية خانقة وإهدار ساعات طويلة من يومياتهم.
ويحل عيد الأضحى أيضا وقد ارتفعت معدلات البطالة في القدس، ووصلت عائلات كثيرة إلى حافة الجوع، وفق تقرير مشترك لجمعيتي “عير عميم” و”عيمك شافيه” الإسرائيليتين اليساريتين الذي رصد تأثير الحرب على شرقي القدس وسكانها.
75% تحت خط الفقر
وقال التقرير إن 75% من المقدسيين كانوا يعيشون تحت خط الفقر قبل اندلاع الحرب، لكن النسب ازدادت بعد ذلك بسبب خسارة العديد من المقدسيين أعمالهم إثر الفصل التعسفي من قبل المؤسسات الإسرائيلية العامة والخاصة، أو إغلاق الحواجز في محيط المدينة والقيود على الحركة.
ووفق التقرير ذاته، فإن أكثر من 450 متجرا فلسطينيا أغلق أبوابه داخل البلدة القديمة في القدس منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بسبب تقييد الوصول غير المسبوق إليها، حيث تعتمد 1372 منشأة تجارية داخل سور القدس على المناسبات الدينية لزيادة مبيعاتها، الأمر الذي تفاقم بشكل واضح أيضا خلال عيد الفطر وقبيل الأضحى وانخفاض الإقبال الشرائي.
ودعما للاقتصاد المقدسي قبيل عيد الأضحى، نظمت جمعية الأقصى في الداخل الفلسطيني المحتل مبادرة “أسبوع القدس”، التي انطلقت يوم السبت الماضي لإنعاش الحركة التجارية، وسيّرت عشرات الحافلات من قرى ومدن الداخل إلى القدس والمسجد الأقصى.