من رضا شاه البهلوي الذي حكم إيران بتأييد من الإنجليز وخُلع بأيديهم؟
في أواخر القرن الـ18 استطاع القاجاريون -وهم الذين تعود أصولهم إلى التركمان القراغوز أو “العيون السوداء”- أن يستولوا على حكم بلاد فارس، بعد أن نجح قائدهم محمد خان القاجاري في توحيد فروع القبيلة بالعنف والقتل، فقوي أمره واستطاع الاستيلاء على طهران وجعلها عاصمة لملكه.
وقد تمكن المؤسس محمد خان القاجاري أن ينتقل بقبيلته من طور البداوة والرعي والتبعية لحكم الصفويين إلى التمدد في الوظائف المفصلية والمهمة في إيران، ثم القضاء على حكم الأفشاريين وبقايا الصفويين.
وفي عام 1797، اغتيل محمد خان القاجاري في شوشا، عاصمة خانية قراباغ، وخلفه ابن أخيه فتح علي شاه القاجاري، الذي حرص على توسيع بلاده ولا سيما المناطق الشمالية التي تقع في القوقاز الشمالي، والتي كانت روسيا استولت على كثير منها طوال القرنين الـ17 والـ18، تارة من العثمانيين وتارة من الإيرانيين بحسب خضوع هذه المناطق.
واضطر فتح شاه إلى الدخول في صراع ضد الروس في الفترة ما بين 1804 وحتى عام 1813 حتى تعرّض لهزيمة كبيرة اضطر على إثرها إلى عقد اتفاقية مع القيصر ألكسندر الأول.
سُميت هذه الاتفاقية باسم “كلستان” وفيها اعترفت إيران بالسيادة الروسية على داغستان وجورجيا وأذربيجان الشمالية وأرمينيا الشرقية وأجزاء من سواحل بحر قزوين وجورجيا واعتُبر نهر آراس والحدود الجنوبية لنهر أذربيجان هي الحدود الفاصلة بين الدولتين حينئذ.
النفوذ الأجنبي
وبعد عقد أو يزيد على تلك الاتفاقية وإدراك القاجاريين مدى الهزيمة الثقيلة التي تعرضوا لها، اضطروا للدخول في صراع جديد ضد الروس ولكنهم انهزموا أيضا في نهايته، واضطروا إلى عقد اتفاقية جديدة عام 1828عُرفت باسم معاهدة “تركمنشاي” كانت بنودها أشد قسوة؛ حيث استولى الروس في هذه المرة على معظم أراضي القوقاز الجنوبية، وتم إعطاؤهم وحدهم حق تعيين الحدود بين الجانبين.
كانت إيران تستند في حروبها ضد الروس على عون ومساعدة الفرنسيين والبريطانيين؛ ولا سيما الذين حرصوا على إبعاد الروس دائما عن التمدد ناحية الهند سواء من خلال إيران أو عن طريق آسيا الوسطى وأفغانستان، ولهذا السبب كان النفوذ البريطاني والروسي يزداد في إيران بمرور الزمن.
ولئن استولى الروس على المناطق الشمالية، وأُعطي تجارهم حرية الحركة والتجارة داخل إيران، بل وفرض ضرائب لا تتعدى 5% على بضائعهم، فإنه سرعان ما امتد المرسوم إلى البضائع البريطانية والأجنبية؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة نفوذ الأجانب التجاري والاقتصادي داخل البلاد، وتضرر قطاعات كثيرة من التجار والحرفيين المحليين.
وفي الجهة المقابلة، كان البريطانيون قد استولوا منذ فترة مبكرة من القرن الـ18 على مناطق بوشهر ومواقع إيرانية مهمة مطلة على الخليج العربي.
ويشير أول سفير أميركي تم تعيينه في طهران وهو س. بنيامين في كتابه الذي نشره عام 1878م أن زيادة نفوذ الأجانب في البلاد ولا سيما الروس والبريطانيين أدى إلى تركز الثروات لدى تجار هذه الدول، وتحول البلاد السريع إلى شبه مستعمرة تابعة للدول الكبرى في العقود الأخيرة من القرن الـ19.
ولهذا السبب كتب أحد الرحالة الأوروبيين يقول: “إذا رغب التاجر الإيراني في تصدير بضاعته إلى الخارج، فعليه أن يدفع عند كل مدينة ضريبة محددة، أما التاجر الأوروبي فإنه مستقل ويدفع مرة واحدة فقط؛ لذا يكلفه تصدير بضاعته أقل بكثير مما يُكلّف التاجر الإيراني”.
تحولات اجتماعية
ومع مرور الزمن كان حكام إيران من القاجاريين يدينون بالولاء للبريطانيين، ويسمحون أكثر لزيادة النفوذ الأجنبي في البلاد، وقد تزامن ذلك مع انتشار روح الحداثة والأفكار الغربية التي كانت تمتد بين قطاعات ليست هينة بين طبقات المتعلمين وطلاب المدارس والجامعات ممن كانوا يقرؤون عن الديمقراطية ومشاركة الشعوب في حكم بلادها، ومطالبتهم بالإصلاح الدستوري والتشريعي في البلاد.
وبحسب كمال مظهر أحمد في كتابه “دراسات في تاريخ إيران الحديث والمعاصر” فإنه لم يكن بوسع رجال الدين أن يبقوا بمعزل عن التحولات الاجتماعية والانهيار الاقتصادي الذي كانت تشهده البلاد، فإن جزءا كبيرا منهم استولى على أراضي الأوقاف، وأقبلوا على اقتناء أنواع أخرى من الأراضي.
وهكذا كانت إيران في فاتحة القرن الـ20 تتصارعها قوى مختلفة سمحت بهيمنة التجار الأجانب وقلة من التجار المحليين التابعين لهم على ثروات البلاد، الأمر الذي أدى إلى فساد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتبعية نظام القاجاريين للسفارة البريطانية في طهران.
وفي عددها 21 الصادر عام 1314 هـ/1897م تهكّمت صحيفة “حبل المتين” -المعارضة للنظام القاجاري والتي كانت تصدر في كلكتا بالهند- من جميع حكام إيران وولاتها آنذاك بأنهم كانوا يفتخرون ويعتزون حينما يضمن لهم الروس أو الإنجليز أو الأميركان أو الألمان بالنعيم والرفاه في حياتهم الخاصة.
وأمام هذه التطورات كانت تندلع الانتفاضات الشعبية بصورة مكثفة منذ أواخر القرن الـ19 وحتى بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، منها انتفاضة كيلان بزعامة مرزا كوجك خان، وانتفاضة خراسان بقيادة محمد تقي خان، وانتفاضة كردستان إيران بقيادة سمكو وغير ذلك، وكثير من الانتفاضات كانت تحمل الطابع القومي والاستقلال الجهوي عن نظام القاجاريين.
وكانت تطورات الحرب العالمية الأولى وصعود الشيوعية والثورة البلشفية عام 1917 سببت قلقلا لدى البريطانيين وخوفا من انتشار هذه الأفكار بين الإيرانيين وهو ما كانت أماراته تتضح منذ عام 1918 وما تلاها.
ورغم التبعية المطلقة للنظام القاجاري لما كان يأمر به السفير البريطاني في طهران؛ فإن البريطانيين رأوا في الوقت عينه ضعف وتفسخ وانهيار هذا النظام، والكراهية العميقة له من قبل الشعب، فضلا عن كثرة الانتفاضات وتململ قطاعات كثيرة من الجيش وعلى رأسهم فرقة القوازق وهي الأقوى.
انقلاب رضا خان وإعلانه شاها
وفي وسط تلك الأحداث ظهر اسم القائد رضان خان بهلوي، وهو رجل عسكري كان ينتمي إلى الطبقة الوسطى، وقد أشاع بعد ارتقائه للعرش الإيراني أنهم يعودون للنسب البهلوي الساساني القديم، توفي والده وهو ابن عام واحد فقط، فالتحق برعاية خاله الذي أرسله طفلا إلى أسرة الجنرال أمير تومان كاظم -الذي كان على معرفة وثيقة بأسرته ووالده- فشبَّ في وسط هذه الأسرة.
وحين بلغ الـ15 من عمره التحق رضا خان بإحدى كتائب فرق الجيش التي كانت تُسمى “القوازق”، وهي فرق أنشأها الروس لإصلاح الجيش الإيراني في بداية القرن الـ19، وانضم لها في العاصمة طهران عام 1893.
وسرعان ما تدرج في الرتب العسكرية من عريف إلى ملازم ثم مقدم وعقيد وما فوق ذلك، وقد بدأ يهتم بالشؤون السياسية في بلاده، ويتابع الصحف المعارضة، وسرعان ما أصبح مشهورا وقائدا مقبولا وسط أفراد الجيش، وكانت القيادة العليا للجيش وكذا قيادة فرقة القوازق العليا في يد الضباط الإنجليز والأجانب.
وقد لفتت هذه الشهرة أنظار البريطانيين، وتابعوه عن كثب، ورأوا في منطلقاته الفكرية التي كانت تكره الديمقراطية وتؤيد الإصلاح على الطريقة الدكتاتورية توافقا مع أهدافهم بعيدة المدى في إيران، فهم من جانب يريدون استمرار هيمنتهم وسيطرتهم على البلاد ومن جانب آخر يريدون أن يأتي حليف لهم لسدة الحكم بعد القضاء على الأسرة القاجارية.
ولهذا السبب أبدى الجنرال إدموند آيرونسايد -وكان من كبار قادة الجيش البريطاني في إيران ومن كبار ضباط المخابرات العسكرية في الوقت نفسه- إعجابه برضا وشاركه في هذا الإعجاب السفير البريطاني في طهران الذي توقع في وقت مبكر أن رضا خان هو الشخص المؤهل لإجراء التغيير المطلوب في إيران.
وعقب إبرام الشاه القاجاري مع البريطانيين اتفاقية فتحت الباب واسعا لخضوع البلاد الشامل للبريطانيين في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية، وتعاقب الوزارات وسرعة تغيرها وسوء الأوضاع المعيشية، اشتعلت المعارضة في البلاد عام 1919.
وأمام هذه الأحداث، قام رضا شاه وصديقه الصحفي الليبرالي ضياء الدين طبطبائي بانقلاب في فبراير/شباط 1921، عُين فيه ضياء الدين طبطبائي رئيسا للوزراء، بينما أصبح رضا شاه قائدا للجيش والقوات المسلحة، وتم بمقتضى هذا الانقلاب تقييد سلطة القاجاريين، واعتبار مُلكهم شكليا.
وطوال السنوات التالية غاصَ طبطائي في المشكلات الاقتصادية، وبعمالته في الوقت نفسه للإنجليز، ولم يتحسن الوضع العام داخل البلاد، بينما انزوى رضا شاه بعيدا ليعزز مكانته ونفوذه داخل الجيش ليكسب نفوذا أكبر عدد ممكن من الضباط من كافة الرتب.
وعزز من قبضته الأمنية حين ضم قوات الجندرمة “الدرَك”، وهي التي أنشأها الإنجليز لحراسة آبار وحقول النفط لوزارة الحربية على خلاف رغبة صديقه طبطائي الذي أرادها تابعة لوزارة الداخلية.
وفي النهاية أُقصي الطبطائي من الوزارة وأجبر على السفر خارج إيران، وارتقى رضا شاه لمنصب رئيس الوزراء وقائدا للجيش في الوقت نفسه في السنوات ما بين 1923 وحتى القضاء على الحكم القاجاري بالكلية في ديسمبر/كانون الأول عام 1925م وتعيينه من قبل الجمعية الوطنية “البرلمان” شاها على إيران، يورّث الحكم في عقبه.
رضا شاه من سدة الحكم إلى الانقلاب
كان رضا شاه مؤمنا بالدكتاتورية التحديثية، وكان في كثير من خطواته يرى في مصطفى كمال “أتاتورك” في تركيا نموذجا يُحتذى به في التحديث ومواجهة رجال الدين والقضاء على سلطتهم الدينية والاجتماعية إن لزم الأمر.
ولتعزيز سلطته، قام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية، فسعى لاستصلاح الأراضي الزراعية البور أو المهملة عن طريق تمليكها لصغار الفلاحين، وأصدر في عام 1928 قانون العلاقة بين المالك والمستأجر.
وأولى جُل اهتمامه للصناعة والجيش، وشرع في تأسيس “الشركة الإمبراطورية” و”الشركة المركزية” المملوكتين للدولة لتصدير المنتجات الصناعية المحلية، وأسّس شركة “المنسوجات القطنية” وألزم المستثمرين بتسجيل شركاتهم في وزارة الاقتصاد، وأصدر قانون إنشاء الشركات الصناعية ووسائل عملها.
وارتفع عدد المصانع الحكومية إلى 80 مصنعا علاوة على 200 مصنع صغير للقطاع الخاص، وازدهرت الصناعات اليدوية التقليدية وأصبحت قادرة على المنافسة الأجنبية، وأنشأ مصانع لصناعة السكر من البنجر، واهتم بتشغيل المناجم والتجارة ولكن التجار الأجانب كانوا يغرقون الأسواق الإيرانية ببضائع مناسبة وبأسعار تنافسية الأمر الذي كان يجلب غضب التجار والمستثمرين المحليين.
وبدأت العلاقة مع بريطانيا وأميركا في التوتر حين استدعى رضا خان -الذي أصبح اسمه الشاه رضا خان بهلوي- خبيرا أميركيا يُدعى “ملسيو” لإصلاح مسار الاقتصاد النقدي، واستطاع هذا الخبير زيادة عائدات الجمارك من 91 مليون ريال إلى 421 مليون ريال، كما استطاع تنظيم ضريبة الدخل لتشمل المناطق الشمالية والجنوبية على حد سواء.
ولكن رضا شاه عزله بعد عامين من عمله في أعقاب طرد البعثة الدبلوماسية من إيران سنة 1927م قائلا: “لا يمكن أن يكون هناك شاهان في البلاد، وسأكون أنا الشاه الوحيد”. ونفهم من ذلك أن الخبراء الأجانب كانوا يتدخلون في السياسة الداخلية والقرارات العليا في البلد.
لهذا السبب أعلن رضا شاه في العام التالي 1928 تقليص نفوذ الامتيازات الأجنبية، تمهيدا لعقد معاهدات تجارية مع تلك الدول تباعا، الأمر الذي جرّ نقمة البريطانيين، ولكنه حرص على تطبيق هذا القرار، وألغى المحاكم القنصلية الخاصة التي أُنشئت زمن القاجريين، وفرض خضوع الأجانب للقضاء الإيراني، وفتحت باب الزيادة الجمركية على البضائع الأجنبية في البلاد بعد أن ظلت ثابتة على نسبة 5% لعقود طويلة.
وبدأ رضا شاه في تقليص نفوذ الأجانب البريطانيين والبلجيك والأوروبيين عدا الألمان في وظائف الدولة، واسترد جميع البعثات التبشيرية الأميركية والمدارس الأجنبية، وزاد حصة بلاده من النفط.
وسيرا على النهج التحديثي الغربي في مجال التعليم، واجه رضاه شاه نفوذ المؤسسة الدينية واستولى على ممتلكات الأوقاف التي كانت تابعة لهم، وأحد أهم أعمدة استقلال العلماء ورجال الدين، وكانت تتكون من مساحات هائلة من الأراضي الزراعية والعقارات وغير ذلك، وآلت كلها لسيطرة الشاه الشخصية، وقرر تقليص نفوذ رجال الدين في المجال العام بتخفيض أعدادهم في البرلمان فأصبح عددهم 6 أعضاء بدلا من 24 عضوا.
وقرر إنشاء جامعة طهران عام 1934 وسمح للنساء بدخولها، وسيرا على النمط الغربي فرض رضا بهلوي على كبار رجال الدولة وموظفيها اصطحاب نسائهم إلى السينما والمسارح والكازينوهات والفنادق العامة، وأصدر قرارا بإلغاء الحجاب بصورة نهائية عام 1936، وقلص بصورة كبيرة بل وقف عائقا أمام بناء المدارس الدينية في البلاد، وهو الأمر عينه الذي كان يجري في تركيا الأتاتوركية في نفس الفترة.
وكان من المتوقع في ظل سياسة الرجل الواحد أن يقمع رضا شاه الحركة الدستورية والحياة السياسية في البلاد، وأن يصنع على عينه طبقة أرستقراطية جديدة موالية بالكامل له، وأصبح البرلمان يتكون من هذه العناصر الجديدة الموالية.
كما أعاد تقسيم إيران إداريا إلى 49 محافظة و10 مقاطعات، وتم تعيين المحافظين من غير سكان المنطقة لقطع أي علاقة قرابة أو نسب بالمكان، ولهذا السبب كان أشدَ المعارضين له والكارهين لاستبداده وتأييده لسفور النساء واستيلائه على الأوقاف وتقليص المدارس الدينية؛ هم فئة رجال الدين ممن كانوا ينتشرون في طول البلاد وعرضها، وهو الأمر الذي سيظهر بصورة جدية في عصر ابنه محمد رضا بهلوي وإعلان ثورة الخميني عليه فيما بعد.
والخلاصة كما تقول آمال السبكي في كتابها “تاريخ إيران السياسي بين ثورتين” أن “سياسة رضا بهلوي اتسمت بالاستبداد المطلق النابع من دكتاتورية القرار، وأحادية التفكير، فرغم أن مشروعاته الإصلاحية جميعها استهدفت تحديث إيران فإن وسائل تحقيقها قامت على القهر، وفرض التغيير عنوة، مما دفعهم (رجال الدين وكثير من رجال الدولة) لمناوأتها وعدم الإخلاص في تنفيذها”.
كانت نهاية الشاه غير متوقعة، فحين اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 أبدى تعاطفا واضحا مع أدولف هتلر زعيم النازية وقوات المحور، الأمر الذي دفع البريطانيين والروس السوفيات ليتحالفوا ضده، ويعلنوا عن عملية عسكرية باسم “الإحياء” لخلعه وحفظ حقول النفط الإيرانية من سيطرة الألمان عليها.
وهو الأمر الذي نجحوا فيه عام 1941، فخُلع ونُفي خارج البلاد وتوفي سنة 1944م، بينما عُين ابنه محمد رضا بهلوي في عرش إيران بدلا منه تحت الوصاية البريطانية حتى عام 1946، وبعدها ارتمى الشاه الأخير محمد رضا بهلوي في أحضان بريطانيا والولايات المتحدة، الأمر الذي ستتجلى آثاره الكارثية فيما بعد.