الاخبار العاجلةسياسة

تضامن وطني في لبنان لمواجهة الضربات الإسرائيلية العنيفة

بيروت- دخل لبنان مرحلة جديدة من العدوان الإسرائيلي، مع توسيع الغارات الجوية من حيث العدد والنطاق الجغرافي، مما دفع مختلف القوى السياسية والروحية والصحية والشعبية إلى الاستنفار للتصدي لتداعيات هذا العدوان، خاصة في ما يتعلق بالإغاثة والإيواء، وتعزيز التضامن الوطني إلى جانب المقاومة.

وفي ظل المخاوف التي تعبر عنها القوى السياسية اللبنانية والمراجع الروحية من خطورة المرحلة المقبلة والتي قد تكون الأخطر، ارتفعت الدعوات لطي صفحة الخلافات والتلاقي ودعم صمود المواطنين، وتسريع جهود الإغاثة، في وقت يرى فيه الجميع أن لبنان يمر بمرحلة مصيرية أمام التوحش الإسرائيلي.

وتُعتبر صيدا -عاصمة الجنوب اللبناني وبوابة العبور إليه- حاضنة للجنوبيين ونزوحهم، كما للشعب الفلسطيني وقضيته، إذ تضم أكبر المخيمات الفلسطينية، بدءا من صيدا وصولا إلى صور، فماذا تقول هذه القوى اللبنانية إزاء ما يجري من عدوان إسرائيلي؟

أيام صعبة

واعتبر السياسي والنائب اللبناني أسامة سعد أن هناك تصعيدا إسرائيليا كبيرا ضد لبنان، يستهدف بشكل أساسي المدنيين، وأدى إلى موجة نزوح كبيرة من المدن والبلدات والقرى في الجنوب. وقال إن البلاد تمر بأيام صعبة، وقد تكون الأيام القادمة أكثر صعوبة، لكنه أكد أهمية الصمود وتعزيز الجبهة الداخلية.

وشدد سعد -في حديثه للجزيرة نت- على أن التضامن الوطني والشعبي هو العنصر الأساسي في مواجهة العدوان والتصعيد الإسرائيلي غير المسبوق، داعيا إلى العمل بجدية وتعاون لتوفير مقومات الصمود لشعب لبنان، سواء للنازحين أو لمن لم ينزحوا بعد.

بالإضافة إلى ذلك، أعرب سعد عن الاستعداد لمواجهة أي عدوان على الأرض من قبل العدو الصهيوني، مشددا على أن هذا واجب وطني، “ومن العار التخلي عن مسؤولية مقاومة أي عدوان أو احتلال”.

وفي السياق، أشار مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان إلى أن الإجرام الذي تمارسه إسرائيل يتمثل في قتل الأطفال والنساء، وإهانة الشيوخ واعتقال الرجال، دون تفرقة بين مسجد وكنيسة، أو بين مدرسة وجامعة، معتبرا أن هذه الأعمال “تُعد حربا ضد الإنسانية”.

وندد سوسان، في حديث للجزيرة نت، بغياب صوت الحق الإنساني والرأي العام الدولي، داعيا إلى ضرورة وجود دور كبير للمؤسسات الدولية والحقوقية في الدفاع عن كرامة الإنسان وحقوقه.

وأوضح المفتي سوسان أن صيدا اعتادت أن تكون في طليعة المدن اللبنانية الصامدة والصابرة، وأنها لن تحيد عن تاريخها وتراثها ومواقفها وتربيتها، مشددا على أن هذه المنطقة “ستظل وفيّة لفلسطين وأهلها ولكل المظلومين، وستقوم بدورها الوطني في احتضان النازحين وإغاثة المحتاجين”.

نوع جديد من القتال

من جانبه، وصف راعي أبرشية صيدا ودير القمر لطائفة الروم الكاثوليك المطران إيلي حداد، في حديثه للجزيرة نت، الأحداث الجارية بأنها مؤلمة، معتبرا أنها تمثل نوعا جديدا من العدوان لا يحترم الإنسان.

وأضاف المطران حداد أن هذه الوقائع تعد دليلا على وجود حملة كبيرة ضد فئة من الناس الذين يملكون حقوقا، لكنها لا تُعترف بها (في إشارة إلى الشعب الفلسطيني)، وبدلا من منحهم حقوقهم، يتم قمعهم بطرق غير أخلاقية، معتبرا أن هذا القمع يمثل اعتداء واضحا.

وشدد على وجود مطالب دولية، خاصة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، بضرورة التدخل لوقف هذا النوع من الإجرام، معتبرا أن العدوان الإسرائيلي على لبنان مستنكر، وقال: “أدعو إلى التضامن الوطني وتعزيز الوحدة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد”.

وبدوره، أوضح نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان الدكتور بسّام حمود، للجزيرة نت، أن لبنان يعيش حالة حرب مكتملة الأركان، “حيث يمارس العدو الصهيوني اعتداءات همجية وإجرامية ضد المدنيين والقرى الآمنة في جنوب البلاد”.

وأكد حمود أن الحرب بالنسبة للجماعة سجال، وأنهم مصممون على مواصلة التصدي لهذا العدوان الغاشم، ومساندة أهلهم في قطاع غزة، وفي لبنان، وكذلك الدفاع أرضهم وسيادتهم، مشيرا إلى أن “العدو الصهيوني نازي ومجرم لا يتورع عن القيام بأي أعمال عدوانية”.

وأضاف أن الثقة بالمنظمات الدولية والأمم المتحدة قد تلاشت، “وأن الاتكال بعد الله سبحانه وتعالى هو على المقاومين والقوى الخاصة، التي ستلحق أضرارا كبيرة بالعدو”. كما شدد على أن توازن الرعب سيعود الأيام القادمة، مؤكدا أن “المهم ليس ما يُسمع، بل ما سيُرى”.

واتفق عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل الدكتور ناصر حمود مع نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، بضرورة ردع العدوان، مشيرا إلى أن حقيقة الموقف الإسرائيلي باتت واضحة للعالم بتوسيع نطاق الحرب على لبنان، مؤكدا أن هذه اللحظة المؤلمة كانت متوقعة.

وأشار حمود، في حديث للجزيرة نت، إلى أن التوسع في العمليات العسكرية ووحشيتها يهدف أولا إلى تهجير أهل الجنوب والبقاع، وثانيا إلى تدمير الجنوب تحت ذريعة محاربة المقاومة بهدف فرض واقع جديد.

وأوضح حمود أن الوضع في عام 2024 مختلف تماما عن عام 2006 (حرب يوليو/تموز)، وتساءل عن غياب الحراك الديبلوماسي، مشيرا إلى أن لبنان اعتاد الدعم الدبلوماسي والمساعدات الدولية، ولكن هذا النوع من الدعم يكاد يكون غائبا حاليا.

كما ذكر أن الموقف الفرنسي هو الوحيد البارز، لكنه لا يزال ضعيفا، مشددا على أن الأولوية الآن للتضامن الاجتماعي، ثم يأتي الدعم السياسي في مرحلة لاحقة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى