20 ألف نازح خلال شهرين وداكا تطالب بالالتفات لقضية الروهينغا
داكا- طالب رئيس الحكومة البنغلاديشية المؤقتة محمد يونس المجتمع الدولي بالاهتمام المستمر بقضية الروهينغا، محذرا من آثار عدم حل أزمتهم التي قد تنعكس على عموم دول منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا، وليس على بنغلاديش وحدها.
وتجاور هذه المنطقة إقليم أراكان الذي هجر منه الروهينغا طوال العقود الماضية، وتستضيف أكثر من 1.2 مليون لاجئ روهينغي في المناطق الحدودية القريبة من ميانمار، يضاف إليهم 32 ألف طفل يولد كل عام في عشرات المخيمات في بنغلاديش التي تمثل أكبر مخيم للاجئين في العالم.
وطرح يونس مقترحات عدة في هذا الملف خلال اجتماع رفيع المستوى، أول أمس الثلاثاء، في نيويورك على هامش جلسات دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ79، الذي استضافته بالشراكة إندونيسيا وغامبيا وتركيا والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
مقترحات
وخلال الاجتماع، أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي ضرورة العمل على إنهاء أزمة الروهينغا ومعاناتهم من التمييز العنصري وفقدان حقوق المواطن.
وحضر الاجتماع كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وإيمي بوب مديرة المنظمة الدولية للهجرة التي شددت على ضرورة تقديم الدعم المطلوب والسعي إلى حلول جذرية.
اقترح يونس أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالدعوة إلى مؤتمر دولي لمراجعة الوضع العام الحالي لقومية الروهينغا وطرح حلول جديدة ومستقبلية تُنهي هذه الأزمة بما في ذلك الحل السياسي، والعودة الكريمة للروهينغا إلى ديارهم مع ضمان سلامتهم وأمنهم.
وأشار إلى أن قرارات أممية عدة صدرت بحق الروهينغا، لكن السنوات السبع الماضية لم تشهد عودة لاجئ واحد منهم إلى دياره، في حين يركز المجتمع الدولي على البعد الإغاثي الإنساني، مع تزايد أعداد الأطفال الذين يولدون في المخيمات، مما يزيد من حجم المعاناة والتحديات.
وتمثل ثاني مقترحاته في ضرورة تجديد وتعزيز ما يُعرف بخطة الاستجابة المشتركة -التي تنفذها منظومة هيئات الأمم المتحدة وداكا– في التعامل مع اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش، “في ظل تحديات أمنية متفاقمة في المناطق الحدودية التي تواجهها أجهزة الأمن البنغلاديشية”.
وتحدث يونس عن الحاجة لإرادة سياسية دافعة لآليات جمع وضمان التمويل الإنساني المطلوب للتعامل مع اللاجئين الروهينغا في ظل تراجعه، بما في ذلك ضمان وصول المعونات إلى أقلية الروهينغا ولقومية الريكاين البوذية “شركائهم في العيش بولاية أراكان غربي ميانمار لتعزيز التعايش بينهما”.
ومن الأفكار التي طرحها ضرورة أن يدعم المجتمع الدولي بجدية آليات العدالة والمسؤولية للتعامل مع جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبت بحق الروهينغا، معتبرا أن التعامل القضائي مع “ما ارتكبه حكم العسكر في ميانمار هو عنصر مهم في تحقيق السلام والأمن على المدى البعيد”.
وأكد يونس ضرورة عمل جميع الأطراف -بما فيها القوى الوطنية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)- على استعادة الوئام الاجتماعي والعرقي في ميانمار.
تدهور الأوضاع
وعلى هامش الاجتماعات الأممية في نيويورك، أعلنت عزرا زيا وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان عن حزمة معونات جديدة بقيمة 199 مليون دولار للاجئين الروهينغا والمواطنين البنغلاديشيين في جنوب شرق البلاد، تقدّمها هيئات ووزارات أميركية مختلفة وتشمل مساعدات غذائية ولوجستية خاصة بالتعامل مع الكوارث، ودعم اللاجئين الجدد الذين يفرون من الوضع الإنساني المتدهور في ولاية أراكان حتى الآن.
وحسب الأرقام الرسمية، قدمت واشنطن 2.5 مليار دولار معونات للاجئين الروهينغا منذ عام 2017، الذين تصفهم الأمم المتحدة بالأقلية الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم.
وتشهد أراكان -حيث تعيش أقلية الروهينغا- تدهورا سياسيا وأمنيا ومعيشيا يزداد سوءا في الآونة الأخيرة، بسبب المواجهات التي توسعت بين ما يعرف بجيش أراكان من جهة، والجيش الميانماري التابع لحكومة العسكر المركزية في يانغون من جهة أخرى.
وتأسس جيش أراكان عام 2009 ويقاتل عن قومية الريكاين البوذية ويسعى للحكم الذاتي في الولاية، وتتفاوت تقديرات قوته العسكرية بين 17 ألفا و38 ألف مقاتل، وتتوسع دائرة نفوذه خلال الشهور الماضية مما تسبب في تجدد لجوء نحو 20 ألف روهينغي على الأقل إلى بنغلاديش حسب تقديرات محمد يونس ومنظمات أخرى.
كما أن آلافا آخرين صاروا نازحين داخل الولاية ويتنقلون بين أريافها وبلداتها ومخيماتها بعد أن وصلت المعارك إلى قراهم.
جرائم
ووفق تقارير حقوقية عديدة، ومنها تقريران لمنظمة فورتيفياي رايتس، صدرا في 27 أغسطس/آب الماضي و11 سبتمبر/أيلول الجاري، فإن جيش أراكان أوقع أكثر من 100 قتيل من رجال ونساء وأطفال في صفوف القرويين الروهينغا في حادثة يومي الخامس والسادس من أغسطس/آب الماضي وحدها.
وهو ما ينفيه الجيش، لكن شهادات اللاجئين الروهينغا الذين يعبرون الحدود باتجاه ميانمار تشير إلى اتهامه بجرائم قتل تستخدم فيها المُسيرات والقصف وليس فقط الأسلحة التقليدية الخفيفة، حسب تقريري المنظمة.
ويشير التقريران ذاتهما إلى أن ما حدث خلال هذين اليومين كان نتيجة تقدم جيش أراكان مقابل تراجع الجيش الميانماري والفصائل الروهينغية في بلدة وريف مانغدو شمال غرب ولاية أراكان، كما أن آلافا من الروهينغا فروا باتجاه نهر ناف الذي يفصلهم عن العبور إلى الأراضي البنغلاديشية، وخلال حركة نزوحهم برا تعرضوا لهجمات بالمُسيرات والقصف وإطلاق الرصاص، ومنهم من لقي حتفه وهم على متن قوارب للعبور.
وشدد التقريران على أن المحكمة الجنائية الدولية مطالبة بإدراج هذه الجرائم في تحقيقاتها المتعلقة بأقلية الروهينغا، لافتين إلى أنهما “خلصا إلى دور جيش أراكان في تلك الحادثة بعد التحقيق في موقع كل فصيل عسكري وبالاعتماد على عشرات من شهادات اللاجئين الناجين من تلك الأحداث الدامية”.
ويواجه اللاجئون الروهينغا تحديا آخر يهدد حياتهم يتمثل -كما تشير شهادات وأظهرت تسجيلات- في إجبارهم على التجنيد قسرا مع الجيش الميانماري في مواجهة جيش أراكان.
كما تشهد الولاية حضور مجموعتين مسلحتين روهينغيتين هما جيش إنقاذ روهينغا أراكان أو حركة اليقين، ومنظمة تضامن الروهينغا الأقدم تاريخيا، مما يجعل الصراع متشابكا ومعقدا، ويزيد من المصاعب الأمنية والإنسانية والاقتصادية للعيش هناك بالنسبة لمن بقي منهم في أراكان ويقدر عددهم بين 600 و800 ألف روهينغي.