هل تُفعِّل لقاءات البرهان في واشنطن الدور الأميركي لحل الصراع؟
الخرطوم– كشف وزير الخارجية السُّوداني حسين عوض عن إجراء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان سلسلةً من اللقاءات مع الإدارة الأميركية “لتصحيح كثير من المواضيع المعوجة” على حد تعبيره، مؤكدا أن تلك اللقاءات وصلت إلى “تفهم عال”.
وأفاد حسين، للجزيرة نت، بأن لقاءات البرهان شملت 3 دوائر أميركية مُهمة، هي الدائرة التنفيذية ممثلة في وزارة الخارجية، والدائرة الأمنية ممثلة في نائب مستشار الأمن القومي، والدائرة الثالثة هي وكالة التنمية الأميركية ممثلة في مديرتها العامة سامانثا باور.
وقال إن تلك اللقاءات شهدت توضيحا لما سماه “اعوجاج الرؤى” من جانب الإدارة الأميركية، والمطلوب تصحيحه في المجالات المختلفة. وأوضح أنّه تمّ الاتفاق على مواصلة الحوار عبر الدوائر الثنائية المُختصة لمعرفة ومعالجة الخلل في العلاقات بين البلدين.
وحول إمكانية أن تشكل حصيلة هذه اللقاءات مع الجانب الأميركي أرضيةً مُناسبةً لتفعيل الدور الأميركي في حل الأزمة السُّودانية وجَسر الفجوة مع مواقف الحكومة السودانية، قال حسين إنه يعتقد أن اللقاءات التي تمّت كانت فرصةً مواتيةً للسودان من خلال توضيح الموقف الرسمي للبلاد.
وأفاد بأنهم في السودان كانوا على علمٍ تام بأن هناك قراءات خاطئة من الجانب الأميركي، مؤكدا أن اللقاءات التي عقدها البرهان مع الإدارة الأميركية أسهمت في تفهم الموقف الأميركي للحالة السودانية.
“مصادر مشبوهة”
وأوضح وزير الخارجية السوداني أن كثيرا من الدوائر الخارجية، ومن بينها الأميركية، ظلّت تستقي معلوماتها من مصادر مشبوهة وغير مؤسسة.
وركّز الجانب السوداني على دور الولايات المتحدة الأخلاقي في تفهم موقف السودان من الاستجابة الدولية للوضع الإنساني وفتح كافة المنافذ المؤدية لهذه العملية الإنسانية، غير أن القراءة لها من الجانب الغربي خاصة لم تكن صحيحة، بحسب الوزير.
وأوضح المتحدث ذاته أنه خاطب الفعالية الإنسانية التي أقيمت في الأمم المتحدة بشأن السودان أمس الأربعاء، والتي جاءت بتنظيم مشترك بين السعودية ومصر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ووكالة تنسيق المساعدات الإنسانية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مشيرا إلى عدم إيفاء المجتمع الدولي بتعهداته في المجال الإنساني.
مسؤولية أخلاقية
وبرأي وزير الخارجية السوداني، فإن أميركا التي تُعتبر أكبر داعم وممول للإغاثة في العالم، مسؤولة أخلاقيا عن القراءة الصحيحة لتدفق هذه المعونات وأين تذهب، وتقدير الموقف السوداني للاستجابة لتدفق المعونات حتى تسهم في إطعام الجوعى من اللاجئين والنازحين.
ودعا حسين لعدم السكوت على ما تفعله “مليشيا” الدعم السريع من اختطاف واستخدام لتلك المساعدات وهي تتدثر بالشعارات الدولية الحافظة لهذه المساعدات، والتي تتطلّب فتح الطرق والتسهيل لها خاصة أنها تحمل شعارات الأمم المتحدة.
وقال “الآن الكرة في الملعب الأميركي، فإن تفهمت تلك الأبعاد وتعاملت معها فأعتقد أنه سيكون لهذه اللقاءات ما بعدها، أما إن استمرت في ركونها وعدم تفاعلها مع وقائع الأحداث، فإن الأمور ستكون في مجرياتها الحالية”.
تفهّم أميركي
وحسب وزير الخارجية السوداني، فإن الجانب الأميركي بدأ يتفهم موقف الخرطوم، وقال إنهم يأملون أن تُسهم الإدارة الأميركية في مقبل الأيام بالضغط على من يستغلون الإغاثة واستخدامها في غير الصورة المتفق عليها في المجال الإنساني.
بدوره، اعتبر السفير معاوية عثمان خالد، القائم بالأعمال الأسبق في سفارة السودان بواشنطن أن الدوائر الثلاث ممثلة في مجلس الأمن القومي (البيت الأبيض)، الخارجية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ظلت هي الأطراف الرئيسية في إدارة ملف السودان داخل الجهاز التنفيذي، وهي التي تقرر مجتمعةً بشأن السياسة الأميركية تجاه السودان.
ووصف اللقاءات التي تمت مع هذه الدوائر الثلاث بأنها كانت اختيارا موفقا جدا لرئيس مجلس السيادة، حيث تم تقديم رؤية السودان في مجريات الحرب الراهنة وتصوُّر الحكومة لمناداة أميركا المتكررة بوقف الحرب وتفعيل المسارات الإنسانية.
أهمية استثنائية
وقال السفير معاوية إن الحكومة السودانية تشاطر المجتمع الدولي في دعوته لوقف الحرب، ولكن يظل السؤال هو كيف يتسنى إيقافها في ظل الإسناد الخارجي المستدام لـ”المليشيا المتمردة” بالسلاح والدعم اللوجستي ومواصلتها للهجوم على المدن والمدنيين العزل في نطاق واسع من البلاد.
وأشار إلى أن الحصار الذي تفرضه “المليشيا” على مدن رئيسية مثل الفاشر -إلى جانب عدم وفائها بالتزامات اتفاق جدة الذي يمثل المدخل الأول لوقف الحرب وفتح المسارات أمام الوصول الإنساني- يُصعِّب من الوصول لهذا الهدف.
واعتبر التواصل مع الأطراف الأميركية الثلاثة ذا أهمية استثنائية في هذا التوقيت الذي تقترب فيه أميركا من انتخاباتها الرئاسية.
وتجدُر الإشارة إلى أن الأطراف الثلاثة ذاتها هي التي فاوضت السودان في السابق وقرّرت رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه في توقيت مماثل مع ختام عهدة الرئيس الأسبق باراك أوباما في يناير/كانون الثاني 2017.