اقتصاد

صنع في السعودية هكذا تسعى المملكة لتعزيزهويتها الصناعية في إطار رؤية 2030

أطلقت المملكة العربية السعودية أواخر مارس الماضي برنامجاً لدعم المنتج الوطني وذلك في إطار رؤية 2030
التي تضع تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط هدفاً أساسياً لها، وقد شهد البرنامج توسعاً منذ إطلاقه.

وبحسب ما كشفته هيئة تنمية الصادرات السعودية (السبت 21 أغسطس)، فقد تجاوز عدد الشركات المنضمة إلى
برنامج “صُنع في السعودية” حاجز الـ 900 شركة، قدمت ألفي منتج محلي حتى الآن.

ويهدف البرنامج لتنمية قدرات البلاد الصناعية أملاً في زيادة حضور المنتج المحلي داخلياً وخارجياً عبر خلق هوية
موحدة للصناعة السعودية يمكنها الوصول بالمنتجات المحلية إلى مستويات متقدمة من الجودة والموثوقية.

بالإضافة إلى ذلك، يستهدف البرنامج زيادة حضور الخامات المحلية في المنتجات السعودية المتنوعة، في محاولة لتحقيق مكاسب أكبر اقتصادياً ومعنوياً.

وبحسب ما نشرته صحيفة “الاقتصادية” المحلية (السبت 21 أغسطس)، فإن البرنامج يضع 16 قطاعاً كأولوية،
منها: الكيماويات، والبوليمرات، ومواد البناء، والإلكترونيات، والتعبئة والتغليف. وتسعى الحكومة لضم مزيد من القطاعات مستقبلاً.

وثمة صناعات يدوية أخرى بدأت تشق طريقها نحو السوق المحلية مثل صناعة الملابس والرسومات الفنية والتحف،
وغيرها من الصناعات الصغيرة التي كانت  تستورد من الخارج غالباً في السنوات الماضية.

دعم المنتج الوطني

وكجزء من استراتيجية المملكة، فإن البرنامج السعودي يستهدف دعم المنتجات والخدمات الوطنية محلياً وعالمياً،
وزيادة الاستهلاك المحلي وحصة السوق للسلع والخدمات المحلية.

كما يستهدف أيضاً زيادة الصادرات السعودية غير النفطية في أسواق التصدير ذات الأولوية، والمساهمة في تعزيز
جاذبية القطاع الصناعي السعودي للاستثمار المحلي والأجنبي.

ومن بين الأهداف الرئيسية للبرنامج دعم المحتوى المحلي وتوجيه القوة الشرائية نحوه (منتجاً كان أو خامات)، حتى
تصل مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65%، وترتفع نسبة الصادرات غير النفطية إلى نحو 50% بحلول 2030.

وفي الوقت الراهن، تعمل الجهات المعنية على زيادة عدد الأعضاء والمنتجات المسجلة في البرنامج، بعد أن تم بناء
هوية خاصة للصناعات الوطنية، فضلاً عن تكثيف تسويق السلع والخدمات الوطنية في الداخل والخارج والترويج للمنتجات الوطنية عالية الجودة.

ويشمل “صنع في السعودية” كل السعوديين، وتتوقع التقديرات الرسمية أن يسهم في خلق أكثر من 1.3 مليون وظيفة
بحلول 2030 في قطاع الصناعة والتعدين.

وقد أكد وزير الصناعة السعودي على هامش إطلاق البرنامج أنه يهدف لتعزيز ثقافة الولاء للمنتج الوطني، وأنه
مصمم وفق تجارب سابقة في عدد من الدول التي حققت قفزات نوعية على طريق تطوير قدراتها الصناعية.

ومن شأن تعزيز الثقة بالمنتج الوطني إحداث تغييرات اقتصادية كبيرة تتمثل في تحفيز الاستثمارات المحلية، وجذب
الاستثمارات الأجنبية، وإيجاد فرص وظيفية، ودعم حركة التصدير، وتحسين ميزان المدفوعات، وتوسيع القاعدة الاقتصادية للدولة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.

فرصة ذهبية

الكاتب السعودي صالح السلطان يرى أن برنامج “صنع في السعودية” لم يأت بشكل متعجل، وإنما سبقته دراسات
ومبادرات تهدف لتحويل الصناعة المحلية من قطاع ثاني إلى ركيزة أساسية في الناتج المحلي للبلاد.

وتعد الصناعة مصدراً أساسياً للدخل إذا تجاوزت مساهمتها حاجز الـ20% من الناتج المحلي، وهو ما تسعى الرياض
لبلوغه بحلول 2030، بحسب مقال للسلطان نشرته صحيفة “الاقتصادية” المحلية في 5 أبريل الماضي.

ويرى الكاتب أن ثمة “فرصة ذهبية” حالية لتطوير السياسات الصناعية لإيجاد طفرة صناعية. وخلاف سياسات التمويل، مشيراً إلى أن الحكومة تملك أدوات كثيرة للمساعدة على تحفيز الاستثمار الصناعي بشكل أكبر مما هو عليه.

ويعتقد السلطان أن على الحكومة بناء سياسات دعم تراعي التوسط بين الدعم فوق اللازم والدعم أقل من اللازم،
وتوفير أراض أو منشآت مطورة جاهزة للاستثمار الصناعي، أساسه أن تكون تكلفتها منخفضة على المستثمر، لكن بصورة متطرفة، حسب وصفه.

الصناعة ورؤية 2030

يعد قطاع الصناعة من بين أهم القطاعات التي تعتمد على استراتيجية المملكة لتنويع مصادر الدخل بالنظر إلى دوره
في تأمين الوظائف ورفع الناتج المحلي ودعم معدلات النمو.

وبعيداً عن النفط ومشتقاته، تولي المملكة اهتماماً بصناعات أخرى مثل الغذاء والدواء التكنولوجيا. وحتى مايو من هذا
العام كان لدى المملكة أكثر من 4 آلاف مصنع، باستثمارات تصل إلى 370 مليار ريال (100 مليار دولار).

ووصل إجمالي العقود في المدن الصناعية الموجودة بالمملكة، وفق الإحصاءات الرسمية الحديثة، إلى نحو 6587
عقداً، فيما وصل عدد الموظفين في هذه المدن إلى نحو 500 ألف موظف، بينهم 184 ألف موظفاً، و17 ألف
موظفة من المواطنين.

وخلال الربع الأول من العام الجاري، نمت مصانع المنتجات الغذائية لتشكّل 11% من إجمالي عدد المصانع في
المملكة، وقد أسهمت في توفير أكثر من 82 ألف وظيفة، وفق وزارة الصناعة والثروة المعدنية.

ومن أهم مجالات الصناعة الغذائية النامية في السعودية قطاعات الألبان والدواجن والزيوت والتمور والمخبوزات
وغيره، التي تغطي قسماً كبيراً من الاحتياجات المحلية.

وبلغت مصانع الأغذية في السعودية حتى الربع الأول من عام 2021 ما يصل إلى 1121 مصنعاً، مسجلة نمواً قدره
61%، في عدد التراخيص الصناعية الصادرة خلال عام 2020 بـ114 ترخيصاً، مقارنة بعام 2019.

كما شهد النشاط نمواً بنسبة 9% خلال الربع الأول من العام الحالي 2021 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وحققت السعودية نمواً في تصنيع منتجات المعادن اللافلزية، حيث افتتحت 10 مصانع جديدة في مارس 2021،
وحصل 21 مصنعاً آخر على تراخيص بدء الإنشاء، تلتها مصانع المنتجات الغذائية والمصانع العاملة في صنع
منتجات المعادن المشكلة بـ14 مصنعاً لكل منهما.

وتالياً، تأتي مصانع المواد والمنتجات الكيميائية بـ11 مصنعاً، في حين سجلت المصانع العاملة في صنع الورق
ومنتجاته النسبة الأقل بـ 7 مصانع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى