الاخبار العاجلةسياسة

مساندة سخية بالمال والسلاح.. 10 أسباب لتفوق بريطانيا على الأوروبيين في دعم أوكرانيا

لندن ـ بعد مرور عام على الحرب في أوكرانيا، تفوقت المملكة المتحدة على بقية الدول الأوروبية في تقديم الدعم المالي والعسكري لكييف، ومنذ أول يوم من انطلاق هذه الحرب، كانت لندن السبّاقة إلى حشد الدعم والتأييد لصالح الجيش الأوكراني.

وكان رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون مبادرا في أول خطاب له بعد الحرب للإعلان صراحة عن ضرورة “هزيمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهما كلف الثمن”، وبالفعل لم تذخر بلاده أي جهد في السعي لهذا الهدف.

وحسب معطيات البرلمان البريطاني، فإن الحكومة البريطانية تعهدت بتقديم 2.3 مليار جنيه إسترليني (2.8 مليار دولار) دعما عسكريا للجيش الأوكراني، وهي ثاني مانح للمساعدات الإنسانية بعد الولايات المتحدة، كما أنها تستضيف برنامج التدريب “إنترفليكس” لتدريب 10 آلاف جندي أوكراني في غضون 3 أشهر فقط.

وفاجأت بريطانيا العالم عندما كانت السبّاقة قبل أوروبا والولايات المتحدة في إعلان قرارها إرسال دباباتها المتطورة “تشالنجر 2” إلى الجيش الأوكراني، قبل أن تنتقل إلى خطوة أكثر خطورة وحساسية، وهي إعلانها التفكير جديا في منح الجيش الأوكراني طائرات مقاتلة.

British troops of NATO eFP battle group attend exercise in Adazi
بريطانيا كانت سبّاقة في إعلان إرسال دباباتها إلى أوكرانيا (رويترز)

أسباب الدعم

هذا الدعم منقطع النظير من بريطانيا لأوكرانيا له الكثير من الأسباب المتعلقة بالوضع الداخلي البريطاني وصراع النفوذ العالمي، وهي كالتالي:

  • التحرر من أوروبا

تريد بريطانيا من خلال التحرك بسرعة وقبل بقية الأوروبيين أن تظهر للداخل وللاتحاد الأوروبي أن البريكست (انسحاب بريطانيا من الاتحاد) كان الأفضل للبلاد، ولهذا كانت بريطانيا تتحرك بمعزل عن الأوروبيين خصوصا في بداية الحرب، فعندما كان هناك تردد ألماني فرنسي في اتخاذ خطوات متشددة ضد موسكو، كانت لندن سباقة لدعم كييف بالسلاح والمال.

كل هذه التحركات كان الغرض منها الترويج لسردية أنصار البريكست بأن بريطانيا استعادت قرارها، وهي تتحرك دون انتظار قرارات الاتحاد الأوروبي، وتتصدر المشهد في هذه الحرب إلى جانب الولايات المتحدة.

  • بريطانيا العالمية

مباشرة بعد الخروج الرسمي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أعلنت حكومة بوريس جونسون حينها عن الرؤية الجديدة للبلاد تحت شعار “بريطانيا العالمية”، التي تعني عودتها قوة عالمية تربط علاقات جديدة ويكون لها صوت في القرار العالمي.

وكانت هذه الحرب بمثابة الاختبار لهذا الشعار أو رغبة في تثبيته، رغم الانتقادات الموجهة لهذا التصور، فواقع الحال يقول إن الاقتصاد البريطاني هو الأضعف من حيث النمو حاليا بين دول مجموعة السبع، كما أن الجيش البريطاني بات ضعيفا ولا يعدّ من أقوى جيوش العالم، وهذا تقييم قدمه جنرالات أميركيون لنظرائهم البريطانيين قبل أسابيع.

  • تعويض خطأ أفغانستان

شكل الانسحاب الفوضوي والكارثي للولايات المتحدة وبريطانيا من أفغانستان ضربةً قوية للمخابرات العسكرية البريطانية، التي كانت كل تقاريرها تقول إن العاصمة كابل ستصمد أياما وربما أسابيع قبل السقوط في يد حركة طالبان، وبالفعل تعرضت الاستخبارات العسكرية “إم آي 6” (MI6) لانتقادات واسعة بسبب فشلها في توقع هذا السيناريو.

في المقابل تشير دراسة للباحث البريطاني جون كامبفنر في معهد تشاتام هاوس إلى كون المخابرات العسكرية البريطانية نجحت بشكل كبير في كشف خطط موسكو في غزو أوكرانيا بأيام قبل انطلاق العملية العسكرية، بخلاف المخابرات الفرنسية والألمانية التي كانت تستبعد هذه الحرب، ولهذا أرادت بريطانيا الحفاظ على هذا التفوق العسكري.

جونسون يكشف أن بوتين هدده بإرسال صاروخ لاغتياله (رويترز) 
جونسون (الثاني يسارا) خلال لقاء سابق جمعه ببوتين (الثاني يمينا) (رويترز)
  • جونسون وبوتين.. الأعداء

فجر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون مفاجأة عندما كشف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هدده بإرسال صاروخ لاغتياله، وهو الأمر الذي نفاه الكرملين، إلا أنه يكشف جزءا من العداء المستحكم بين الرجلين.

اقرأ ايضاً
بوركينا فاسو أرض "الرجال الصادقين" الغارقة بوحل الأزمات.. 60 عرقية و8 انقلابات ومثلث موت التهم 40% من مساحتها

ومنذ الأيام الأولى للحرب، كان جونسون أول زعيم أوروبي يزور كييف، كما أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصفه بالصديق الأوفى للشعب الأوكراني، ورغم تنحيه عن منصبه، فإن زيارات جونسون إلى كييف لم تتوقف، وحاليا يقود الجهود الأوروبية لدعم أوكرانيا.

ويجوب جونسون العالم لحشد الدعم من أجل أوكرانيا والتأكيد على ضرورة هزيمة بوتين في هذه الحرب، مما دفع زيلينسكي لمنحه وسام “الحرية”، وبهذا يكون الزعيم الأوروبي الوحيد الذي منحته كييف هذا الوسام.

  • خطأ القرم

في ورقة بحثية للمجلس الجيوإستراتيجي البريطاني، يظهر أن بريطانيا منذ عام 2015 وهي تعمل على أن لا يتكرر خطأ استيلاء روسيا على القرم، ولهذا أطلقت عملية تحت اسم “أوربيتال”، دربت من خلالها 18 ألف جندي أوكراني، إضافة للدعم بالأسلحة وتخصيص 1.25 مليار جنيه إسترليني (1.5 مليار دولار) من أجل تحديث الأسطول البحري البريطاني، وإرسال المقاتلات البريطانية والسفن الحربية لمراقبة البحر الأسود.

لندن تصنف روسيا كأخطر تهديد على الأمن القومي البريطاني (رويترز)
سوناك قام بزيارة مفاجئة لكييف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (رويترز)
  • عقيدة عسكرية

مباشرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية عن رؤيتها الإستراتيجية، التي تصنف روسيا كأخطر تهديد على الأمن القومي البريطاني.

وحتى قبل الحرب في أوكرانيا، كانت المناوشات لا تتوقف بين الطرفين، لعل أخطرها ما وقع في البحر الأسود في 2021 عندما أطلقت البحرية الروسية طلقات تحذيرية قرب مدمرة بريطانية كانت تمر في البحر الأسود، وفي السنة نفسها أطلقت طائرة روسية عسكرية صاروخا قرب سلاح الجو البريطاني فوق البحر الأسود.

  • خلف واشنطن دائما

تبحث بريطانيا من خلال دعمها الكبير لأوكرانيا عن أن تكون دائما لصيقة بالسياسة الأميركية بخلاف التحفظ الأوروبي، وتبعث لندن برسالة إلى واشنطن مفادها أن الحلف الإستراتيجي بين البلدين لم يعد رهينا بالقرار الأوروبي، ولهذا يقول كثيرون إن السياسة الخارجية والدفاعية البريطانية ما هي إلا صدى للسياسة الأميركية.

ولعل تصدر بريطانيا المشهد في إرسال الدبابات قبل واشنطن وألمانيا كان بمثابة عامل مساعد لواشنطن في إقناع ألمانيا خصوصا على إرسال دباباتها من طراز “ليوبارد” (Leopard).

  • رأي عام مساند

أظهر استطلاع رأي لمؤسسة “إيبسوس” (Ipsos) أن البريطانيين يتصدرون كل الشعوب الأوروبية في دعم أوكرانيا، ويؤيد 80% من البريطانيين استمرار تقديم الدعم لأوكرانيا، ويرون أن عدم الوقوف في وجه روسيا سوف يشجعها على الانتقال نحو المزيد من الدول الأوروبية.

  • حسابات سياسة

تحولت الحرب الأوكرانية إلى موضوع مزايدات سياسية بين حزبي العمال والمحافظين البريطانيين، فبينما يرى حزب المحافظين الحاكم أن دعم أوكرانيا في حربها هو ورقته الرابحة الوحيدة المتبقية بعد تراجع شعبيته بشكل كبير، دخل حزب العمال على الخط بقوة، حيث طالب وزير الدفاع في حكومة الظل جون هيلي بالمزيد من تصنيع الأسلحة والمزيد من الدعم لأوكرانيا بالعتاد، ويحاول حزب العمال أن يظهر أنه سيكون داعما أكبر لكييف من المحافظين في حال الوصول إلى الحكم.

  • حلفاء جدد

تطبق بريطانيا مقولة “عدو عدوي صديقي”، وهو ما فتح لها الباب لعقد تحالفات جديدة مع دول أوروبا الشرقية مثل بولندا ودول البلقان الغاضبة في الكثير من الأحيان مما تراه تباطؤا أوروبيا (خصوصا من ألمانيا وفرنسا) في دعم أوكرانيا في حربها، وتخدم هذه التحالفات إستراتيجية بريطانيا العسكرية الراغبة في التمدد شرقا من البحر الأسود نحو المحيط الهادي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى