ما أهمية تشكيل قوة دولية لمواجهة قرصنة الحوثي في البحر الأحمر؟
تعيش المياه الدولية في البحر الأحمر حالة من التوتر؛ قرصنة الحوثي في البحر الأحمر مع قيام مليشيا الحوثي باختطاف سفينة إماراتية، بالتزامن مع سعي السعودية إلى ردع المخاطر الإيرانية وذراعها المتمثلة بالحوثيين على حركة الملاحة الدولية.
وبدأت السعودية مبكراً بإرسال تحذيرات للحوثيين باستخدام القوة لمواجهة ما أسمته قرصنة الحوثي في البحر الأحمر، وسط تحذيرات من أن تتحول التوترات هناك إلى أزمة دولية.
وأمام ما قام به الحوثيون بدأت السعودية بتنفيذ تدريبات عسكرية مع قوات مصرية وأردنية، قالت إنها تهدف لرفع الجاهزية والقدرة القتالية، ما قد يطرح تساؤلات حول ما إن كانت الرياض تخطط لطرح تشكيل قوة بحرية دولية لمواجهة التهديدات التي تواجه المياه الدولية بالبحر الأحمر.
تدريبات عسكرية
بعد أيام وجيزة من سطو الحوثيين، في الـ3 من يناير 2022، على سفينة شحن تحمل العلم الإماراتي قبالة سواحل مدينة الحديدة على البحر الأحمر، أجرت القوات السعودية، في الـ9 من ذات الشهر، تدريبات عسكرية كلاً على حدة مع القوات المصرية والأردنية، وتستمر عدة أيام.
وتابعت: “كما يهدف التمرين إلى تعزيز التعاون العسكري بين السعودية والأردن، خاصة في مجال تبادل الخبرات في مجال القتال”.
وفي موضوع متصل قال بيان للجيش المصري: إنه بدأ بتدريب مشترك “يستمر لعدة أيام بالسعودية مع القوات في
المملكة”، وبدأ بـ”اصطفاف قوات من عناصر المشاة والمدرعات والصاعقة والمظلات وعناصر دعم من الأسلحة التخصصية المختلفة (لم يسمها)”.
ووفق البيان: “يعد التدريب المشترك “تبوك 5” (اسم المدينة المطلة على البحر الأحمر) واحداً من أكبر التدريبات
المشتركة بين البلدين من حيث حجم القوات المشاركة وتنوع الأنشطة التدريبية”.
وقال البيان إنه يأتي أيضاً “تأكيداً لعمق علاقات التعاون العسكري وتنامي الشراكة المثمرة بين القوات المسلحة
المصرية والسعودية؛ بهدف تنسيق الجهود لمواجهة التحديات المشتركة بالمنطقة”.
احتجاز السفينة الإماراتية
تأتي التدريبات في ظل استمرار احتجاز الحوثيين لسفينة شحن تحمل علم الإمارات قبل أيام، وسط مطالبات عربية
وغربية باحترام سلامة وحرية الملاحة في البحر الأحمر وإطلاق السفينة فوراً.
وقال التحالف العربي آنذاك، إن مليشيا الحوثي اختطفت سفينة شحن تحمل العلم الإماراتي قبالة سواحل مدينة الحديدة
على البحر الأحمر، موضحاً أن “سفينة الشحن (روابي)، التي تعرضت للقرصنة الحوثية، كانت تقوم بمهمة بحرية من جزيرة سقطرى إلى ميناء جازان”.
وأشار البيان إلى أن “السفينة كانت تحمل على متنها كامل المعدات الميدانية الخاصة بتشغيل المستشفى السعودي
الميداني بالجزيرة بعد انتهاء مهمته، وإنشاء مستشفى بالجزيرة”.
من جانبه أكد المتحدث باسم الحوثيين اختطاف السفينة، قائلاً: “ضبطنا سفينة عسكرية إماراتية على متنها معدات
دخلت المياه اليمنية”، مشيراً إلى أن “السفينة الإماراتية دخلت المياه اليمنية دون ترخيص، ومارست أعمالاً عدائية”.
وعادة ما تتهم واشنطن وعواصم خليجية، منها الرياض، إيران بأنها تضر الملاحة بالبحر الأحمر، وتدعم عناصر
مسلحة كالحوثيين لتنفيذ أهدافها، وهو ما تنفيه طهران عادة، وتسعى لتفاهمات إيرانية خليجية بالآونة الأخيرة.
ضرورة مجدية
يؤكد الباحث في مركز واشنطن للدراسات اليمنية سيف المثنى، أن الأبعاد الاستراتيجية الحالية “توحي للوهلة الأولى
بضرورة التعاون المصري السعودي في البحر الأحمر بما يحمله من قيمة استراتيجية”.
ويشير إلى ضرورة أن يظل البحر الأحمر آمناً، “بحيث تكون هناك قوات دفاعية مشتركة تحميه وتحول دون تمكين
القراصنة ومن يحاولون ممارسة الإرهاب، خصوصاً في المناطق الجنوبية منه”، في إشارة إلى التهديدات الحوثية.
كما يؤكد ل” ضرورة تشكيل قوة عربية دولية لحماية البحر والممرات الدولية من القرصنة الإيرانية والتهديد المستمر، “خاصة بوجود تذرع إيراني ومحاولات منها لتعزيز نفوذها العسكري في تلك المنطقة؛ بداعي
الهيمنة وحماية نفسها من الحصار الأمريكي المفروض عليها، والتهديدات المستمرة لضربها عسكرياً”.
ويجدد تأكيد أن الخيار الأمثل أمام كل ذلك هو انتشار القواعد العسكرية في البحر الأحمر، “بضرورة التركيز على
تعزيز التعاون العربي والإسلامي للحفاظ على البحر الأحمر، وتشكيل قوة مشتركة”.
ويلفت المثنى أيضاً إلى امتلاك الولايات المتحدة قواعد عسكرية متمركزة في محيط باب المندب، وخصوصاً في جيبوتي، مشيراً إلى أنها تعتبر “بادرة لتطور الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما أن
واشنطن تدافع عن أسطولها الخامس ونفوذها في منطقة الخليج، بينما تؤسس الصين لبقاء دائم في المنطقة لحماية استثماراتها في أفريقيا، وتأمين إمداداتها النفطية”.
ويضيف: “لذلك فإن المنطقة لم تعد فقط ملعباً أمريكياً صينياً إيرانياً سعودياً خالصاً، بل أيضاً فرنسا تمتلك حضوراً
عسكرياً قديماً تجسده قاعدة عسكرية ضخمة في جيبوتي، بموجب اتفاقية دفاع ثنائي وقعت عام 1977، وتتلخص
مهمات القاعدة الفرنسية في جمع المعلومات الاستخبارية، ودعم اللواء الـ13 من الفيلق الأجنبي الفرنسي في الإمارات”.
حاجة ملحة وتجارب سابقة
وتزداد حاجة دول الخليج إلى تشكيل قوة بحرية لحماية سواحلها وناقلاتها مع تزايد الصراع في مياه البحر الأحمر
والخليج، واحتمالية ضرب سفن تتبع لدول مجلس التعاون، إضافة إلى حماية الملاحة الدولية، ووقف الخسائر المالية.
ولا تزال التهديدات البحرية مستمرة في مواجهة الأمن البحري الخليجي، والتي كان آخرها استهداف السفينة
الإماراتية واحتجازها، إضافة إلى إحباط التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن محاولات عدائية للهجوم على سفن تجارية سعودية.
ولعل أهمية وجود قوات لمواجهة عمليات السطو على السفن تشير إلى أهمية وجود قوة دولية، لنجاحها سابقاً في
مواجهة القرصنة الصومالية، واتخاذ أساليب المواجهة الاستباقية التي تقوم بها قوات بحرية دولية في منطقة خليج عدن.
وقد أرسل كل من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والصين، خلال السنوات الماضية، سفناً حربية إلى السواحل
الصومالية من أجل حماية خطوط الملاحة البحرية هناك.