الاخبار العاجلةسياسة

خطوط أنابيب الغاز.. هكذا تسيطر روسيا على مفاتيح إنقاذ أوروبا من البرد القارس

لندن- بمجرد إعلان روسيا عن خفض جديد في مستوى ضخ الغاز في خط أنابيب “نورد ستريم” الذي يزوّد ألمانيا وبقية الدول الأوروبية بالغاز، ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا، بنحو 5 أضعاف مقارنة بالسنة الماضية.

وما يزيد من الضغط على الدول الأوروبية هو عجز ألمانيا عن استكمال تخزين كل حاجتها من الغاز استعدادا لفصل الشتاء، وهو الأمر الذي ينبئ عن أزمة اقتصادية لن تبقى في حدود ألمانيا بل ستتخطّاها إلى كل أوروبا، ذلك أن ألمانيا الاقتصاد الأكبر في أوروبا، وهي أيضا أكثر دولة أوروبية تعتمد على الغاز الروسي.

وتتهم دول الاتحاد الأوروبي روسيا بابتزازها بورقة الغاز، لزيادة الضغط على الأوروبيين لتخفيف العقوبات المفروضة على موسكو، في حين تقول روسيا إن الغاز “منتج روسي، وروسيا لها الحق في تحديد قواعد التصدير”، وذلك يعني فتح حرب بين الطرفين بسلاح الغاز.

ما أنواع خطوط أنابيب الغاز بين روسيا وأوروبا؟

هناك 4 خطوط لمدّ الغاز من روسيا إلى أوروبا، ويتعلق الأمر بخط “نورد ستريم 1” وهو الخط الأهم الذي يثير حاليا كثيرًا من الجدل، ويربط روسيا بألمانيا عبر بحر بلطيق، وله قدرة على إرسال نحو 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.

ثم هناك خط “يامال-أوروبا” الذي يعبر بولندا وبيلاروسيا وصولا إلى ألمانيا، وله قدرة على ضخ 33 مليار متر مكعب من الغاز في السنة، إلا أن روسيا قامت بإغلاقه ردًّا على العقوبات الأوروبية.

ثم هناك خط “بلو-ستريم” الذي يعبر من أوكرانيا، وله قدرة على ضخ 16 مليار متر مكعب، وأخيرا خط “ترك ستريم” وله قدرة على ضخ 31.5 مليار متر مكعب من الغاز.

لماذا خط “نورد ستريم” هو الأهم لأوروبا؟

يمتد خط أنابيب “نورد ستريم 1” على طول 1200 كيلومتر، ويمر عبر بحر البلطيق من الساحل الروسي القريب من سانت بطرسبورغ إلى شمال شرقي ألمانيا، وافتُتح هذا الخط سنة 2011 وله قدرة على إرسال 170 مليون متر مكعب من الغاز يوميا بحد أقصى.

وتديره شركة “Nord stream AG” المملوكة بالأغلبية لشركة “غاز بروم” الروسية، وكانت ألمانيا قبل الحرب تحصل على 55% من حاجتها من الغاز من روسيا وتحديدا من هذا الخط، قبل أن تخفض هذه النسبة إلى 26% مع نهاية شهر يونيو/حزيران من العام الحالي.

كيف قلصت روسيا من إمدادات الغاز نحو أوروبا؟

في شهر مايو/أيار من العام الحالي أعلنت شركة “غاز بروم” الروسية إغلاق خط الغاز “يامال-أوروبا” الذي كان يزوّد ألمانيا وعددا من الدول الأوروبية بالغاز.

بعد ذلك، وفي شهر يونيو/حزيران قامت روسيا بتقليص حجم الضخ في خط “نورد ستريم 1” بنسبة 75% لينتقل مستوى الضخ اليومي من 170 مليون مكعب من الغاز إلى 40 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، وبعد ذلك سوف يُعلن عن إغلاق الخط 10 إيام بسبب مشاكل تقنية.

اقرأ ايضاً
السعودية ومصر تؤكدان ضرورة التزام إيران بتجنب الأنشطة المزعزعة للاستقرار

وحاليا، بعد عودة الضخ إلى الخط نفسه، أعلنت روسيا تقليص الضخ من جديد، وهكذا أصبح معدل الضخ اليومي لا يتجاوز 20 مليون متر مكعب في اليوم، وذلك أدى إلى ارتفاع جديد في أسعار الغاز في أوروبا، وحاليا فإن أسعار الغاز هي أكثر من مثيلاتها في العام الماضي بنحو 450%.

ما حجم الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي؟

حسب تقرير لوكالة الطاقة الدولية، فقد تراجع اعتماد أوروبا على الغاز الروسي بعد الحرب في أوكرانيا، ففي عام 2021 استورد الاتحاد الأوروبي ما يزيد على 380 مليون متر مكعب في اليوم من الغاز، عبر مختلف خطوط الأنابيب، وهو ما يمثل نحو 140 مليار متر مكعب للعام بأكمله، ومثلت ورادات الغاز الروسي 45% من مجموع واردات أوروبا من الغاز، في المقابل دفعت أوروبا نحو 440 مليار دولار لروسيا مقابل الغاز.

وهذه قائمة أكثر الدول الأوروبية استيرادا للغاز الروسي سنة 2021:

ألمانيا: 6 مليارات متر مكعب.

إيطاليا: مليارا متر مكعب.

بيلاروسيا: 8 مليارات متر مكعب.

هولندا: 7 مليارات متر مكعب.

هنغاريا: 6 مليارات متر مكعب.

ماذا سيحدث لألمانيا من دون الغاز الروسي؟

حسب توقعات مؤسسة “معهد كيل للاقتصاد العالمي” (Kiel Institute for the World Economy)، إذا استمرت روسيا في ضخ الغاز في خط “نورد ستريم” بنسبة 40% فقط من قدرته الاستيعابية، فإن ألمانيا ستكون قادرة على تجاوز فصل الشتاء القادم من دون الحاجة لأي تقليص في استهلاك الطاقة، وهذا راجع إلى رفع ألمانيا لنسبة استيرادها من الغاز الروسي منذ بداية الحرب.

أما السيناريو الأسوأ الذي يتوقعه المعهد الاقتصادي فهو أن تعجز ألمانيا عن الوصول إلى تخزين كل ما تحتاج إليه من الغاز قبل بداية موسم البرد، فحينئذ سوف يتكبد الاقتصاد الألماني خسائر بقيمة 283 مليار يورو في السنة.

هل تبتز روسيا أوروبا بملف الغاز؟

يرفض الباحث في معهد “the Global Policy Institute” جورج سامويلي -في حديثه مع الجزيرة نت- وصف ما تقوم به روسيا بأنه “تسليح للغاز”، مذكرا بأن ألمانيا من قامت “بتجميد الأعمال في خط نورد ستريم 2″ في شهر فبراير/شباط، كما أن الاتحاد الأوروبي هو من أعلن أنه سيحظر مصادر الطاقة من روسيا، ولذا فأوروبا من بدأ باستعمال هذه الورقة للضغط على روسيا”.

ووصف مؤلف كتاب “قنابل من أجل السلام” (Bombs for Peace) أن ما قام به الأوروبيون هو “مقامرة خاطئة عندما رفعوا سقف العقوبات ووضعوا أنفسهم في حالة من الفوضى”، مضيفا أن القادة الأوروبيين “لم يضعوا بالحسبان الخسائر الاقتصادية الكبيرة لجائحة كورونا” وأن أسواقهم تخرج حديثا من مرحلة حرجة؛ “فقاموا بسنّ إجراءات ستزيد من تضرر الاقتصاد الأوروبي”.

ويلقي جورج سامويلي باللوم بالكامل على القادة الأوروبيين، “لأنهم في كل مرة يعلنون توجههم إلى التخلي عن الطاقة الروسية، ولكن مع اقتراب الشتاء والبرد يظهر أنهم غير قادرين على ذلك، فلماذا يتهمون روسيا الآن بتسليح الغاز؟”.

وتوقع المتحدث ذاته أن أزمة الطاقة سوف تظهر واضحة في فصل الخريف، “وسوف تؤثر على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في أوروبا خصوصا مع تضرر ألمانيا التي تعدّ الاقتصاد الأكبر في أوروبا”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى