الاخبار العاجلةسياسة

باكستان بحاجة ماسة للطاقة.. هل تجدها لدى إيران؟ وما الذي يعيق التعاون بينهما؟

إسلام آباد- في تطور جديد، صرّح وزير المالية الباكستاني مفتاح إسماعيل، أن إيران لديها القدرة على سد احتياجات بلاده من الغاز والطاقة.

وقال إسماعيل، خلال لقاء مع وكالة (إرنا) الإيرانية، إن وزير البترول الباكستاني يحاول استيراد الغاز، والخيار الإيراني ما يزال على الطاولة. مضيفا أن حكومته مستعدة لتعزيز العلاقات مع إيران في جميع القطاعات وخاصة التجارة الثنائية.

ويضيء هذا التصريح من جديد على العلاقات الباكستانية الإيرانية، وهما من بين البلدان الأكثر تأثيرا في السياسات الإقليمية والعالمية حاليا، وتربطهما حدود مشتركة ومصالح متشابكة وتنافس خفي وتوترات بين الفينة والأخرى.

epa07521057 A handout photo made available by the presidential office shows Iranian President Hassan Rouhani (R) talks to Pakistani Prime Minister Imran Khan (L) during a welcome ceremony in Tehran, Iran, 22 April 2019. The media reported that Imran Khan is in Tehran to meet the Iranian officials. EPA-EFE/IRANIAN PRESIDENTIAL OFFICE / HANDOUT HANDOUT EDITORIAL USE ONLY/NO SALES
الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني (يمين) في لقاء مع رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان لدى زيارته طهران عام 2019 (الأوروبية)

 

ما حاجة باكستان إلى مصادر الطاقة الإيرانية؟ وإلى أي مدى يمكنها التعامل مع إيران في مجال الطاقة؟

تعاني باكستان من نقص مصادر الطاقة، وشهدت في الشتاء الماضي أزمة كبيرة بسبب نقص الغاز. وكدولة نامية، فإنها بحاجة إلى مصادر الطاقة المتنوعة، ولهذا فإن إيران تعد خيارا جيدا نظرا لتنوع مصادر الطاقة لديها وبشكل خاص الغاز الطبيعي.

عام 2010، تم توقيع اتفاق “مشروع السلام” لتوصيل الغاز الإيراني إلى باكستان، لكن بالرغم من فائدة المشروع للطرفين، إلا أن إسلام آباد لم تكمل المشروع من جانبها. ولعل أبرز أسباب تراجعها عن المشروع هي العقوبات المفروضة على إيران، بالإضافة إلى الحالة الأمنية المتراجعة في إقليم بلوشستان الواقع على طول حدودها مع إيران.

ويقول السفير الباكستاني السابق لدى إيران آصف علي دوراني، للجزيرة نت، إن التعاون في مجال الطاقة يتعلق بمدى حاجة بلاده لذلك، وهي بحاجة ماسة فعلا. كما يعتمد على موافقة إيران على توفير الغاز بنظام الدفعات المؤجلة على غرار ما تقدمه دول الخليج لباكستان.

ويؤكد على ذلك شاكيل راماي الخبير الاقتصادي ورئيس المعهد الآسيوي لبحوث الحضارة والتنمية في إسلام آباد، الذي قال للجزيرة نت، إن باكستان ستستفيد كثيرا من مصادر الطاقة الإيرانية والتي يعتقد أنها ستكون أقل تكلفة. لكنه تساءل أيضا حول موقف إيران من توفير مصادر الطاقة بنظام الدفعات المؤجلة.

ولدى سؤال السفير السابق دوراني حول تأثير هذه التحركات على العلاقات الباكستانية السعودية، قال إنها لا يجب أن تتأثر بسبب تعاون باكستان مع إيران في مجال الطاقة التي تعد حاجة ضرورية بالنسبة لنا. كما أن السعودية تتعامل مع دول كثيرة حول العالم في هذا المجال ومن ضمنها الهند.

في حين يرى رئيس معهد الدراسات السياسية في إسلام آباد خالد رحمن، في حديث للجزيرة نت، أن التحركات الأخيرة هي بمثابة انفتاح جديد في العلاقات قائم على مبدأ وضع آلية للتعاون الثنائي في ظل وجود العقوبات على إيران، من أجل تحقيق المصالح المشتركة لكلا البلدين.

هل تكمل حكومة شهباز شريف انفتاح حكومة عمران خان السابق مع إيران؟

في هذا السياق يرى السفير دوراني، أن الأمر لا يتعلق بأجندة أي حكومة باكستانية، بل في المقام الأول بالمصلحة الوطنية. و”القرار فيها بيد المؤسسات الوطنية التي تحدد مسار العلاقات الخارجية لباكستان”.

ويؤكد على ذلك الخبير في العلاقات الخارجية محمد مهدي، قائلا إنه لا يرى أن حكومة معينة قامت بالانفتاح على إيران. واستشهد بجهود الرئيس السابق آصف زرداري، ورئيس الوزراء السابق نواز شريف، وجهود الوساطة الذي بذلها الأخير بين إيران والسعودية.

اقرأ ايضاً
غارديان: بعد رحيل إليزابيث الثانية.. أهوال الإمبراطورية وحقائقها المؤلمة تتكشف

ويعتقد مهدي، في حديث للجزيرة نت، أن حكومة شهباز شريف ستحافظ على العلاقات مع إيران في مسارها الطبيعي ووفقا للإستراتيجية الباكستانية الخاصة.

صورة لميناء جوادر في إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان.
ميناء غوادر أحد أهم المنشآت الاقتصادية الإستراتيجية في إقليم بلوشستان على الحدود الإيرانية جنوب غرب باكستان (رويترز)

ما طبيعة العلاقات الباكستانية الإيرانية؟

منذ استقلال باكستان في عام 1947 وحتى الآن، شهدت علاقاتها بإيران صعودا وهبوطا، فمنذ الخمسينيات والستينيات مرورا بالسبعينيات ونجاح ثورة الخميني وصولا إلى التسعينيات إبان الحرب الأهلية في أفغانستان، وحتى الوقت الحالي؛ مرّت العلاقات بتقلبات كثيرة.

ويصف آصف دوراني هذه العلاقات بالثابتة والمستقرة. ويقول “بالنسبة لنا في باكستان فإن إيران جارة لنا، والدول الأخرى في الشرق الأوسط تعد من الشركاء الإستراتيجيين”. بينما تسعى باكستان، وفق السفير السابق، إلى الحياد في قضايا الشرق الأوسط، وتحاول الوساطة بين إيران والسعودية.

ويقول الخبير السياسي خالد رحمن، إن باكستان وإيران، “ليستا على توافق تام حتى الآن، وهذا يتعلق في المقام الأول بالعوامل والمؤثرات الخارجية، وأهم هذه العوامل علاقات باكستان وإيران الخارجية مع الدول الأخرى”.

ويقول الخبير محمد مهدي، إن مشكلة باكستان هي أنها لا تستطيع تجاهل أميركا في هذا الصدد، وهذا هو السبب في أنها تتخذ في بعض الأحيان خطوة إلى الأمام، ثم تتراجع.

ما أبرز المصالح المشتركة وأبرز الخلافات بين باكستان وإيران؟

المصالح الاقتصادية والتبادلات التجارية: وهي أحد أكبر العوامل التي تحافظ على العلاقات بين البلدين، ولذلك يرى الطرفان ضرورة تعزيز الروابط التجارية بينهما كفرصة لخلق مستقبل اقتصادي متقدم لكليهما، وذلك لعدة أسباب:

  • الموقع الجغرافي: يرى البعض أن الموقع الجغرافي للبلدين يجعل لهما أهمية كبيرة في إطار “مبادرة الحزام والطريق” الصينية. ويقول الخبير الاقتصادي شاكيل راماي، إن هناك فرصة لضم إيران إلى مبادرة الحزام والطريق؛ فباكستان وإيران تعتبران جزءا من المبادرة. بينما يقول الخبير محمد مهدي إن ذلك سابق لأوانه نظرا لعدم اتضاح مستقبل العقوبات المفروضة على إيران.
  • التعاون في مجال الطاقة: حيث تعتبر إيران من أبرز الدول المنتجة لمصادر الطاقة، كما أن باكستان تستورد الكهرباء من إيران. وفي ظل حاجة الأخيرة الماسة للطاقة، وحاجة إيران لتحسين اقتصادها، فإن التعاون في هذا المجال يعد من أهم المصالح المشتركة لكليهما.
  • التعاون في مجال الأمن: حيث تشهد الحدود المشتركة وضعا من عدم الاستقرار الأمني بين الفينة والأخرى، مع وجود جماعات مسلحة تؤثر على أمن البلدين، وقد كانت هناك جهود مشتركة لمحاربة تلك الجماعات.

 من جانب آخر هناك عدد من الخلافات تعيق تعزيز العلاقات بين باكستان وإيران:

  • علاقات البلدين الخارجية: لدى باكستان وإيران علاقات خارجية مستقلة مع عدة دول، فباكستان لديها علاقات مع الولايات المتحدة والسعودية، وفي المقابل، لإيران علاقات قوية مع الهند. وهذا ما يؤثر في كثير من الأحيان على العلاقات بينهما.
  • الملف الأفغاني: وهو خلاف قديم حديث بين إسلام آباد وطهران حول سياسات طالبان في حكمها الأول. وبالرغم من تحسن العلاقات حاليا بين طالبان وإيران، إلا أن خلاف إيران وباكستان ما يزال مستمرا، حيث يسعى كلا الطرفين لتعزيز نفوذهما في أفغانستان. ويقول الخبير السياسي خالد رحمن إن أصعب فترة في تاريخ العلاقات كانت في التسعينيات من القرن الماضي، خلال الحرب الأهلية في أفغانستان؛ حيث كانت باكستان وإيران يدعمان طرفي الصراع.
  • الصراعات المذهبية: يشكل الشيعة ما نسبته 15-20% من سكان باكستان، وتنتشر المراكز الثقافية الإيرانية بشكل كبير هناك. كما أن البعض ينظر إلى باكستان على أنها ساحة للمنافسة السعودية الإيرانية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى