الاخبار العاجلةسياسة

تايمز: على الغرب التعلم من التاريخ والتعامل مع روسيا بطريقة جديدة

حثّ تقرير نشرته صحيفة تايمز البريطانية قادة الغرب على تغيير طرق تعاملهم مع موسكو، قائلا إن قراءة التاريخ تقتضي ذلك، وإن مشكلة الغرب ليست بوتين بل روسيا نفسها.

وأورد التقرير -الذي كتبه محرر الصحيفة لشؤون أوروبا بيتر كونرادي- أن روسيا لن تتخلى عن تأكيد نفسها كقوة مهيمنة في منطقتها الجغرافية الشاسعة إذا استمر بوتين في الحكم أو خلفه أي روسي آخر.

وقال كونرادي -الذي كان مراسلا للصحيفة في موسكو خلال حكم ميخائيل غورباتشوف؛ آخر رئيس في الحقبة السوفياتية- يجب على المجتمع الدولي أن ينزع -بطريقة ما- فتيل التوترات مع روسيا.

جذور العنف الروسي

وأوضح أن جذور الحروب التي خاضتها روسيا منذ التسعينيات تكمن في الأعمال غير المكتملة لعام 1991، عندما تفكك الاتحاد السوفياتي إلى 15 جمهورية على طول حدود داخلية اعتباطية في كثير من الأحيان وتحولها بين عشية وضحاها إلى حدود بين دول ذات سيادة، مشيرا إلى أن ذلك ترك إرثا ساما متمثلا في وجود 25 مليون شخص من أصل روسي وجدوا أنفسهم يعيشون في بلدان أجنبية.

ويضيف الكاتب أن هذا الانتقال السلمي أدى فقط -وإلى حد كبير- إلى تأجيل أعمال العنف؛ فقد تم في ما بعد سحق الشيشان الذين يقع وطنهم داخل روسيا نفسها بوحشية في حربين دمويتين عندما حاولوا الخروج من روسيا، وساعدت الحرب الثانية منهما بوتين على تعزيز سلطته.

وكان غزوه جورجيا عام 2008 ظاهريا لحماية الأوسيتيين (أقلية موالية لروسيا) مما زعمت موسكو أنه “إبادة جماعية” من قبل السلطات الجورجية.

لكن كانت “خسارة” أوكرانيا -كما يقول كونرادي- هي التي أثارت غضب بوتين بشكل خاص، بسبب حجمها وأصولها المشتركة مع روسيا منذ أكثر من ألف عام.

وجهة نظر أغلب الروس

ويؤكد كونرادي أن قناعة بوتين التي تكررت عشية “الغزو” في فبراير/شباط الماضي بأن أوكرانيا لم تكن لديها دولة حقيقية خاصة بها لا تعكس وجهة نظره فحسب، بل وجهة نظر العديد من مواطنيه؛ فقد رأى نحو 64% من الروس أنهم والأوكرانيين يمثلون “شعبا واحدا”، وفقا لاستطلاع في ذلك الشهر. ولم يكن ذلك ثمرة عقود من دعاية الكرملين فقط، بل أيضا ثمرة قرون من الروابط الثقافية والتاريخية واللغوية الوثيقة.

اقرأ ايضاً
مقال بالتلغراف: هل ينتصر بوتين على الغرب في حرب الذخائر؟

وأشار الكاتب إلى أن محاولات متعثرة لدمج روسيا في الغرب قد جرت في التسعينيات، لكن الكرملين ظل حذرا من الانضمام إلى تحالف يكون فيه عضوا صغيرا بينما ضمنت ترسانته النووية مقعدا له على طاولة العالم.

ويستشهد الكاتب بالرأي الذي عبر عنه الدبلوماسي الأميركي الشهير هنري كيسنجر، الذي وجه اللوم لأميركا لدفعها الكرملين في زاوية من خلال توسيع الناتو إلى حدوده.

وأصر كيسنجر على أنه كان من الأفضل لو ظلت أوكرانيا (يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة على مساحة أكبر من فرنسا) منطقة عازلة محايدة بين روسيا والغرب.

اهتمام ضيق للغرب

ومع ذلك -يقول كونرادي- كان هناك نقاش قليل في الغرب حول إخفاقات السياسة الغربية منذ أن شنت روسيا “غزوها”، وتركز الاهتمام على تقدم الصراع، ومقاومة أوكرانيا وحشية “الغزاة”.

وظل القادة الغربيون -باستثناء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون- صامتين إلى حد كبير بشأن كيفية التعامل مع روسيا الآن ومتى انتهى الصراع.

وقال الكاتب يبدو أن صانعي السياسة في واشنطن ولندن يميلون إلى الأمل في أن يحل لهم الأوكرانيون المشكلة في ساحة المعركة من خلال طرد القوات الروسية من بلادهم؛ وبعد ذلك بوقت قصير رحيل بوتين المهين من الكرملين.

وأكد أنه من غير المرجح أن تختفي التوترات التي جرت في السنوات الأخيرة بين الشرق والغرب مع مغادرة بوتين الكرملين.

دعوة للعمل البنّاء مع روسيا

وأشار الكاتب إلى أن روسيا ستخرج ضعيفة ومعزولة بسبب مغامرتها العسكرية الكارثية في أوكرانيا، لكن وبغض النظر عمن سيخلف بوتين، سيتعين على أميركا وأوروبا إيجاد طريقة للعمل بشكل بنّاء مع البلد الذي أملى مساره على مدى العقدين الماضيين، ومن غير المناسب السماح له بالبقاء غاضبا يلقي بظلاله على أوراسيا.

وختم كونرادي تقريره داعيا روسيا لتغيير نفسها، تماما كما فعلت ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وكما فعلت دول أوروبا الغربية بعد قبول خسارة مستعمراتها، كما حثها على أن تتخلى عن عقليتها الإمبريالية مثل الإمبراطوريات السابقة قبلها، وتقبل أن أوكرانيا وأراضيها السابقة الأخرى قد سلكت طريقها المنفصل، وعليها أن تتعلم خلق عظمتها بإنجازاتها المحلية وليس على حساب جيرانها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى