الاخبار العاجلةسياسة

إلغاء زيارة عباس كامل لتل أبيب ورئيس الشاباك يطير للقاهرة.. ما الذي يحدث بين مصر وإسرائيل؟

القدس المحتلة – القاهرة – تساؤلات عدة أثارتها زيارة رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار للقاهرة واجتماعه برئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل.

ويرى خبراء ومحللون أن الزيارة تأتي في محاولة لتهدئة التوتر المتصاعد بين البلدين في الفترة الأخيرة، وذلك لأسباب عدة أبرزها تجاهل إسرائيل لالتزامات وقف إطلاق النار في قطاع غزة قبل أسبوعين، فضلا عن اكتشاف مقبرة جماعية لجنود مصريين قضوا في حرب عام 1967.

وأقر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس -اليوم الاثنين- بوجود أزمة في العلاقة مع مصر على خلفية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.

وقال غانتس -في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية- إن مصلحة مصر وإسرائيل تتطلب تجاوز الأزمة الحالية بين البلدين، مضيفا “مصر لاعب إقليمي رئيسي ومن أهم أصدقاء إسرائيل؛ البَلَدان في بعض الأحيان تكون بينهما تقلبات، والطرفان سيجدان الطريقة لإعادة الاستقرار”.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية قالت أمس الأحد، إن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار توجه إلى مصر، لبحث اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والحفاظ على حالة الهدوء في القطاع، وإن رئيس الشاباك سيلتقي رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل الذي ألغى زيارته لإسرائيل، احتجاجا على تدهور العلاقات بين القاهرة وتل أبيب بعد العملية العسكرية في غزة.

قبر جماعي

يعتقد الإعلامي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية يواف شتيرن، أن أصل الأزمة بين إسرائيل ومصر يعود إلى كشف النقاب عن قبر جماعي لنحو 80 جنديا مصريا في منطقة دير اللطرون قضاء القدس، قتلوا خلال معارك حرب يونيو/ حزيران العام 1967، وأقيم على القبر الجماعي موقع سياحي وموقف للسيارات.

وبما يخص توتر العلاقات بين إسرائيل ومصر، منذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بوساطة القاهرة، أوضح شتيرن للجزيرة نت أن هذا التوتر في العلاقات يأتي إثر رفض إسرائيل طلب مصر لجم العمليات العسكرية في الضفة الغربية وضد حركة الجهاد الإسلامي، وهو ما أحرج مصر ومس بصورتها ومكانتها ونفوذها وحضورها الإقليمي.

ويرى شتيرن أن انتداب الوفد الأمني الإسرائيلي برئاسة بار للقاهرة، يشير إلى عمق التوتر والأزمة بين البلدين، خصوصا مع إطلاق الجيش المصري مناورات عسكرية بمشاركة السعودية والإمارات واليونان وقبرص، وغياب تام لإسرائيل، التي كانت في السابق بشراكة وتنسيق أمني وعسكري مع القاهرة بأي مناورات إقليمية، وذلك قبل الكشف عن القبر الجماعي للجنود المصريين.

إحراج السيسي

‏الموقف ذاته عبر عنه المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، الذي أكد أن الأزمة بين تل أبيب والقاهرة بدأت قبل أكثر من شهرين، بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي عن إسقاط طائرة مسيرة مصرية تسللت إلى إسرائيل عبر الحدود، مما تسبب بإحراج المصريين.

واستعرض المحلل العسكري مجمل الأحداث الأخيرة التي فاقمت أزمة العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن إسقاط المسيرة المصرية كان البداية، وفي ظل محاولات الوفود الأمنية لاحتواء الأزمة بين البلدين؛ تم الكشف عن مقبرة الجنود المصريين، وما فاقم الأزمة هو نهج إسرائيل عقب العملية العسكرية على قطاع غزة.

وأوضح أن ما أغضب الجانب المصري وما دفع الأزمة لتطفو على السطح، هو التصريحات الإسرائيلية بالتراجع عن التعهد للقاهرة الإفراج عن الأسير بسام السعدي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، والأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة، وعدم التزام رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد بطلب الرئيس عبد الفاتح السيسي بلجم العمليات العسكرية في الضفة الغربية، وذلك لتجنب تجدد الصدام على جبهة غزة.

رد اعتبار

من جانبه، يعتقد مدير المعهد الإسرائيلي “ميتفيم” المتخصص في السياسات الخارجية لإسرائيل والشرق الأوسط، نمرود جورن، أنه منذ الكشف عن القبر الجماعي للجنود المصريين، تسعى إسرائيل لاحتواء الأزمة وعدم توسيعها، حيث ترى بمصر أهم حليف إستراتيجي سياسي وعسكري في الشرق الأوسط.

اقرأ ايضاً
السلطان هيثم يصل الى السعودية لأول مرة منذ توليه الحكم..

ورغم ذلك يرجح جورن، بأن تل أبيب معنية بالتسوية والتهدئة مع القاهرة وعدم تحويل الخلافات بوجهات النظر أو حتى التصريحات عقب وقف إطلاق النار إلى ما يشبه “كرة الثلج”.

ويقول جورون للجزيرة نت إن إسرائيل انتدبت رئيس الشاباك للقاهرة وسبق ذلك انتداب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حالوتا، وذلك بعد تصعيد مصري وإلغاء زيارة رئيس المخابرات المصرية كامل لتل أبيب، وتحييد إسرائيل عن المناورات العسكرية المصرية “هرقل 2” بمشاركة دولية.

ورجح جورون أن إسرائيل معنية بالتهدئة مع القاهرة وإعادة العلاقات إلى سابق عهدها، حيث لا يستبعد أن يتم رد اعتبار للقاهرة من خلال التحقيق المشتركة بملابسات مقتل الجنود المضرين، وإعادة الجثامين التي عثر عليها بالقبر الجماعي.

وفي سبيل التهدئة مع مصر، لا يستبعد جورون أيضا أن تقدم إسرائيل المزيد من التسهيلات لغزة وتفاهمات بشأن الأسيرين خليل عواودة وبسام السعدي وتقديم تنازلات متدرجة بهذا المجال، وهو ما يمكن أن يكون بمثابة رد اعتبار للقاهرة، كون إسرائيل ستكون بحاجة إليها مستقبلا بحال الصدام العسكري على جبهة غزة.

استرضاء مصر

على الجانب المصري، يقول الخبير العسكري اللواء عبد الرافع درويش إن إسرائيل حريصة على عدم إغضاب مصر، وتوتر العلاقات معها؛ لأنها تعلم جيدا أنها تتمتع بثقل سياسي وعسكري عربي، وهي تدرك ذلك جيدا.

وفيما يتعلق برفات الجنود المصريين في مقبرة اللطرون قرب القدس، أوضح في تصريحات للجزيرة نت، أن إسرائيل بالمخالفة للقوانين والمواثيق الدولية، “كانت تقتل الأسرى المصريين، ولكن لكل حادث حديث، ولن نترك ثأر جنودنا الذين قتلوهم غدرا، والقانون الدولي يكفل لنا استعادة حقوقهم”.

من جهته، يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبد الله الأشعل، إن “وجود إسرائيل مرهون برضى مصر؛ لذلك هي لا تكترث بأي دولة عربية بقدر ما تكترث بمصر باعتبارها الدولة المحورية في المنطقة، في الوقت نفسه فإن برنامجها الصهيوني مخصص للقضاء على مصر، وحكام مصر يعلمون ذلك جيدا”.

وأكد الأشعل في حديثه للجزيرة نت، أن إسرائيل تعمل ألف حساب للجيش المصري، ولا ترغب في وجود جيش مصري قوي أو استقرار حقيقي في البلاد خاصة في شبه جزيرة سيناء، فمن يزود الجماعات الإرهابية بالأسلحة، ويمولها بالمال، ويمنحها المعلومات، ويدخلهم سيناء سوى الإسرائيليين وهذا غير بعيد عن نظر القيادة المصرية، بحسب تعبيره.

واعتبر الأشعل أن حرص إسرائيل على استرضاء مصر، وعدم وجود أي توتر في العلاقات بين البلدين لا يعني أن هناك ثقة دائمة؛ بالتالي مصر تعلم جيدا أنها ليست مخلصة لها ولا لأي بلد عربي آخر، وهذا التوتر الموجود الذي يتكرر من وقت لآخر يترك ندوبا بين البلدين.

واستبعد أن يكون للمناورات العسكرية الحالية “هرقل” بين مصر وعدد من الدول العربية والمنطقة أي علاقة بالتوتر القائم، مشيرا إلى أنها تأتي ضمن اتفاقيات وتفاهمات مسبقة بين تلك الدول، لكن في نهاية المطاف إسرائيل تسعى لتهدئة أي توتر.

بدوره، اتفق السياسي ورئيس حزب الجيل المصري ناجي الشهابي مع الأشعل فيما يتعلق بأن إسرائيل لا تريد أي احتقان في العلاقات مع مصر، وقال إن القاهرة تعمل دائما على إحباط أي مساع إسرائيلية لإحداث أي توتر في المنطقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعدوان على قطاع غزة وهو يتسق مع دورها التاريخي في القضية الفلسطينية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الشهابي أن سلوك الإسرائيليين في الفترة الماضية، سواء بالعدوان على غزة وعدم الالتزام بالهدنة، والكشف عن مقبرة جماعية للجنود المصريين بالضفة الغربية، لا يمكن قبوله دون اتخاذ موقف واضح، ومثل هذه التصرفات تذكي التوتر ليس مع مصر بل في المنطقة بأسرها، ولكنه سيزول عندما تحصل مصر على ضمانات بعدم تكرارها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى