الاخبار العاجلةسياسة

ما تداعيات رد دعوى حل البرلمان العراقي وما إمكانية عودة نواب التيار الصدري؟

ردّت المحكمة الاتحادية العليا بالعراق دعوى حل مجلس النواب التي تقدم بها التيار الصدري، قائلة إن حلّ المجلس ليس من اختصاصاتها المحددة في الدستور وقانون المحكمة، وإن قرار الحل يُفرض في حال عدم قيام المجلس بواجباته، وإن دستور عام 2005 رسم الآلية الدستورية لحل مجلس النواب.

وأوضحت المحكمة في نص قرارها أن الدستور لم يغفل عن تنظيم أحكام حل مجلس النواب ولا مجال لتطبيق نظرية الإغفال الدستوري، مشددة على أنه لا يجوز لأي سلطة الاستمرار في تجاوز المدد الدستورية إلى ما لا نهاية، لافتة إلى أن استقرار العملية السياسية يفرض على الجميع الالتزام بأحكام الدستور.

وأنهى قرار المحكمة الاتحادية جدلا واسعا حول إمكانية حل البرلمان من خارجه، إلا أن القرار أثار في الوقت ذاته جدلا أكبر حول تداعيات القرار على الأزمة السياسية المحتدمة والتي يبدو أنها ستستمر حتى 28 سبتمبر/أيلول الجاري؛ وهو موعد انعقاد جلسة المحكمة الاتحادية للبت بدستورية استقالة نواب التيار الصدري (عددهم 73) من البرلمان العراقي في يونيو/حزيران الماضي.

ما التداعيات؟

وللحديث عن مآلات رد المحكمة الاتحادية، يقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن هناك تداعيات كبيرة جدا لما بعد هذا القرار وفي مستويات عديدة، حيث إن الرأي العام وجد في مقدمات القرار صدمة، لا سيما في إشارة القرار لعدم شرعية البرلمان وتهديده لأمن البلاد لعدم التزامه بالمدد الدستورية، فضلا عن أن أعضاء البرلمان لا يمثلون رأي الناخبين العراقيين، بما يمثل صدمة للرأي العام العراقي، وفق تعبيره.

وتابع الشمري في حديثه للجزيرة نت أن المحكمة ألقت مسؤولية حل البرلمان على الطبقة السياسية حينما أوجدت المبررات لحله سياسيا من خلال توضيح آليات ذلك وفق المادة 64 من الدستور العراقي، لافتا إلى أن التداعيات على الطبقة السياسية ستكون محط جدل سياسي بين الإطار التنسيقي الذي يمضي باتجاه دعوته لعقد جلسة برلمانية وما بين خصمه المتمثل بالتيار الصدري، بما قد يؤدي لمزيد من الاحتقان السياسي والغضب الشعبي الذي قد يقود إلى تصعيد كبير في حال إصرار الإطار على عقد جلسة برلمانية من دون الذهاب لانتخابات مبكرة.

الشمري أكد بأن وضع العراق كاد أن يكون أكثر هشاشة لو ردت واشنطن على الضربات الإيرانية في حينها - الجزيرة نت
الشمري: المحكمة ألقت مسؤولية حل البرلمان على الطبقة السياسية حينما أوجدت المبررات لحله سياسيا (الجزيرة)

من جانبه، يرى مهند الجنابي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جيهان بأربيل، أن هناك تبعات قانونية ودستورية في رد المحكمة الاتحادية دعوى حل البرلمان، مبينا أنه لا رغبة من قبل الإطار في حل البرلمان خاصة بعدما زادت مقاعده إثر استقالة النواب الصدريين.

وأضاف للجزيرة نت أن التبعات الأخرى تضمنتها حيثيات قرار المحكمة في حين لو اتجه البرلمان لحل نفسه، حيث وضعت المحكمة خارطة طريق تضمنت تعديل قانون الانتخابات الأخير رقم 9 لعام 2020 وأن يكون العد والفرز لنتائج الانتخابات المقبلة يدويا مع اشتراط تشكيل حكومة وانتخاب رئيس جمهورية، وهو ما يصب حاليا في مصلحة الإطار التنسيقي.

حل البرلمان

على صعيد آخر، يعتقد الباحث السياسي مناف الموسوي أن قرار المحكمة الاتحادية لم يكن مفاجئا وكان مجاملا لجميع القوى السياسية، لافتا إلى أن مطلب حل البرلمان يعد مطلبا شعبيا، وأن غالبية القوى السياسية مع حل البرلمان، وأن المشكلة الرئيسية تكمن في التفاصيل التي تتطلب تشكيل حكومة وانتخاب رئيس الجمهورية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الموسوي -المقرب من التيار الصدري- ” لا يزال الإطار التنسيقي مصرا على تشكيل الحكومة باعتباره الكتلة النيابية الأكبر حاليا، وهو ما يرفضه الشارع، وأن هناك دعوات لمتظاهري تشرين لإعادة المظاهرات الشهر قادم، وأن التيار الصدري قد يلتحق بها”.

وبالعودة إلى الجنابي، حيث يرى أن التيار الصدري لا يزال في حالة العزلة التي أعلن عنها قبل أيام، وأنه من الممكن أن يتغير موقف التيار في حال تحرك الإطار نحو تشكيل الحكومة بعد انتهاء زيارة الأربعين بعد أيام، معتبرا أن جميع القوى السياسية لا تزال حذرة في التعامل مع هذه التداعيات التي نتجت عن قرار المحكمة التي رمت الكرة في ملعب القوى السياسية، وفق تعبيره.

اقرأ ايضاً
فوز اليسار.. هل يتحالف ماكرون مع الفائز أم يناور سياسيا؟

أما رئيس مركز التفكير السياسي، فيقول إنه وفقا للمبررات التي دفعت بها المحكمة الاتحادية، فإنه يجب على البرلمان حل نفسه، لا سيما أن المحكمة أوردت نصا صريحا بأن البرلمان الحالي فاقد للشرعية من خلال خرقه الدستور، لافتا إلى أن حل البرلمان من عدمه سيعتمد على الإرادة السياسية للكتل السياسية وهو ما قد يكون غير متوفر حتى الآن بانتظار التوافقات والضمانات.

وعما إذا كانت الانتخابات المبكرة تشكل مخرجا من الأزمة في حين لو حل البرلمان نفسه، يضيف الشمري معلقا “قد تشكل الانتخابات المبكرة طوق نجاة للكتل السياسية وتأجيلا للصراع المفتوح بين هذه الكتل وإعادة ترسيم خطوط القوة والنفوذ. الحل الحقيقي للشعب العراقي وللوضع السياسي لا يتعلق بالانتخابات قدر تعلقه بوجوب الذهاب نحو عقد سياسي جديد”.

الموسوي يرى أنه لا بد أولا من حل مشكلة اختيار رئيس للبلاد قبل النظر في اختيار رئيس الحكومة (الجزيرة نت)

من جانبه يرى رئيس مركز القرار العراقي حيدر الموسوي أنه يتم التركيز حاليا على المشكلة بين الإطار والتيار في الوقت الذي لا يتم فيه النظر لمشكلة منصب رئيس الجمهورية الذي لا يحظى إلى الآن بمرشح توافقي بين الأكراد.

وتابع حيدر الموسوي المقرب من الإطار -في حديثه لإحدى وسائل الإعلام- أن من يتحدث عن تشكيل الحكومة من قبل الإطار التنسيقي على اعتبار أنه الكتلة البرلمانية الأكبر عددا يتناسى أن تسمية رئيس الوزراء يكون من قبل رئيس الجمهورية وهو ما لم يتم التوافق بشأنه.

ويثير الموسوي قضية أخرى تتمثل بأنه لا يمكن تحقيق جلسة برلمانية لاختيار رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء من دون تحقق النصاب بحضور ثلثي أعضاء مجلس النواب (220 نائبا)، وبالتالي فكل الكتل السياسية شريكة في الأزمة، على حد تعبيره.

الموسوي اعتبر أن التيار الصدري لا يزال مصرا على عدم عودة نوابه إلى البرلمان (الجزيرة نت)

إمكانية عودة نواب التيار للبرلمان

كثيرة هي التعقيدات التي تكتنف الأزمة السياسية بالبلاد، حيث إن المحكمة الاتحادية كانت قد أرجأت قبل أيام النظر بدعوى تقدم بها أحد المحامين للطعن بدستورية استقالة نواب التيار الصدري حتى 28 سبتمبر/أيلول الجاري، وهو ما قد يشكل انتقالة بالأزمة السياسية في حال حكمت المحكمة بعودة نواب التيار.

وفي هذا الصدد، وبالعودة إلى مناف الموسوي، أكد أن التيار لا يزال مصرا على عدم عودة نوابه إلى البرلمان، لافتا إلى أن حكم المحكمة الذي سيصدر سيكون له تأثير في تغيير المعادلة السياسية وفي كيفية حل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة.

ويتناغم حديث الموسوي مع حديث العديد من المراقبين للشأن السياسي العراقي الذين أشاروا إلى أنه في حال عودة نواب التيار للبرلمان، فإنه يمكن للبرلمان حينها حل نفسه وفق المادة 64 من الدستور، حيث سيكون للتيار الصدري وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني أغلبية برلمانية تمكنه من تقديم ثلث أعضاء البرلمان طلبا لرئاسة المجلس بحله ومن ثم تصويت الأغلبية النيابية (166 مقعدا) وهو ما تحظى به هذه الكتل ضمن التحالف الثلاثي.

ومن الناحية القانونية، أوضح الخبير القانوني علي التميمي للجزيرة نت أنه يمكن لنواب التيار العودة للبرلمان وفق المادة “93- ثالثا” من الدستور، حيث إن الاستقالة لم تحظَ بتصويت البرلمان، لافتا إلى أن الحكم بذلك سيكون من اختصاص المحكمة الاتحادية التي سيكون قرارها قطعيا وملزما.

وكان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري قد أكد في تغريدة له على تويتر أمس الأربعاء “بعد قرار المحكمة الاتحادية اليوم الذي لم يشف جرحا ولم يحسم أمرا. ليس أمام السياسيين عمليا غير التفاهم على عودة نواب التيار الصدري الفائز إلى البرلمان مع الأرضية القانونية وقيام الإطار بسحب مرشحه لمجلس الوزراء لتفكيك الأزمة أولا. فما حك جلدك مثل ظفرك يا برلمان مغيب”.

على الجانب الآخر، يشير إحسان الشمري إلى أنه لا إمكانية لعودة نواب التيار الصدري إلى البرلمان، لا سيما مع الأنباء التي تحدثت عن أن المحامي الذي طعن بدستورية استقالة نواب الصدر قد سحب الدعوى، إضافة إلى أن التيار الصدري سيبدو ضعيفا في حال عودة نوابه.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى