الاخبار العاجلةسياسة

مقال في فورين بوليسي: كيف يمكن لتونس إنقاذ اقتصادها؟

حذر عضوان في الكونغرس الأميركي من أن تونس تقف الآن على شفا انهيار اقتصادي، ويتجلى ذلك في التدهور السريع لسعر العملة الوطنية (الدينار) وارتفاع أسعار الغذاء والوقود ومعدلات البطالة.

وقال عضو مجلس الشيوخ كريس كونز، وزميله بمجلس النواب ديفيد برايس، إن مطالب التونسيين الأساسية المتمثلة في التوظيف والحرية والكرامة، والتي رفعوها شعارا لثورة الياسمين التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، لم تتم تلبيتها حتى الآن رغم مرور أكثر من عقد على نزولهم إلى الشوارع وإسقاط نظام الرئيس بن علي.

وبدلا من ذلك، أدت جملة من العوامل -من قبيل زيادة معدلات البطالة، وانخفاض مستوى المعيشة، ونقص الغذاء والوقود- إلى تقويض ثقة الشعب في المؤسسات الديمقراطية، وجعلت العديد من التونسيين يسعون جاهدين لالتماس طرق أخرى للمضي قدما، بحسب كونز وبرايس في مقال مشترك لهما بمجلة فورين بوليسي الأميركية (Foreign Policy).

إحباط من الجمود السياسي والفساد

وكتب المشرعان مقالهما هذا بعد زيارتهما الشهر الماضي لتونس على رأس وفد من الكونغرس، التقيا خلالها بقادة المجتمع المدني “الذين عبروا عن إحباط عميق على مدى سنوات من الجمود السياسي والفساد في بلادهم”.

وتناول المقال بالنقد الإجراءات -التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد- مثل سن دستور جديد للبلاد “صاغه هو شخصيا” بعد أن أقال البرلمان ونقل صلاحياته إلى نفسه، وتوليه السلطة التنفيذية الكاملة، وحل المجلس الأعلى للقضاء.

وفي البداية، دعم التونسيون بشكل كبير تحركات الرئيس إذ زعم حينها أنه يسعى بتلك التدابير إلى إصلاح نظام “مشلول”.

وأشار عضوا الكونغرس إلى أن الديمقراطية في تونس تكافح من أجل البقاء، واعتبرا الإقبال الضعيف في الاستفتاء على الدستور ومقاطعته من قبل منظمات المجتمع المدني مؤشرا على تعاظم المعارضة ضد هجوم سعيّد على الديمقراطية.

إصلاحات سعيد كلفت تونس الكثير

وعزا الكاتبان ذلك ربما لكون إصلاحات الرئيس قد كلفت تونس الكثير من تقدمها نحو الديمقراطية دون التصدي لتحدياتها الاقتصادية.

وإذا كان ثمة أمل لدى تونس في معالجة أزمتها الاقتصادية، فإن الأمر سيتطلب من سعيّد إجراء إصلاحات هيكلية جادة وتأمين دعم شعبي واسع.

ولطالما أوصى الاقتصاديون التونسيون باتخاذ تدابير، مثل خصخصة الشركات المملوكة للدولة وتحرير النشاط التجاري، لتعزيز تنمية القطاع الخاص ونمو المشاريع. غير أن كونز وبرايس يقولان إن سعيّد -بدلا من الاستماع إلى أولئك الخبراء- ضاعف من إنفاق القطاع العام، وسعى إلى الحصول على قروض خارجية لدعم الاقتصاد.

اقرأ ايضاً
الملك سلمان يتلقى رسالة خطية من الرئيس الأذربيجاني

وفي هذا الصدد، يتفاوض صندوق النقد الدولي مع المسؤولين التونسيين حاليا على “حزمة إنقاذ” للبلاد مشروطة بتطبيق تدابير تقشفية “مؤلمة” وخفض الدعم على السلع.

لابد من دعم اتحاد الشغل

وطبقا للمقال، فإن تنفيذ تلك التدابير يتطلب دعم نقابات العمال القوية لها، وعلى رأسها الاتحاد العام للشغل “الذي ظل حتى الآن مترددا في دخول المعترك السياسي، وتجنب لحد كبير توجيه نقد مباشر لتصرفات سعيّد”.

ومما يشير إلى أن الاتحاد العام للشغل قد يتخلى عن مواقفه “غير المسيسة” تنظيمه إضرابا وطنيا ليوم واحد ضد الحكومة في يونيو/حزيران الماضي، وهو الأول له في عهد الرئيس سعيّد.

ويرى الكاتبان أن تقوية الاقتصاد التونسي تستدعي نهاية المطاف إنعاش “ديمقراطيتها” في وقت تظهر فيه الدراسات أن التحول الديمقراطي يمكن أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي للبلد بنسبة 20% بمرور الوقت.

ومع أنه من الممكن تنفيذ الإصلاحات بدون ديمقراطية، فمن الأرجح أن يتولى القادة القيام بها بموجب تفويض شعبي يدفعهم إلى ذلك، ويجعلهم عرضة للمساءلة، على حد تعبير المقال.

انتقدا سعيد لعدم محاربته الفساد

وانتقد كونز وبرايس الرئيس التونسي لأنه لم يحرز “أي تقدم يذكر” في محاربة الفساد ودعم المساواة، وهي الشعارات التي رفعها عند ترشحه للمنصب.

وبسبب رفضه وضع أجندة اقتصادية -وتزامن ذلك مع توجهاته المناهضة للديمقراطية- فإنه يجعل المانحين الأجانب ينفرون من تقديم المساعدات الضرورية لبلاده.

بعبارة أخرى، فإن سعيّد يدفع بتونس نحو الفشل، كما يقول عضوا الكونغرس اللذان ينصحان الشعب التونسي وقادة المجتمع المدني بضرورة الإعلان على أنهم لن يتسامحوا مع أي اعتداءات أخرى على الديمقراطية، والتأكيد على وجوب مساءلة سعيّد عن التزاماته العلنية بحماية الفضاء المدني، وإجراء انتخابات برلمانية شرعية وشاملة بحلول نهاية العام الجاري.

وحذر عضوا الكونغرس الأميركي التونسيين بأنهم إذا آثروا البقاء صامتين وغير متفاعلين فيما يواصل سعيّد مسيرته “فسيجدون أنفسهم بعيدين عن تحقيق نجاح اقتصادي، بينما يضحون بالحريات الديمقراطية التي ناضلوا بشدة لتحقيقها”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى