الاخبار العاجلةسياسة

بعد 40 عاما من تحريرها.. هل تنهي خطة تنموية حكومية معاناة أهالي سيناء؟

القاهرة – في خضم احتفالات المصريين بانتصار حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل عام 1973، التي تمتد أياما، شارك شيوخ وأعيان قبائل في سيناء في العديد من الفعاليات لتكريمهم في الاحتفالات باعتبارهم جزءا من صناعة النصر.

هذا الظهور صاحبه تكريم بعض المجاهدين ومشايخ البدو وأسرهم لدورهم البارز في الإعداد للحرب حتى الانتصار واستعادة شبه جزيرة سيناء، التي احتلتها إسرائيل في أعقاب حرب عام 1967.

ورغم مرور نحو 50 عاما على تحرير سناء، فإن أهلها يشتكون من الإهمال وضعف برامج التنمية، وهي اتهامات كررتها المعارضة المصرية أيضا للحكومات المتعاقبة منذ سنوات.

لكن الحكومة المصرية حاليا تقول إنها تقود حملة كبرى للتنمية تشمل جميع أراضي سيناء مستمرة منذ 8 سنوات، من خلال إقامة مئات المشروعات الاقتصادية والخدمية والبنية التحتية والاستثمارية بمئات مليارات الجنيهات.

وتشير التصريحات الحكومية إلى أن جهود التنمية لم تتوقف حتى في الفترة التي شهدت أعمال عنف ونشاط للجماعات المسلحة في شمال سيناء، وهي الفترة التي شهدت أيضا ترحيل عدد من أهالي سيناء بسبب الاشتباكات المسلحة.

حقيقة توطين بدو سيناء

في هذا السياق، قال مدير الشؤون المعنوية الأسبق اللواء سمير فرج إنه يرى أن توطين البدو هو أهم ما تحقق في ملف تنمية سيناء.

وأضاف، في تصريحات متلفزة الأحد الماضي، أن توطين جميع بدو سيناء سينتهي في أغسطس/آب 2023، في جميع المدن الجديدة، ولن يكون هناك أي بدو رُحّل.

غير أن مسؤولا حكوميا كبيرا في سيناء نفى صحة هذه التصريحات المتعلقة بتوطين بدو سيناء في المدن الجديدة، في الفترة التي أشار إليها اللواء فرج.

ونقل مراسل الجزيرة نت عن المسؤول الحكومي قوله إن القبائل الموجودة في شمال سيناء أو جنوبها هي قبائل مستقرة وتقطن في مناطقها ومجتمعاتها المعروفة.

جهود التنمية تنهي عقود الشك

وإذا كانت مثل هذه الجهود التي تقوم بها الدولة المصرية كفيلة بتبديد ثنائية الشك والإهمال التي استمرت عقودا، فيرى الخبير العسكري اللواء أركان حرب محيي الدين نوح أن “مثل تلك المشروعات التنموية الضخمة التي أخذتها الحكومة المصرية على عاتقها طوال 8 سنوات في سيناء سيكون لها بالغ الأثر في جعل هذه المسألة من الماضي”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف نوح أن الوضع الآن تغير في سيناء بعد عقود من الإهمال، مشيرا إلى قيام الحكومة بمشاريع تنموية وخدمية واستثمارية وأخرى تتعلق بالبنية التحتية، غيّرت من شكل الحياة تماما وربطت سيناء بمدن الدلتا وزادت نسبة التعليم والوعي هناك.

وأكد نوح -أحد القادة العسكريين البارزين في حرب 6 أكتوبر- أن القبائل في سيناء هي جزء من مصر ونسيج المجتمع المصري وحاربت إلى جانب الجيش المصري منذ عام 1967 حتى عام 1973، وأفرادها يعملون لمصلحة الوطن، وهم وطنيون بنسبة 100%، وإذا كان هناك شيء ما في فترات سابقة فقد انتهى والوضع الحالي على أفضل ما يكون، وهم يحاربون إلى جانب القوات المسلحة ضد الجماعات الإرهابية الآن.

وأشار إلى أن بدو سيناء سطّروا اسمهم في التاريخ عندما جمعت إسرائيل مشايخ قبائل سيناء في مؤتمر كبير بمدينة الحسنة عام 1968 ودعتهم لإعلان دولة مستقلة لهم؛ ليرفض المشايخ العرض، ويرد الشيخ سالم الهرش “باطن الأرض أولى بنا من ظهرها إذا ما قبلنا هذا الأمر‏.. ومن يريد التحدث بشأن سيناء فعليه الذهاب إلى الرئيس جمال عبد الناصر”.

حقبة كفاح وتشويه

يتفق الناشط السيناوي والإعلامي المصري حسام الشوربجي مع أهمية دور القبائل البدوية في سيناء في حرب التحرير، وقال إنه “يجب تأكيد الدور الرئيس الذي لعبه أهالي سيناء في وضع إستراتيجية كاملة لتحقيق نصر 6 أكتوبر، وكان لهم الفضل في نقل تحركات العدو وتنفيذ عمليات فدائية بين عامي 67 و73، وساعد ذلك الجيش المصري في قراءة طبيعة تفكير العدو الإسرائيلي”.

اقرأ ايضاً
محمد بن سلمان يغادر اليونان

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الشوربجي أن أهل سيناء لم يعملوا ضد مصر من قريب ولا بعيد، والنقطة المهمة أن قوات الاحتلال طوال وجودها في سيناء استخدمت كل الوسائل الممكنة المباشرة وغير المباشرة لزرع فكرة عدم الانتماء لمصر، ولكنها باءت بالفشل.

واستبعد الشوربجي أن تكون عقود الإهمال اللاحقة التي عانى منها أهل سيناء قد أثرت على انتمائهم أو وطنيتهم، رغم معاناتهم في تلك الحقبة الطويلة من التشكيك في ولائهم وحرمانهم من كثير من الحقوق بخاصة في حقبة الرئيس الراحل حسني مبارك وما قبلها، ورسم صورة سلبية عنهم بوصفهم تجار سلاح ومخدرات وتهريب، وكان لا يسمح لهم بتقلد مناصب رفيعة داخل الدولة ودخول الجيش في سلك الضباط.

ورأى الناشط السيناوي أن الحكومات المصرية المتعاقبة كانت تستخدم القبضة الأمنية بدلا من مسار التنمية لبسط سيطرتها على سيناء، ولو كانت الدولة سارت في الاتجاهين بشكل متزامن؛ لأن سيناء منطقة جبلية وصحراوية وشاسعة وتحتاج إلى رقابة شديدة، لكانت النتائج أفضل بكثير مما هم عليه الآن.

قمة المناخ.. أين أهالي سيناء؟

في سياق متصل، تستضيف مدينة شرم الشيخ جنوب سيناء قمة الأمم المتحدة للمناخ (Cop27) التي تحضرها 197 دولة بدءا من السادس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حتى 18 من الشهر نفسه.

في غضون ذلك، أصدرت 8 منظمات حقوقية مصرية بيانا مشتركا لتسليط الضوء على الأوضاع في سيناء، وطالبت المجتمع الدولي “الأخذ بعين الاعتبار معاناة سكان الأرض المضيفة للمؤتمر (شبه جزيرة سيناء)، وحقهم في الحماية الإنسانية والبيئية، ليس فقط من التغيرات المناخية المرتقبة، ولكن من انتهاكات ممنهجة لحقوقهم من قبل السلطات المصرية”، حسب البيان.

ودان كريم طه نائب مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان -إحدى المنظمات الموقعة على البيان- “استبعاد ممثلين عن سكان وقبائل سيناء للمشاركة في مؤتمر المناخ أو في اجتماعات على هامش فعالياته”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف طه أن انعقاد المؤتمر العالمي على أرض سيناء يجب أن يفتح الباب أمام تدارك الأوضاع السيئة لأهالي سيناء ومنحهم حقوقهم كاملة بما فيها حرية الحركة والتعبير عن الرأي، وإلغاء سياسات التهميش والتمييز ضدهم، والسماح للمنظمات الحقوقية بزيارة سيناء للاطلاع على ما يحدث هناك.

سيناء على خريطة التنمية

بالتزامن مع احتفالات 6 أكتوبر، نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريرا تضمن حجم المشروعات الضخمة التي تم وجار تنفيذها لتنمية شبه جزيرة سيناء بأكثر من 700 مليار جنيه خلال 8 سنوات (الدولار=19.68 جنيها).

وأشار التقرير إلى أن إجمالي الاستثمارات العامة لتنفيذ مشروعات قومية بسيناء ومدن قناة السويس بلغ نحو 358.1 مليار جنيه، وذلك في الفترة من عام 2013 حتى عام 2023.

وبلغ إجمالي الاستثمارات العامة الموجهة إلى سيناء ومدن القناة 45.1 مليار جنيه عام 2021/2022، مقارنة بنحو 6.2 مليارات جنيه عام 2013/2014، في إطار الخطة الشاملة لتنمية أرض الفيروز.

وتم تنفيذ 45 مشروعا للتجمعات البدوية بإجمالي 4100 بيت بدوي، إلى جانب إنشاء 18 تجمعا تنمويا في محافظتي شمال وجنوب سيناء، كما يجري تنفيذ 17 تجمعا تنمويا أيضا، فضلا عن أنه تم وجار إنشاء وتطوير 6 مدن جديدة.

وتبلغ مساحة سيناء نحو 61 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل نحو 6% من إجمالي مساحة مصر، وتمتلك وحدها نحو 30% من سواحل البلاد. ويبلغ عدد سكان سيناء في الشمال 450.5 ألف نسمة، وفي الجنوب 113.5 ألف نسمة فقط من بين أكثر من 104 ملايين مصري.

وأشهر القبائل البدوية في شمال سيناء السواركة وهي أكثر القبائل عددا، والرميلات والجبالية وتتبعهم عشرات الفروع، وفي وسط سيناء تنتشر قبائل التياها والترابين والحيوطات، أما قبائل جنوب سيناء فتتصدرها قبيلة العليقات ومزينة والعوارمة والقرارشة، ويتركز نشاطهم على الرعي والزراعة والصيد.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى