الاخبار العاجلةسياسة

فاروق سلامة.. من هو الشهيد “العريس” أحد أبرز قادة كتيبة جنين؟

جنين- “عريسنا حلو.. لا تقولوا عنه أسمر” هكذا وعلى طريقتها وبما نطق به لسانها واستحضرته ذاكرتها من أهازيج فلسطينية تراثية زفّت “أم فادي” ابنها الشهيد “العريس” فاروق سلامة ابن مخيم جنين شمال الضفة الغربية، مستبقة موعد حفل زواجه الرسمي المقرر السبت المقبل.

وراحت تتساءل، وهي تتكئ على ذراعي أولادها وتجوب أروقة مشفى جنين الحكومي الذي نقل إليه الشهيد فاروق: “وين العريس؟ الحمد لله يما (يا أمي)، الحور العين يا فاروق، مستحيل فاروق يموت، فاروق راجع”. وتابعت -مخبرة شهيدها والناس من حولها في مشهد أبكى الجميع وعكس صدمتها برحيله- أنها جهزت بدلة زفافه وكوتها بيديها، وكذلك فعلت ونظفت حذاء الشهيد العريس.

وعند دوار العودة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، ارتقى فاروق (29 عاما) شهيدا برصاص الاحتلال بعد أن اقتحمت قوات خاصة المكان ظهر أمس الخميس وأصابته بعدة رصاصات في البطن والصدر والرأس، لم تمهله حتى الوصول لمشفى جنين لإنقاذه.

واستشهد في المكان أيضا الطفل محمد خلوف (14عاما)، في حين اعتقلت قوات الاحتلال عددا آخر من الشبان بينهم إيهاب سلامة شقيق الشهيد فاروق.

وتظهر بطاقات الفرح التي وزعت سلفا على المدعوين استعداد الشهيد فاروق جيدا لحفل زفافه، فقد خصص اليوم الجمعة ليكون حفل السهرة، والسبت أعد لتناول طعام العشاء، أما الأحد فهو موعد الزفاف.

تشييع الشهيد فاروق سلامة مواقع التواصل
المئات شيعوا الشهيد فاروق سلامة (مواقع التواصل)

عائلة نضال

وينحدر الشهيد فاروق جميل حسن سلامة من عائلة مناضلة قدمت الشهيد والجريح والأسير في مقاومة المحتل ومقارعته، وهو الشقيق الثاني من الذكور الأربعة. وُلد في المخيم ودرس في مدارسه حتى الثانوية العامة، وبدلا من إكمال دراسته الجامعية التحق بركب المقاومة فانتمى مبكرا لحركة الجهاد الإسلامي، وصار أحد أبرز قادتها العسكريين بانضمامه لجناحها العسكري؛ “سرايا القدس”.

وكغيره من أفراد عائلته، اعتقل فاروق، وقضى في سجون الاحتلال 8 سنوات متفرقة كان آخرها قبل أكثر من عام.

أما إيهاب -شقيقه الأصغر الذي أعاد الاحتلال اعتقاله اليوم الخميس- فقد أُفرج عنه قبل أسبوع من سجون الاحتلال الذي اتهمه بإيواء المطاردين أيهم كممجي ومناضل نفيعات بطلا “عملية النفق”، والهروب و4 أسرى آخرين من مدينة جنين من سجن جلبوع في 6 سبتمبر/أيلول 2021.

الشهيد فاروق سلامة مواقع التواصل
الشهيد فاروق سلامة (يمين) أحد قادة سرايا القدس في جنين (مواقع التواصل)

قائد عسكري

تظهر مقاطع فيديو بثتها مواقع التواصل الاجتماعي الشهيد وهو يستعرض تصديه مع رفاقه لقوات خاصة إسرائيلية اقتحمت المخيم سابقا، فضلا عن تنظيمه للمقاومين ورص صفوفهم، ونصبه للحواجز والمتاريس الحديدية داخل المخيم لمنع دخول قوات الاحتلال من اقتحام المخيم.

وفي المقطع ذاته، يؤكد الشهيد فاروق على تمسكه بالمخيم وعدم الرحيل عنه وأنهم كمقاومين خط الدفاع الأول والأخير، وأن نصب الحواجز هدفه حماية المقاومين والمطاردين وأهل المخيم.

اقرأ ايضاً
مناوي وجبريل وعقار.. لماذا تعتبر وساطة الحركات المسلحة الأهم بين البرهان وحميدتي؟

وتظهر صور أيضا الشهيد وهو يهتف غضبا يوم استشهاد المقاوم عدي التميمي بطل عملية شعفاط الأخيرة التي قتل بها جندي إسرائيلي، في حين ظهر بصور أخرى وهو يقف بجانب الشهيدين وديع الحوح ومحمد العزيزي، وهما من قادة مجموعة عرين الأسود المقاومة في نابلس، وفي صورة أخرى إلى جانب المقاوم القسامي المعتقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية مصعب اشتية.

وتتهم إسرائيل -بحسب بيان لجيش الاحتلال- الشهيد فاروق سلامة بأن له علاقة بمقتل ضابط في وحدة اليمام الإسرائيلية الخاصة خلال اقتحامها لمخيم جنين في 13 مايو/أيار الماضي، كما اتهمه الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي بالارتباط بسلسلة عمليات إطلاق نار تجاه جنود الاحتلال.

في حين أكدت القناة 14 الإسرائيلية أن اغتيال فاروق سلامة وقع نهارا على يد وحدة اليمام الخاصة وأمام الملحمة بالمخيم، مستغلة فرحة الشهيد بعرسه وذبحه للعجول.

عاطف دغلس- الشيخ ماهر الأخرس القيادي بحركة الجهاد الاسلامي خلال مهرجان للحكرة في مخمي جنين- الضفة الغربية-جنين- مخيم جنين- الجزيرة نت1
القيادي بحركة الجهاد الاسلامي ماهر الأخرس قال إن الشهيد عُرف بمجابهة الاحتلال وإيلامه (الجزيرة)

ابن الكتيبة.. أبو رعد يبكيه

وشاركت قيادات وطنية وإسلامية بتشييع الشهيد فاروق سلامة، وتقدمهم المقاوم المطارد فتحي الخازم (أبو رعد) الذي ظهر وهو يمتشق سلاحه على غير عادته ويبكي الشهيد.

كما نعت حركة الجهاد الإسلامي، وجناحها العسكري سرايا القدس، وكتيبة جنين شهيدها “المجاهد الكبير” فاروق سلامة. وقالت -في بيان لها وصل الجزيرة نت- إن “اغتياله عملية إجرامية جبانة”.

وأعلنت الكتيبة النفير العام بصفوف مقاتليها، وتوعدت الاحتلال الإسرائيلي بـ”دفع ثمن جرائمه”، قائلة إنها لن تقف مكتوفة الأيدي، وأعلنت أن “اغتيال قادتها العظام لن يفت من عزيمة وإرادة مقاتليها”.

وعن الشهيد فاروق سلامة، يقول القيادي بحركة الجهاد الإسلامي الشيخ ماهر الأخرس إن الشهيد عُرف بمجابهة الاحتلال والاشتباك الدائم معه وإيلامه.

وأضاف الأخرس للجزيرة نت أن الاحتلال تربَّص بالشهيد ليقتله أو يعتقله مرات عدة، لكنه فشل في ذلك، لتكتب له الشهادة اليوم على أرض المخيم الذي أحبه وكان له شرف الدفاع عنه.

وأكد الأخرس أن “هذه الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية لن تثني الشعب الفلسطيني عن مقاومته، فلا رهان إلا على المقاومة في تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي، والدماء الزكية ستثمر النصر للشعب الفلسطيني”.

أما الأسير المحرر يحيى الزبيدي -شقيق الأسير زكريا الزبيدي وابن مخيم جنين- فيقول إن الشهيد فاروق سلامة عُرف ببسالته وتصديه للاحتلال، وأن كلمة السر بمقاومته “عائلته المناضلة”. كما نعاه آخرون ووصفوه بأنه “جدع” (شجاع) و”سند المخيم”.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الشهيد ومقاطع فيديو يظهر فيها، وأخرى خاصة بوصيته التي طالب فيها الجميع بمسامحته عن أي خطأ في حق أي شخص، مؤكدا أن ذلك “ليس ضعفا، وإنما خوف من الله”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى