الاخبار العاجلةسياسة

بعد “كاسر الأمواج”.. تقديرات إسرائيلية تشير لتصاعد المقاومة وتحذر من انتفاضة ثالثة

القدس المحتلة- في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الموعد للإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، تتواصل اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، في حين كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من الاقتحامات والاغتيالات للفلسطينيين، مع تصاعد المقاومة واتساع نشاط التنظيمات المسلحة تصديا لجيش الاحتلال والمستوطنين.

وتذرع جيش الاحتلال بالهجمات والعمليات المسلحة في قلب المدن الإسرائيلية ليطلق في مارس/آذار 2022 العملية العسكرية “كاسر الأمواج”، كما أطلقت سلطات الاحتلال العنان لعصابات المستوطنين لتنفيذ هجمات واعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتها.

وعمت العملية العسكرية للاحتلال التي بدأت في جنين أنحاء الضفة، لمحاولة وقف هجمات الفلسطينيين عن تنفيذ هجمات مسلحة وتقويض المقاومة ومنع حدوث المواجهات وقمعها.

وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول الحالي أظهرت معطيات صادرة عن جيش الاحتلال تلخص أنشطته وعملية “كاسر الأمواج” منذ مارس/آذار الماضي، تضاعف الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بالضفة، في حين لوحظ ارتفاع الهجمات والعمليات المسلحة التي استهدفت قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين بالضفة، مع تضاعف حالات الاعتقال إلى 2500.

وأسفر هذا التصعيد عن استشهاد 221 فلسطينيا وآلاف الجرحى منذ مطلع العام بالضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والداخل في الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول الحالي، في حين نفذت المقاومة عشرات العمليات والهجمات المسلحة ضد قوات الاحتلال والمستوطنين خلفت 31 قتيلا ومئات الجرحى.

ووفقا لإحصاءات جيش الاحتلال والمتعلقة بالاعتداءات المسلحة للجنود والمستوطنين خلال “كاسر الأمواج”، فقد سجلت 281 عملية مسلحة في مؤشر لارتفاع وصل إلى 3 أضعاف، مقارنة بعدد العمليات والهجمات التي نفذت عام 2021 وبلغت 91 عملية مسلحة طالت الجنود والمستوطنين.

أما بما يتعلق باعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين برعاية وحراسة جنود الاحتلال، فيستدل من المعيطات التي كشف عنها الجيش الإسرائيلي، أن عام 2022 شهد ارتفاعا ملحوظا بهذه الاعتداءات، حيث وصلت إلى 838 اعتداء.

وتشير معطيات وتقديرات جيش الاحتلال إلى أن العمليات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين تصاعدت عقب إطلاق “كاسر الأمواج”، خصوصا في الأشهر الستة التي عُلّق فيها التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، مع تصاعد نفوذ التنظيمات والمجموعات المسلحة وحركتي (المقاومة الإسلامية) حماس والجهاد الإسلامي، الذي يعكس “جيل الشباب الفلسطيني الغاضب والمحبط”، على حد تعبير سلطات الاحتلال.

أكثر من 2500 حالة اعتقال بالضفة خلال عملية "كاسر الأمواج" جميع الصور من تصوير المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي التي حولها للاستعمال الحلال لوسائل الإعلام
أكثر من 2500 حالة اعتقال بالضفة خلال عملية “كاسر الأمواج” (الصحافة الإسرائيلية)

كاسر الأمواج

ويعتقد المختص بالشؤون الإستراتيجية والأمن القومي الدكتور عومر دوسطري، بأن عملية “كاسر الأمواج” لا تكفي لتحقيق الأهداف وأتت متأخرة وبعد فوات الأوان، حيث كان من المفروض أن يشن الجيش الإسرائيلي في مارس/آذار 2022، عقب العمليات المسلحة في المدن الإسرائيلية عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية ومحافظة جنين على غرار عملية “الجدار الواقي”.

وبما يتعلق بعدم تحقيق الأهداف بالقضاء على العمليات المسلحة وإخفاق “كاسر الأمواج” في القضاء على المقاومة المسلحة، أوضح المختص الإستراتيجي للجزيرة نت أن عملية “كاسر الأمواج” أتت كرد فعل للجيش على العمليات المسلحة داخل إسرائيل وليست عملية عسكرية خطط لها، وتمحورت بالأساس على سلسلة عمليات محددة واقتحامات لمكافحة “الإرهاب” وتنفيذ الاعتقالات، وبالمقابل تصاعدت الاشتباكات المسلحة وتوسعت المواجهات.

اقرأ ايضاً
كاتبة هندية: الاقتصاد هو المفتاح لمواجهة عداء الحزب الحاكم في الهند للإسلام

وبيّن أن عملية “كاسر الأمواج” اعتمدها الجيش ونفذها ليس فقط في منطقة جنين، بل في مختلف مناطق الضفة، حيث كان الجيش ينفذ شهريا مئات حالات الاعتقال والاشتباكات التي أوقعت عشرات القتلى شهريا بصفوف الفلسطينيين، ويقوم بمصادرة الأسلحة، ومحاصرة جنين ونابلس، لكن دون أن يمنع ذلك المواجهات والمقاومة التي باتت مشاهد اعتيادية.

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي أطلق على سلسلة العلميات في جنين وشمال الضفة التي يفترض أن تكون روتينية، اسما طنانا بحيث تبدو كأنها عملية عسكرية، لكن بالحقيقة يقول إنه “نشاط محدود لم يمارس ضغطا كافيا على منطقة جنين ولا يستهدف تطهير أعشاش الإرهابيين والبنية التحتية المسلحة”.

ويعتقد المختص بالشؤون الإستراتيجية أنه كان من المفترض على الجيش الإسرائيلي أن يهتم بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في جنين وشمال الضفة في حينه، وتقويض التهديدات الأمنية، قائلا إن “تأجيل العلاج الجذري لعمليات المقاومة والمواجهات والبنية التحتية للكتائب، أمور أدت إلى أن تصبح التنظيمات المسلحة أقوى وأوسع انتشارا بالضفة”.

انتفاضة ثالثة

أما المحلل السياسي، عكيفا إلدار، فيعتقد أن تصاعد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، يأتي في ظل غياب أي أفق لأي تسوية سياسية أو حتى فتح ملف المفاوضات مجددا مع السلطة الفلسطينية المهددة بالانهيار بسبب نهج وممارسات إسرائيل.

وأشار إلى أن ذلك يضاف إلى حالة من توغل الاحتلال وتوسع المشروع الاستيطاني، وتصاعد اعتداءات المستوطنين بشكل غير مسبوق، والتضييق على الفلسطينيين في مختلف مناحي الحياة.

وأوضح إلدار للجزيرة نت أن القضية الفلسطينية كانت مغيبة عن الوعي الإسرائيلي وانتخابات الكنيست وأجندة الأحزاب اليهودية منذ العام 2015، وعليه، فإن العلميات المسلحة في قلب المدن الفلسطينية وتصاعد الموجهات والاحتجاجات وتسليح الانتفاضة، كان بمثابة رسالة للمجتمع الإسرائيلي، وأيضا للحكومات الإسرائيلية التي وضعت القضية الفلسطينية في طي النسيان وساهمت في ترحيل المفاوضات حتى اصطدمت بواقع جديد ينذر باندلاع انتفاضة ثالثة.

تصاعد المقاومة وارتفاع بالعمليات التي استهدفت قوات الاحتلال جميع الصور من تصوير المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي التي حولها للاستعمال الحلال لوسائل الإعلام
تصاعد المقاومة وارتفاع بالعمليات التي استهدفت قوات الاحتلال (الصحافة الإسرائيلية)

السلطة الفلسطينية

ويعتقد المحلل السياسي أن الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها ورغم فتح قنوات اتصال مباشرة مع السلطة الفلسطينية إلا أنها أخفقت في صنع حالة للعودة إلى طاولة المفاوضات وكرست الوضع القائم بالضفة ودعم المستوطنين.

ويضيف أن الحكومة الإسرائيلية اعتمدت لمنع تقويض السلطة الفلسطينية وتصاعد الاحتجاجات بالضفة، “سياسة التسهيلات الاقتصادية” ومبادرة “حسن النوايا” والترويج لما سمته “السلام الاقتصادي”، وهي السياسات التي قوبلت بالعمليات المسلحة والاشتباكات تصديا لـ”كاسر الأمواج”.

ويتوقع المحلل السياسي أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستواصل نهجها وقمعها للفلسطينيين، مقابل دعم للمستوطنين وتوسيع المشروع الاستيطاني على حساب الوجود الفلسطيني.

كما ستنأى الحكومة الإسرائيلية الجديدة بنفسها عن التعامل مع السلطة الفلسطينية التي لا تحظى بأي دعم حقيقي من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وهو ما ساهم في تراجع شعبية السلطة وتعزيز شعبية الفصائل والتنظيمات المسلحة في الضفة الغربية، بحيث أن اندلاع انتفاضة مسلحة مجرد مسألة وقت، وفقا لتقديرات المحلل السياسي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى