الاخبار العاجلةسياسة

ضعف المشاركة بالانتخابات التونسية.. هل يعدّ شهادة وفاة لمشروع قيس سعيد أم تأسيسا جديدا لجمهوريته؟

تونس- قال معارضون إن عزوف التونسيين عن التصويت في الانتخابات التشريعية هو رسالة موجهة للرئيس قيس سعيد بأن مشروعه فقد شرعيته وشعبيته، في حين قال مؤيدون للرئيس إن الانتخابات ستؤسس لمرحلة سياسية تعيد الاستقرار للبلاد وستطوي صفحة منظومة فشلت سابقا بإدارة البلاد.

وسجلت الانتخابات التي انطلقت أمس السبت، تزامنا مع الذكرى 11 لاندلاع الثورة، أسوأ نسبة إقبال على الانتخابات، فمن إجمالي نحو 9 ملايين و100 ألف ناخب لم يشارك سوى 8.8% منهم في عملية التصويت في الداخل والخارج، حسب معطيات أولية لهيئة الانتخابات.

وشهدت انطلاقة التصويت منذ ساعات الصباح الأولى حركة متدنية مقارنة بأجواء الانتخابات السابقة في 2019 و2014 و2011. وكانت أغلب مراكز الاقتراع بمختلف الجهات شبه خالية من الناخبين، ولم يقع تسجيل أي طوابير للناخبين في هذه الانتخابات التي تجرى للمرة الأولى بنظام الاقتراع على الأفراد.

وتمثل هذه النسبة تراجعا ملحوظا مقارنة بنسبة المشاركة في آخر انتخابات تشريعية سنة 2019 والمقدرة بحوالي 41%، في حين بلغت النسبة 69% في انتخابات 2014.

 

 

شهادة وفاة

وقال جوهر بن مبارك -أحد القياديين بجبهة الخلاص المعارضة التي تضم أحزابا عدة أبرزها حركة النهضة الإسلامية صاحبة الأغلبية النيابية السابقة- إن عزوف التونسيين عن التصويت “يوجه صفعة قوية للمسار الانقلابي” الذي فرضه الرئيس قيس سعيد بتدابيره الاستثنائية يوم 25 يوليو/تموز 2021.

وأشار إلى أن التونسيين بمقاطعتهم صناديق الاقتراع “قد أصدروا شهادة وفاة” في حق مشروع الرئيس سعيد، قائلا “من المفترض أن يقدم قيس سعيد استقالته ويخرج نهائيا من المشهد السياسي، بعدما رفض الشعب التونسي أن يجدد ثقته بمشروعه السياسي. عليه أن يرحل، لقد قال الشعب كلمته”.

ويرى جوهر بن مبارك أن “البرلمان القادم ولد فاقدا لأي شرعية شعبية”، في ظل تدني نسبة المشاركة بشكل كبير، معتبرا أن التونسيين رفضوا الانسياق “وراء انتخابات صورية هندسها قيس سعيد بمفرده، بداية بصياغة دستور جديد ألغى به النظام البرلماني، ثم بصياغة قانون انتخابي على المقاس”.

ويضيف أن عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات لا يكفي لإنقاذ البلاد من الحكم الفردي، مرجحا أن يمضي الرئيس قدما في تثبيت البرلمان، مشيرا إلى أن جبهة الخلاص تدعو إلى توحيد صفوف المعارضة وتعبئة الجماهير للاحتجاج في الساحات، للمطالبة برحيل الرئيس قيس سعيد عن الحكم.

وتعد جبهة الخلاص المعارضة إحدى أبرز القوى السياسية الداعية إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية الحالية، إضافة إلى قوى سياسية أخرى ترفض مسار الرئيس قيس سعيد وتقاطع الانتخابات، لكنها في الوقت ذاته ترفض التحالف مع حركة النهضة إما بسبب عدائها الأيديولوجي أو رفضها سياسات الحركة.

04 6
الإقبال كان ضعيفا جدا وهو الأدنى منذ الثورة (الجزيرة)

العودة للاستقرار

ويُرجع القيادي في حركة الشعب بدر الدين القمودي تدني نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية إلى ما وصفه بالدور “القذر” الذي لعبته جبهة الخلاص المعارضة -بأشكال خارجة أحيانا عن القانون- لدفع الناس إلى مقاطعة التصويت من أجل تبخيس العملية السياسية وتشويه مسار 25 يوليو/تموز، حسب تعبيره.

اقرأ ايضاً
توجيه الحكومة العراقية لتفعيل المادة 140.. هل يجدد خلافات بغداد مع كردستان؟

القمودي يؤكد -للجزيرة نت- أنه في مطلق الأحوال سيقع اعتماد نسبة المشاركة العامة المصرح بها من قبل هيئة الانتخابات، وذلك لتثبيت نتائج الانتخابات على اعتبار أنه كانت هناك فرصة متاحة لجميع الناخبين للتصويت، مثلما كانت هناك فرصة متاحة للجميع للترشح لعضوية البرلمان المقبل.

وشدد القمودي على أهمية الانتخابات التشريعية لكونها ستنقل تونس من وضعية الحالة الاستثنائية -التي دخلت فيها بمقتضى التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قبل نحو عام ونصف العام- إلى وضع سياسي مستقر “سيؤسس لسلطة تشريعية ذات شرعية كاملة منبثقة عن إرادة الناخبين الحرة في التصويت”.

ويقول إن نسبة المشاركة المتدنية “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقلل من شرعية العملية الانتخابية ومصداقيتها ومن قيمة الانتخابات”، معتبرا أن الأحزاب المقاطعة للانتخابات تحمل شعار الدفاع عن الديمقراطية، بينما كانت سببا مباشرا في تخريب البلاد والديمقراطية طوال العشرية الماضية.

ويتابع “هذه الانتخابات ستطوي صفحة العشرية السوداء”، مؤكدا أن العودة للوضع الطبيعي للبلاد من خلال إرساء سلطة تشريعية تتولى دورها التشريعي والرقابي والتنموي ستفتح الباب أمام تحقيق استقرار سياسي ونمو اقتصادي واجتماعي.

تركيبة البرلمان

وترشح للانتخابات التشريعية 1055 مرشحا منهم 122 امرأة. ويتكون البرلمان القادم من 161 مقعدا نيابيا، في حين كان في السابق يتكون من 217 مقعدا. وتم تعليق المسار الانتخابي في 7 دوائر انتخابية بالخارج، نظرا لعدم قبول هيئة الانتخابات أي مطلب ترشح، وستجرى في وقت لاحق انتخابات جزئية لسد الشغور.

وجرت الانتخابات على قاعدة الاقتراع على الأفراد، بعدما غيّر الرئيس القانون الانتخابي الذي كان يعتمد نظام الاقتراع على القوائم الحزبية والمستقلة. وجُوبِه قانون الانتخابات بانتقادات كثيرة بسبب شروطه المعقدة التي قلصت الترشحات وألغت التناصف بين الجنسين والتمويل العمومي للحملة الانتخابية.

ويرى مراقبون أن البرلمان القادم سيتشكل في أغلبه من أفراد مستقلين صعدوا عن جهاتهم ولا يعرف لهم أي نشاط سياسي في السابق، بغض النظر عن بعض مرشحي الأحزاب الصغيرة المؤيدة للرئيس قيس سعيد على غرار حركة الشعب ذات التوجه القومي الناصري الممثلة سابقا في البرلمان بـ15 مقعدا.

وتصدّر قائمة المترشحين للانتخابات البرلمانية القادمة موظفو وزارة التربية (273 مترشحا من جملة 1055)، يليهم موظفو القطاع العام والمهن الحرة. في المقابل، تقلص عدد المترشحين من دائرة رجال الأعمال، وذلك على عكس ما تم تسجيله في الانتخابات السابقة، حين ترشّح العديد منهم في قوائم حزبية.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى