اقتصاد

مصر تطمح لجذب 30 مليون سائح سنويا.. الواقع والإمكانيات

القاهرة – تضع الحكومة المصرية زيادة عائدات السياحة نصب عينيها، خاصة مع زيادة الحاجة للنقد الأجنبي (الموارد الدولارية) ومعاناة البلاد من فجوة في التمويل الخارجي تبلغ 16 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة.

وتخطط الحكومة لزيادة عدد الزائرين إلى 30 مليون زائر سنويا، أي أكثر من ضعف أعلى رقم حققته مصر في تاريخها، وهو 14.7 مليون زائر عام 2010 بإيرادات بلغت 12.5 مليار دولار.

وتعافت السياحة العام الماضي، وبلغت إيراداتها 10.7 مليارات دولار خلال السنة المالية 2021-2022، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية، بحسب بيان البنك المركزي المصري، ولكنها تظل أقل من أعلى مستوى تحقق عام 2019 والبالغ نحو 13 مليار دولار.

ورغم الأهمية القصوى لقطاع السياحة وتمتع مصر بمزايا جذب سياحي أكثر من منافسيها في المنطقة، مثل الطقس المعتدل والشواطئ الملائمة والآثار الضخمة عبر حقب التاريخ المختلفة، فإنها لا تستفيد منها بشكل صحيح وملائم، ولا تضعها في مقدمة الدول الأكثر جذبا للسياح، ولا في قائمة الدول الأكثر استقبالا للسياح، بحسب خبراء ومسؤولين سابقين تحدثوا للجزيرة نت.

وتعمل الحكومة في مصر على تحقيق خطتها القومية لمضاعفة عدد السياح من خلال العمل على عدة محاور، وفقا لوزير السياحة والآثار أحمد عيسى، وهي:

  • زيادة الغرف الفندقية وأعداد المطاعم الموجودة في مصر.
  • جذب المستثمرين المحليين والأجانب من خلال تحسين مناخ الاستثمار.
  • زيادة عدد المقاعد المتاحة لمصر بشركات الطيران.
  • تحسين التجربة السياحية للسائحين في مصر.

تأثير استقبال مصر 30 مليون سائح

يعتقد وزير السياحة المصري أن وجود 30 مليون سائح سنويا سيجنب مصر أزمة نقص العملات الأجنبية، وقال في تصريحات صحفية “لو يتحقق هذا الرقم فإن عجز الميزان التجاري سيغلق تماما”، مشيرا إلى أهمية تحفيز الاستثمار الفندقي وزيادة عدد الغرف الفندقية والمطاعم السياحية في مصر.

وتمثل عائدات السياحة -في الظروف الطبيعية- نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 15% من إيرادات مصر من العملات الأجنبية، وتعد ثالث أكبر مصدر للدخل الأجنبي للبلاد بعد الصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.

ويسهم قطاع السياحة بمصر في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويقدر عدد العاملين فيه بحوالي 3 ملايين، وهو ما يمثل نحو 10% من إجمالي قوة العمل، بحسب دراسة لمعهد التخطيط القومي في مايو/أيار 2020.

%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9 3
استدامة السياحة وزيادة أعدادها تتطلبان تقديم خدمات سياحية عالية الجودة (الجزيرة)

ماذا عن المنشآت السياحية؟

توجد 8 آلاف منشأة سياحية مرخصة في مصر تتمثل في 1200 فندق و2200 شركة سياحية، إضافة إلى 1400 مطعم و2200 بازار (محل هدايا وتحف) و480 مركز غوص وأنشطة بحرية، إلى جانب ألفي موقع أثري منها 133 مفتوحا للزيارة، إضافة إلى أكثر من 40 متحفا، بينها 31 يستقبل الزائرين.

وتأتي زيادة عدد الغرف الفندقية إلى 500 ألف غرفة مقارنة بـ200 ألف حاليا، وعدد المطاعم السياحية إلى 6 آلاف مطعم، على قمة أولويات الحكومة، وهذا يحقق قفزة سنوية في عدد السياح بنسبة 25% إلى 30%.

ويرى وزير السياحة المصري أن وجود أكثر من 500 ألف غرفة فندقية سيسهم في الوصول إلى الرقم التي تخطط الدولة للوصول إليه بناء على دراسة تجارب الدول التي كان لديها العدد ذاته من الفنادق.

بدوره أكد علي حسن المدير العام للرقابة والتفتيش على المطاعم والمنشآت السياحية بوزارة السياحة والآثار، على ضرورة توفير 6 آلاف مطعم ومنشأة سياحية على الأقل بدلا من 1400 ما بين مطاعم ثابتة وعائمة وكافيتريات ومسارح منوعات وغيرها.

وتركز الوزارة، بحسب الوزير، على 5 أنماط من السياحة:

  • سياحة الأماكن الأثرية والثقافية.
  • سياحة الأماكن الشاطئية والترفيهية.
  • السياحة العائلية.
  • سياحة المغامرات والصحاري.
  • السياحة العلاجية والاستشفائية.

المقومات والإمكانيات

ويرى وكيل وزارة السياحة سابقا مجدي سليم أن “البنية التحتية في مصر جاهزة للتطوير لاستيعاب هذا الرقم خلال السنوات القليلة الماضية”، مشيرا إلى أنه يوجد في مصر نحو 210 آلاف غرفة فندقية حاليا ولكنها غير قادرة على استيعاب العدد المستهدف، وعلى الرغم من أن المطاعم غير كثيرة فإنها تكفي نسبيا”.

اقرأ ايضاً
مع رفع الفائدة الأميركية.. الدولار يحقق مكاسب كبيرة والذهب يخسر فماذا عن النفط؟

وأضاف سليم -الذي شغل منصب رئيس قطاع السياحة الداخلية بهيئة التنشيط السياحي- في تصريحات للجزيرة نت، أن زيادة عدد الوافدين لزيارة مصر بنسب تصل إلى 20% أو 25% سيشجع على الانتهاء من بناء 200 ألف غرفة سياحية تحت الإنشاء وتغطي الاحتياجات في الأعوام المقبلة.

وشدد على أهمية الاستثمار الأجنبي في قطاع السياحة والذي سيفتح الباب للاستثمار المحلي نظرا للتسهيلات الكبيرة التي تمنحها الحكومة للأجانب، مشيرا إلى أن هناك تطويرا في شبكة الطرق والنقل والمواصلات لتسهيل الحركة، إلى جانب الانتهاء من متحف الحضارة، واقتراب افتتاح المتحف الكبير الذي يعد علامة بارزة في عالم السياحة.

لكن سليم لفت إلى أن زيادة الأعداد ليست مرهونة فقط بزيادة المنشآت السياحية، وإنما باتباع خطة تطوير شاملة يأتي في مقدمتها تحسين الخدمة السياحية المقدمة للسياح؛ لأننا لم نصل إلى الوجه الأكمل في تقديم خدمات ترضي السياحة الوافدة، رغم الدور الكبير الذي كان يمكن أن تلعبه السياحة في دفع الاقتصاد المصري في حال عملها بشكل احترافي.

وأرجع الخبير السياحي سبب عدم مواكبة مصر للدول المنافسة في مجال جذب السياحة طوال العقود الماضية، رغم ما تمتلكه من مقومات طبيعية، إلى سوء التخطيط الذي يتناقص دوره بدلا من أن يتزايد، إلى جانب عدم توافر عمالة ماهرة تقدم خدمات احترافية، وأخيرا وجود مشكلات بيئية تتعلق بجودة المياه والهواء.

وعلى مستوى الإنفاق، أنفقت الحكومة المصرية نحو 1.6 مليار جنيه (الدولار يساوي 24.7 جنيها) على الحملات الترويجية للسياحة وبرنامج تحفيز الطيران خلال العام المالى الماضي 2021-2022.

وقدرت وزارة التخطيط المصرية ارتفاع استثمارات قطاع السياحة والآثار إلى نحو 7.4 مليارات جنيه خلال عام 2022-2023 للارتقاء بالبنية التحتية للأماكن السياحية، فضلا عن تكوير شبكة الطرق والكباري والمواصلات.

2021 04 ECONOMY POLL
عائدات السياحة في مصر تسهم بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي (رويترز)

السياحة خدمات لا أماكن

لا يتفق رئيس غرفة السياحة السابق ورئيس مجلس إدارة إحدى الشركات السياحية أحمد عطية مع طرح وزير السياحة الخاص بزيادة عدد الغرف والمطاعم الفندقية والسياحية من أجل جذب أكبر عدد من السياح.

وأعرب -في حديثه للجزيرة نت- عن أن الوصول إلى رقم 30 مليون سائح سنويا يمكن تحقيقه، لكن المشكلة لا تكمن في الكم بل في الكيف، موضحا أن الأمر يتعلق بمزيج من الإجراءات الإدارية الإيجابية ووضع إستراتيجية تقوم على تحسين الخدمات خاصة أن مصر تتمتع بجميع مقومات السياحة الطبيعية والتاريخية.

وأكد عطية أن “العدد الحالي من الغرف يلبي الاحتياجات، وزيادتها عن الحاجة سيقلل من الأسعار، خاصة أن الحدود السعرية للغرف الفندقية في مصر أقل من نظيراتها في الدول الأخرى، وبالتالي فإن خفض الأسعار ستتبعه جودة قليلة، ومن ثم يؤدي إلى نتائج عكسية، إذن من المهم العمل على تحسين الخدمات وليس زيادة الأعداد”.

وتتطلب استدامة السياحة وزيادة أعدادها -بحسب عطية- تقديم خدمات سياحية عالية الجودة، وأيادي عاملة مدربة ومحترفة، وتوفير أمن سياحي ليس بمفهومه الأمني إنما بمفهومه السياحي من تجول وتنقل بين الأماكن وفي المواصلات والشوارع دون مضايقات وبأريحية في أي مكان، فالسياحة ليست فندقا وشاطئا ومطعما فقط.

وخلص عطية إلى أنه “كان من الممكن أن تكون عائدات السياحة رقم واحد في واردات الدولة من العملات الأجنبية، إذا كانت السياحة تتمتع بالمزايا التي ذكرناها خاصة أن مصر بها جميع أنماط السياحة، ولديها مصادر سياحية مفتوجة طوال العام، وتعد الأفضل والأجمل بين منافسيها”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى