اقتصاد

رغم احتياطاتها الهائلة.. نقص في توزيع غاز التدفئة بإيران

طهران- تسببت موجة الصقيع، التي تضرب نحو ثلثي المحافظات الإيرانية، في تعليق الدوام الرسمي وإغلاق المدارس والجامعات، في حين أصدرت هيئة الأرصاد الجوية تحذيرات باللون الأحمر عن تساقط الثلوج بشكل كثيف في عدد من المحافظات، وأخرى باللون البرتقالي تحذر من هطول أمطار غزيرة وسيول جارفة.

وتشهد نحو 20 محافظة -من أصل 31 محافظة إيرانية- هذه الأيام تساقطا للثلوج ومنخفضات جوية قوية، تقول الأرصاد الجوية إنها سوف تستمر حتى الأحد المقبل، مؤكدة أن مدينة فريمان (شمال شرقي البلاد) كانت الأبرد بتسجيلها 29 درجة تحت الصفر، كما أن عديدا من المدن الأخرى شهدت درجات حرارة تراوحت بين 20 و25 تحت الصفر.

وعقب اكتساء العديد من المحافظات الإيرانية بالحلة البيضاء، أوضحت إدارة الموارد المائية أن الثلوج أضحت تغطي نحو 183 ألف كيلومتر مربع بنسبة أكثر من 11% من جغرافيا البلاد، وأن سماكة الثلوج شهدت زيادة بنسبة 89% مقارنة مع العام الماضي.

أزمة غاز

ومع تدني درجات الحرارة في غالبية المحافظات الإيرانية إلى تحت الصفر، بدأت شبكة الغاز الوطنية تعاني من انخفاض في الضغط، لا سيما في المحافظات الواقعة شمال شرقي البلاد التي سجلت درجات حرارة منخفضة جدا بلغت 20 درجة تحت الصفر.

من جانبه، أعلن مدير المركز الإستراتيجي للغاز محمد رضا جولائي أن محافظات خراسان الشمالية والجنوبية والرضوية وغلستان ومازندران تواجه وضعا حرجا في توفير الغاز للاستهلاك المنزلي، محذرا من تفاقم الأزمة خلال الأيام القليلة المقبلة في حال استمرت وتيرة الاستهلاك كما هي عليه.

ورغم أن وسائل إعلام إيرانية ناطقة بالفارسية نشرت تقارير عن انقطاع الغاز عن آلاف المستخدمين في تلك المحافظات فضلا عن خروج العديد من محطات الوقود عن الخدمة، فإن شركة الغاز الوطنية تقول إنها قررت قطع الغاز عن المستخدمين الذين يستهلكون كميات كبيرة من الوقود.

من جانبه، عزا وزير النفط الإيراني جواد أوجي الأزمة إلى تفاقم استهلاك الغاز الذي بلغ 700 مليون متر مكعب الأحد الماضي، مؤكدا أن هذا العدد كان قد بلغ 685 مليون متر مكعب حتى صباح السبت الماضي.

وأوضح أوجي -في تصريحات صحفية- أن استهلاك الغاز في البلاد سجل زيادة بنسبة أكثر من 25% مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي، مؤكدا أن هذه الكمية تعادل نحو 4 ملايين برميل من النفط الخام.

Snowfall in Iran's Tehran
انقطاع الغاز عن آلاف المستخدمين في المحافظات الإيرانية وخروج العديد من محطات الوقود عن الخدمة (الأناضول)

البنى التحتية

في غضون ذلك، أكد الباحث في شؤون الطاقة إحسان حسيني، قطع الغاز في مدينة تربت جام الواقعة على الحدود المشتركة مع أفغانستان شمال شرقي البلاد، عازيا ذلك إلى توقف صادرات الغاز التركمانستاني إلى بلاده.

اقرأ ايضاً
توقيع مذكرة تفاهم بين «شؤون الحرمين» وهيئة الإذاعة والتلفزيون

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح حسيني أن بلاده تمتلك ثاني أكبر احتياطات الغاز على مستوى العالم بعد روسيا والثالثة في إنتاجه إلا أنها تعاني من مشكلة في إنشاء البنى التحتية لنقل الغاز من المناطق الجنوبية إلى المناطق النائية قرب الحدود الشمالية والشرقية.

ورغم أن إيران تملك حقولا كبيرة للغاز الطبيعي في مناطقها الجنوبية، فإنها تعتمد منذ 1997 على الغاز المستورد من تركمانستان لتوزيعه في المحافظات الشمالية والشرقية، كما وقعت عام 2021 اتفاقا مع الجانب التركماني لمقايضة الغاز وتسليم كميات مماثلة إلى الجانب الأذربيجاني عند الحدود المشتركة شمال غربها.

وتوقع حسيني أن يتواصل نقص الغاز في بلاده حتى الأسبوع المقبل، واصفا الأزمة بأنها عابرة وناتجة عن عاصفة ثلجية لم تشهدها البلاد منذ عقود، مستدركا أن موجة الصقيع الأخيرة أكدت من جديد ضرورة توسعة شبكة الغاز الوطنية.

“ولعل العامل الرئيس الذي تسبب في تفاقم أزمة نقص الغاز في المرحلة الراهنة هو إنهاء عمل الشركة المعنية بتخزين الغاز المسال قبل 5 أعوام بذريعة انعدام الجدوى الاقتصادية”، وفق الباحث الإيراني الذي يؤكد استمرار تدفق كميات تقدر بنحو 10 ملايين متر مكعب يوميا من الغاز الإيراني إلى العراق هذه الأيام لعدم حاجة البلاد إليها في المناطق الغربية واستحالة نقلها إلى المناطق الشمالية الشرقية.

عجز كبير

في سياق متصل، نقلت وكالة “بلومبيرغ” (Bloomberg) عن شركة بوتاش التركية، المشغلة لخطوط الأنابيب، أن صادرات الغاز الإيراني إلى تركيا انخفضت منذ بداية الشهر الجاري بنسبة 70% بسبب خلل في الشبكة الإيرانية، مضيفة أن السلطات التركية حثت إيران على حل المشكلة في أقرب وقت ممكن.

وتعمل 22 مصفاة في إيران بكامل طاقتها لإنتاج نحو مليار متر مكعب يوميا من الغاز، لكنها لا تزال تواجه نقصا بحجم 200 مليون متر مكعب في فصل الشتاء، وفق عالم الاقتصاد الإيراني بهمن آرمان، الذي يحث حكومة بلاده على الاستثمار في قطاع الطاقة بدلا من التعويل على اتفاقيات مبادلة الغاز مع الدول الأخرى.

ولضمان توفير الغاز للاستهلاك المنزلي خلال مواسم البرد، اتخذت الحكومة الإيرانية قرارا، منذ أسابيع، بقطعه عن القطاعات الصناعية، منها البتروكيميائيات ومصانع الأسمنت ومحطات الكهرباء.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى