الاخبار العاجلةسياسة

تكشف عجز إسرائيل الكبير.. هكذا يحصل المقاومون في الضفة على السلاح

لا بد أن أسئلة كثيرة دارت بشأن عملية القدس الأخيرة التي نفذها الفتى الفلسطيني محمود عليوات، وأسفرت عن إصابة إسرائيلييْن أحدهما ضابط في جيش الاحتلال.

وربما من أهم هذه الأسئلة: من أين لطفل لم يتجاوز عمره 13 عاما أن يحصل على مسدس من نوع براوينغ البلجيكي؟

وتفتح الإجابة عن هذا السؤال الباب مشرعا أمام سيل من الأسئلة الأخرى، تدور حول كيفية حصول المقاومين الفلسطينيين في الضفة الغربية تحديدا على السلاح لتنفيذ عملياتهم، رغم كل الإجراءات الأمنية المحيطة بهم سواء من جانب أجهزة أمن السلطة أو الاحتلال.

تدفق السلاح

يدور الحديث عن عدد من القنوات يتدفق من خلالها السلاح إلى الضفة الغربية، ومن ثم يصل إلى المقاومين في خطوات لاحقة، وهو ما أسفر عن تحويل الصراع من مواجهات بالحجارة إلى معارك بأسلحة يتزايد انتشارها يوما بعد يوم.

فلم يعد الأمر متعلقا بأسلحة محلية الصنع أو رديئة وإنما متطورة، وفق تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وخلال العام الماضي، تحدثت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن 300 حادثة إطلاق نار على إسرائيليين في الضفة الغربية، ويقول تقرير الصحيفة “إن في هذا التبادل المستمر لإطلاق النار يُقتل مسلحون فلسطينيون ويسعى أقاربهم أو أصدقاؤهم للانتقام في الليلة التالية”.

ومن خلال العودة إلى عدة تقارير وأبحاث صدرت عن المؤسسات الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية المهتمة بهذا الشأن ونشرتها وسائل الإعلام، إضافة إلى تصريحات المسؤولين من الجانبين بهذا الصدد، ينكشف النقاب عن أهم الوسائل والطرق التي يصل بها السلاح إلى الفلسطينيين.

– إغراق الضفة بالسلاح

يتزايد الطلب على السلاح الفردي بصورة لافتة في الضفة الغربية، لاعتبارات متعددة، يأتي في مقدمتها عدم استقرار الوضع السياسي.

فقد سعت العائلات الفلسطينية والتجار ورجال الأعمال والمؤسسات وحتى المسؤولين في السلطة إلى تسليح الدوائر المحيطة بهم، من أجل حماية مصالحهم في حال حدوث أي فراغ أو انفلات أمني يتسبب به وجود الاحتلال.

وتتهم السلطة الفلسطينية الاحتلال بإغراق الضفة بالسلاح لتحقيق أهداف سياسية وأمنية، يقع في صدارتها الضغط على السلطة من أجل التزام أكبر باتفاقات التنسيق الأمني.

ومن الملاحظ -وفق تصريحات للشرطة الفلسطينية- فإن الغالبية العظمى من قطع السلاح المنتشر في المناطق الفلسطينية هي من النوع المستخدم في الجيش الإسرائيلي.

غير أن الاحتلال -في المقابل- يقول إن معظم الأسلحة التي ضبطت كانت أميركية، مصدرها قواعد عسكرية تخلّت عنها القوات الأميركية في العراق وتم نهبها وتهريبها حتى وصلت إلى الضفة الغربية.

وفي هذا السياق، ترجح المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن عدد قطع السلاح غير المرخصة بالمجتمع العربي الفلسطيني داخل الخط الأخضر -التي يصل بعضها إلى الضفة الغربية- يتجاوز نصف مليون قطعة سلاح، تتنوع بين بنادق متنوعة، ومسدسات، وقنابل، فضلا عن توفر مواد لتصنيع المتفجرات والرصاص وأمشطة الذخيرة.

Funeral of Palestinian Den of Lions member Tamer Kilani, in Nablus
مقاومون فلسطينيون من مجموعة عرين الأسود خلال تشييع شهيد في نابلس (رويترز)

– سلاح الاحتلال بيد المقاومين

تكشف تقارير صادرة عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، في كل فترة، النقاب عن حجم الأسلحة والأدوات القتالية التي سرقت من مستودعات جيش الاحتلال والصناعات العسكرية

وتقول هذه التقارير إن آلاف قطع السلاح تأخذ طريقها من هذه المستودعات سنويا وتباع بالسوق السوداء سواء في المناطق العربية داخل الخط الأخضر، أو في الضفة الغربية.

وفي تقرير نشره الجيش الإسرائيلي، أقرّ بسرقة 323 بندقية “إم 16” (M16)، و75 بندقية “إم 4” (M4)، و84 بندقية من طراز “تافور”، و32 رشاشا من طراز “نيغيف” و”ماغ”، و13 مسدسا من طراز “غلوك”، و82 قاذف بندقية، و527 قنبلة يدوية، و47 صاروخا من طراز “لاو”، و37 قاذف قنابل، و386 عبوة ناسفة، و12 قنبلة إنارة، و35 صندوق ذخيرة، و500 ألف رصاصة حية.

اقرأ ايضاً
وول ستريت جورنال: لحظة حاسمة لأوكرانيا

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن الجيش قام بالتحقيق في سرقة “نحو 70 ألف طلقة و70 قنبلة يدوية” سرقت من إحدى قواعده العسكرية في الجولان السوري المحتل.

وقبل ذلك، دار الحديث في خريف عام 2021 عن واحدة من أكبر سرقات الذخيرة في تاريخ جيش الاحتلال، وشملت أكثر من 93 ألف طلقة.

وترجح الصحيفة أن تكون مسروقات الأسلحة من مستودعات الجيش أضعاف ما كشف النقاب عنه، إذ تقدر قيمة المسروقات في كل سنة بنحو 15 مليون دولار.

وفي المقابل، كشفت تحقيقات أجهزة الأمن الفلسطينية عن قائمة بأسعار قطع السلاح التي تباع في هذه السوق، حيث يحقق منها تجار إسرائيليون بالتعاون مع نظراء فلسطينيين أرباحًا طائلة، فعلى سبيل المثال قد يصل سعر بندقية “M16” إلى أكثر من 30 ألف دولار، بينما يبلغ سعر الرصاصة الواحدة نحو 3 دولارات.

– تهريب السلاح

تتحدث تقارير جيش الاحتلال الإسرائيلي عن خطوط لتهريب الأسلحة تمتد من اتجاهات مختلفة؛ من إيران أو العراق أو سوريا ومصر ولبنان.

لكن هذه الخطوط تنتهي جميعا بوصول الأسلحة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، إما عبر نهر الأردن والأغوار، وفي الشمال عبر الحدود مع لبنان، ومن سيناء في الجنوب والغرب، وذلك عدا تلك التي تصل إلى قطاع غزة.

وفي الأعوام الثلاثة الماضية، أعلنت إسرائيل عن إحباط نحو 60 محاولة لتهريب السلاح، ضبطت خلالها -حسب تقارير صدرت عن جيش الاحتلال- نحو ألف بندقية، إضافة إلى مئات المسدسات والقنابل اليدوية والعبوات الناسفة، كما تشير المعلومات إلى تهريب كميات كبيرة من قطع السلاح مفككة الأجزاء.

وتشير التقديرات إلى أنه مقابل كل عملية إحباط ناجحة، فمن المحتمل أن يكون هناك عملية تهريب ناجحة.

وليس بالضرورة أن تصل كل هذه الكميات من السلاح إلى المقاومين في الفصائل الفلسطينية بالضفة الغربية، بل إن بعضها -وفق تصريحات لمسؤولين فلسطينيين- يصل إلى العائلات الفلسطينية ومسؤولين في السلطة.

– ورش تصنيع

ومع تصاعد وتيرة المواجهات مع جيش الاحتلال في الأعوام الماضية، فقد سعى المقاومون الفلسطينيون إلى تنويع مصادر الحصول على السلاح ولجؤوا إلى محاولة تصنيعه محليا في ورش خاصة داخل مناطق الضفة الغربية.

وكلما نجح الجيش الإسرائيلي في وقف عمليات تهريب السلاح من الخارج تزداد عمليات تصنيعه في الضفة، رغم المخاطر التي تكتنف مثل هذه العمليات في ظل وجود التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة.

وأعلنت قوات الاحتلال على مدار الأعوام الخمسة الماضية عن دهم عشرات الورش الفلسطينيّة التي تقوم بتصنيع السلاح، كما أعلنت مصادرة آلاف قطع السلاح المصنعة محليا، مثل بندقية الكارلو التي تعرف بأنها “سلاح الفقراء” لانخفاض سعرها، وقد باتت رمزًا من رموز المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

لكن في المدة الأخيرة، شهدت أسعار السلاح المصنّع محليا في الضفة الغربية ارتفاعا ملحوظا، في ظل التشديد الأمني على دخول السلاح من الخارج.

ورصد تقرير لجيش الاحتلال نشر بنهاية العام الماضي أنه ضبط أكثر من 500 قطعة سلاح وأغلق 14 ورشة لتصنيع الوسائل القتالية.

بقي أن نقول إنه رغم معرفة أجهزة الأمن الإسرائيلية الدقيقة بمصادر سلاح المقاومة في الضفة الغربية، ورغم الحملات التي يشنّها جنود الاحتلال للسيطرة على انتشار السلاح في الضفة، فإن المخاطر المترتبة على ذلك أظهرت “عجز إسرائيل الكبير”، وجعلت النجاحات في هذا الأمر محدودة.

ووفق تقرير “يديعوت أحرنوت”، فإن “العثور على بندقية واحدة لا يستحق قضاء جنود الاحتلال ساعات طويلة في البحث عنها، وقد يتعرضون خلالها لنيران متزايدة، وقد يفقدون أحد جنودهم”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى