الاخبار العاجلةسياسة

أبرزها سد النهضة.. ما التحديات المصرية في القمة الأفريقية؟

القاهرة- بأجندة مسبقة شعارها “تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية” تتجه الأنظار إلى أديس أبابا حيث تستضيف قمة الاتحاد الأفريقي، يومي السبت والأحد.

بيد أن جملة من التحديات والمعارك البينية من المحتمل أن تفرض نفسها خلال تلك القمة، أبرزها النظر في عضوية إسرائيل بصفة مراقب، وملف سد النهضة الإثيوبي، فضلا عن العضويات المجمدة لدول بينها السودان، وهي ملفات تلقي بظلالها على مصر.

ولم يتبين بعد موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من المشاركة في قمة أديس أبابا، وما إذا كانت بلاده ستخفض مستوى تمثيلها كما حدث في قمة أديس أبابا 2022 بمشاركة وزير الخارجية سامح شكري بدلا من السيسي، والأخير كان قد تسلم قبل يومين رئاسة الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي “نيباد” لمدة عامين، من نظيره الرواندي بول كاغامي، في اجتماع عبر الفيديو كونفرانس.

وشهدت الاجتماعات التحضيرية لقاءات أجراها شكري مع نظرائه الأفارقة من أجل طرح وجهة نظر بلاده بشأن ما تصفه القاهرة بالتعنت الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة.

استبعاد سد النهضة

بالنظر إلى دور الاتحاد الأفريقي في ملف السد الإثيوبي، يمكن القول إنه لم يفلح في حلحلة الأزمة برأي مراقبين، الأمر الذي أدى إلى تغييب الملف عن مداولات القمة الأفريقية لأول مرة العام الماضي، منذ الشروع في تدشينه عام 2011.

في هذا الصدد، يرجح الأكاديمي المصري والخبير في الشأن الأفريقي، بدر شافعي، غياب ملف السد عن القمة، وعزا ذلك إلى وجود أجندة مسبقة للقمة، وغياب الإشكالية الحقيقية بالنظر إلى سلاسة عمليات الملء الثلاث السابقة وعدم اكتمال جسم السد حتى الآن، وبالتي من المتوقع عدم تصدره المناقشات، كما لن يناقشه مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي.

وفي حديث للجزيرة نت، قال شافعي إن الاتحاد الأفريقي فشل بسبب عدم توافق الأطراف المعنية من جهة، ومن جهة أخرى رفض إثيوبيا الدائم تسوية الخلافات مع مصر والسودان، في سياق قد يستمر مستقبلا.

وبسؤاله: هل تعول مصر على رئاسة جزر القمر للاتحاد في دفع مفاوضات السد للأمام، بعد جمود الموقف خلال رئاسة السنغال، استبعد شافعي حدوث انفراجة، موضحا أن رئيس الاتحاد مجرد داع لمساعي التسوية إن أثيرت المسألة للتصويت، في وقت لا يستطيع فرض أجندته على إثيوبيا، بما يعزز عدم تعويل القاهرة على رئاسة جزر القمر أو غيرها.

كما يرجح شافعي أن يكون التمثيل المصري على أعلى مستوى خلال القمة، بالنظر إلى مشاركة قرابة 39 زعيمًا أفريقيًا بالقمة، حسب ما ذكرته مفوضية الاتحاد، غير أنه استدرك بالقول إن القمة الحالية قد تمثل فرصة لمصر في طرح وجهات نظرها في القضايا الأفريقية، وتعزيز علاقاتها الثنائية.

سيطرة إثيوبية

متفقًا مع شافعي، يستبعد الباحث المصري المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد عبد الكريم، مناقشة قمة الاتحاد ملف السد، مشيرًا إلى أن إثيوبيا أعلنت رسميًا الاستعداد للملء الجديد (الرابع) خلال أعمال القمة مما يؤشر إلى التحدي الواضح لأية مواقف مصرية، وتأكيدًا على عدم تداول الملف أفريقيًا وتجميد المسار وعدم تحريكه إلا وفق رؤيتها.

وفي حديث للجزيرة نت، يرى عبد الكريم أن إثيوبيا تسيطر بشكل كبير على توجهات الاتحاد الأفريقي لأسباب غامضة، مما يعزز القول إن دور الاتحاد ولد بالأساس متحيزًا لموقفها، وبما يعني ضمنيًا عدم حسم أية قضايا خلافية بين إثيوبيا ودولتي المصب وإطالة أمد المحادثات وتكريس الأمر الواقع بشكل كبير.

ويتضح ذلك -حسب الباحث المصري- في جمود أية محادثات بخصوص السد وتشغيله وإدارته، وعجز مصر عن التحرك في هذا الملف وفق القنوات الدبلوماسية المفترضة.

اقرأ ايضاً
"روسيا و العالم الاسلامي" انطلقت اليوم في جدة تحت شعار "الحوار و آفاق التعاون"

كما يعتقد أن دور جزر القمر في تحريك ملف السد، خلال رئاستها للدورة الجديدة للاتحاد، لن يسهم في أي تغيير يذكر، لا سيما أن الحسابات الخليجية تؤثر بشكل كبير في خيارات هذه الدولة، التي تعد عضوًا بالجماعة العربية، وسبق أن صوتت لصالح تفهم مخاوف مصر من مسألة سد النهضة.

عضوية إسرائيل

من المرجح أن تناقش أعمال القمة مسألة سحب “صفة مراقب” من إسرائيل، الذي اتخذه منفردًا رئيس المفوضية موسى فكي صيف 2021، وتم تجميد قراراه في قمة فبراير/شباط 2022 بعد احتجاجات أفريقية واسعة.

وكان لافتًا غياب السفير الإسرائيلي لدى أديس أبابا، أليلي أدماسو، عن حضور اجتماعات المجلس الوزاري التنفيذي للاتحاد، يومي الأربعاء والخميس، مما أثار تكهنات حول القرار المحتمل من القمة بتجميد عضوية إسرائيل.

وكانت مصر قد اتخذت موقفًا معارضًا -إلى جانب دول أخرى- برفض منح إسرائيل صفة مراقب.

وفيما يتعلق بالموقف المصري من عضوية إسرائيل، يشير الأكاديمي شافعي إلى أن بلاده كانت من أوائل الدول التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل، مما أثار حفيظة الأفارقة الذين كانوا متضامين معها في حرب 1973 وقطعوا علاقاتهم مع تل أبيب دعمًا لمصر، وفي وقت لاحق اتجهوا لتطبيع العلاقات معها بعد اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية.

ويعتقد أن الرفض المصري لعضوية إسرائيل ربما يأتي مجاملة ومتماشيًا مع المزاج الأفريقي العام فحسب، لأن مصر لديها علاقات قوية مع إسرائيل.

في المقابل، يقول الباحث عبد الكريم إن بلاده تتبنى لأسباب مفهومة سياسة الرفض الهادئ لعضوية إسرائيل مراقبًا في الاتحاد، على خلاف حالات الجزائر وجنوب أفريقيا على سبيل المثال.

وأضاف أن آثار عضوية إسرائيل -في الاتحاد- على مصر جسيمة للغاية في ضوء قراءة مساعي تل أبيب المستمرة لدعم الدول التي لديها خلافات مع القاهرة، حيث تقدم لها دعمًا عسكريًا وتقنيًا واستشاريًا في ملفات عديدة، في وقت تواجه فيه مصر مأزقًا متعدد المستويات بالنظر إلى المشكلات الاقتصادية وتوجهات أهم حلفاء القاهرة الخليجيين في الشرق الأوسط وأفريقيا.

مقعد السودان

للعام الثاني على التوالي، تغيب مشاركة السودان في أعمال القمة، في سابقة تاريخية للدولة التي تعد من مؤسسي منظمة الوحدة التي قام على أنقاضها الاتحاد الأفريقي.

وكان الاتحاد قد قرر فرض عقوبات على السودان شملت تجميد عضويته منذ إجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، التي حل بموجبها حكومة شركائه المدنيين في وقت تطالب فيه السلطات الانتقالية رفع تلك العقوبات وتجميدها.

وتشتبك القاهرة مع الأزمة السودانية، ومؤخرًا طرحت مبادرة لاحتواء الخلاف بين القوى السياسية في السودان، حيث استضافت في 2 فبراير/شباط الجاري ورشة لتقريب وجهات نظر الفرقاء نحو حل سودانى سودانى.

وكان الجنرال البرهان قد أثار مخاوف دوائر مصرية، حين أعلن أواخر يناير/كانون الثاني الماضي “اتفاق وتوافق” بلاده مع إثيوبيا حول كافة قضايا السد الذي تتخوف مصر من تداعياته على حصتها المائية من نهر النيل.

وحول الاعتبارات المصرية من فك تجميد عضوية السودان بالاتحاد، يعتقد شافعي أن بلاده من المحتمل أن تتبنى دعوة لاستعادة مقعد السودان بالاتحاد، موضحًا أن القاهرة ترغب في أن تشتبك أكثر مع المشهد السوداني، لا سيما مع البرهان.

ويرى الخبير المصري أن ذلك قد يفيد مصر لعدة اعتبارات، يأتي على رأسها أن التقارب مع النظام الانتقالي الحالي قد يكون الهدف منه كسب الموقف السوداني في أية مفاوضات بملف السد الإثيوبي.

لكن قرار عودة الخرطوم للاتحاد الأفريقي والمساعي المصرية المحتملة بهذا الشأن، يبقى مرهونًا -حسب شافعي- بقرار الاتحاد الأفريقي الذي ينظر دائمًا إلى ما تم انجازه بالسودان، بإجراء انتخابات.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى