الاخبار العاجلةسياسة

هوس بالانفصال وقانون التحول الجنسي.. أخطاء سياسية عجّلت بنهاية درامية لرئيسة وزراء أسكتلندا

لندن- فجأة وبدون سابق إنذار، أعلنت رئيسة الوزراء الأسكتلندية نيكولا ستورجن، استقالتها من منصبها بعد أكثر من 8 سنوات قضتها في هذا المنصب وبوصفها رئيسة لـ”الحزب الوطني الأسكتلندي” (SNP)، الذي يحمل عقيدة الانفصال عن المملكة المتحدة.

وجاء قرار الاستقالة في توقيت استغربه كثيرون، خصوصا أن ستورجن نجحت في حصد الأغلبية المطلقة لحزبها في الانتخابات الأخيرة عام 2021، إلا أن مياها كثيرة جرت تحت جسر هذا النجاح بعد ذلك، الأمر الذي دفعها للاستقالة.

وعلى امتداد سنوات، تحولت ستورجن إلى أيقونة لمشروع انفصال أسكتلندا عن المملكة المتحدة، ورغم إخفاق استفتاء سنة 2014 في الوصول لهذا الانفصال، فإن رئيسة الوزراء ظلت مدافعة شرسة عن إجراء استفتاء جديد للانفصال.

فما الذي أدى إلى استقالة هذه السياسية التي تحظى باحترام وتقدير في بلادها ولها القدرة على إكمال ولايتها ومرشحة بقوة للاستمرار على رأس السلطة حتى 2026 على الأقل؟

Nicola Sturgeon Holds Public Discussion With Scotland's EU Nationals Post-Brexit
يعتقد المحللون أن عزم ستورجن عرض الانفصال عن المملكة المتحدة للاستفتاء مرة أخرى أحد أخطائها (غيتي)

عقدة الانفصال

تُجمع كل التحليلات السياسية أن أكبر سبب لاستقالة ستورجن هو ملف الانفصال عن المملكة المتحدة، وفي هذا الملف ارتكبت ستورجن 3 أخطاء سياسية عجلت برحليها:

  • أول هذه الأخطاء هو إصرارها على وضع الاستفتاء كأولوية سياسية للبلاد، رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها.
  • أما الخطأ الثاني، فهو الدخول في تحدٍّ قانوني مع الحكومة البريطانية؛ بطلب رأي المحكمة العليا حول شرعية إجراء استفتاء بدون موافقة الحكومة في لندن، فقررت المحكمة العليا أن أي استفتاء بدون موافقة الحكومة لن يكون قانونيا، وهو ما سحب من أسكتلندا ورقة مهمة كانت تلوح بها دائما في مفاوضاتها مع لندن لكن بدون استعمالها.
  • والخطأ الثالث الذي ألّب على ستورجن جزءا كبيرا من قاعدة حزبها هو إصرارها على جعل الانتخابات العامة المقبلة، بمثابة استفتاء على الانفصال. وكانت ستورجن تنوي دخول الانتخابات بنقطة واحدة في برنامجها الانتخابي وهي التعهد بتنظيم استفتاء انفصال عن المملكة المتحدة، الأمر الذي عارضه كثيرون داخل الحزب الوطني الأسكتلندي، لما تعيشه البلاد من مشاكل اقتصادية واجتماعية تستحق أن يتم عرضها في البرنامج الانتخابي.

كما أن قيادة الحزب تخشى من أن دخول الانتخابات المقبلة بوعد إجراء استفتاء جديد على الانفصال فقط، قد يؤدي إلى تراجع شعبية الحزب وفقدانه صدارة المشهد السياسي.

وتعرّضت ستورجن لضغوط كبيرة داخل حزبها للتراجع عن هذا التعهد، وهو ما رفضته وقررت الانسحاب في انتظار ما سيسفر عن المؤتمر العام للحزب الوطني الأسكتلندي في مارس/آذار المقبل.

اقرأ ايضاً
تايمز: خطط سوناك لردع دخول اللاجئين إلى بريطانيا ضعيفة قانونيا وأخلاقيا وسياسيا

قانون التحول الجنسي

وبعيدا عن “الهوس” بتحقيق الانفصال عن المملكة المتحدة بأي ثمن، ارتكبت ستورجن أخطاء سياسية منها إقرار الحكومة الأسكتلندية قانونا مثيرا للجدل يخفض العمر الذي يمكن فيه إجراء تغيير الجنس.

ونصّ القانون الجديد على السماح للأطفال في سن 16 بتغيير جنسهم، مع إلغاء شرط الحصول على فحص طبي قبل إجراء العملية.

إلا أن هذا القانون اصطدم بالبرلمان البريطاني والحكومة في لندن، التي استخدمت “الأمر 36″، وهو بمثابة قانون يسمح للحكومة بإبطال قرارات صادرة عن البرلمان الأسكتلندي، ما يجعلها لا تحظى بموافقة الملك في البلاد.

وأبطلت الحكومة البريطانية هذا القانون لأنه، من وجهة نظرها، يتناقض مع “قانون المساواة” الذي يتم تطبيقه في كل المملكة المتحدة، إضافة لكون سن 16 صغيرا لاتخاذ قرار تغيير الجنس.

وأثار هذا القانون موجة من الانتقادات في وجه ستورجن داخل أسكتلندا التي شهدت مظاهرات رافضة لهذا القانون. ووجدت رئيسة الوزراء نفسها في فوهة المدفع، بعد أن خسرت أكثر من معركة أمام حكومة لندن، إضافة لاتهامها بالتسرع في إصدار هذا القانون المثير الجدل.

وتزامن إصدار القانون مع قضية أخرى تفجرت وكان بطلها شخص مدان بالاغتصاب لمرتين ومحكوم بالسجن، ذلك أن هذا الشخص قد أعلن عن تغيير جنسه إلى سيدة، وذلك من أجل الاستفادة من مقتضيات القانون الأسكتلندي الذي يسمح للأشخاص بإعادة تعريف أنفسهم، وعلى هذا الأساس نُقل هذا المجرم ويدعى “إيسلا بريسون”، إلى سجن النساء.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن شعبية الحزب الوطني الأسكتلندي تراجعت وتأثرت بسبب قانون تغيير الجنس إضافة إلى نقل مدان باغتصاب النساء إلى سجن النساء.

UK Supreme Court Rules On Scottish Referendum
تستقيل ستورجن بعد أن حققت للحزب الوطني الأسكتلندي نتائج كبيرة في الانتخابات وكانت أبرز شخصياته (غيتي)

انفصال مؤجل

لا خلاف أن الحزب الوطني الأسكتلندي سيفقد شخصية ذات كاريزما منحته الكثير من الشعبية، وحققت له نتائج انتخابية غير مسبوقة، ما يعني أن على الحزب الآن البحث عن قيادة جديدة.

ونقلت صحيفة “غارديان” (Guardian) البريطانية عن عدد من قادة الحزب الذين رفضوا الكشف عن هوايتهم، قناعتهم بأن عرض موضوع الانفصال على الرأي العام الأسكتلندي سيتأجل على الأقل 5 سنوات مقبلة، إلى حين مرور الانتخابات العامة سنة 2026 وتشكيل حكومة تدير المشاكل التي تواجهها البلاد.

ويبدو أن الحزب الوطني الأسكتلندي فهم الدرس جيدا، لهذا فقد بدأ يبعث برسائل بأن موضوع الانفصال لن يكون أولويته خلال السنوات المقبلة، خصوصا أن أغلب الاستطلاعات تشير إلى أن أقصى ما يمكن أن يصله التصويت لصالح الانفصال هو نسبة 50%.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى