الاخبار العاجلةسياسة

خبراء يناقشون بالدوحة دور منصات التواصل الاجتماعي في فرض الهيمنة والاستقطاب

الدوحة– حذر خبراء محليون ودوليون من دور شبكات التواصل الاجتماعي في نشر خطاب الكراهية والترويج لسياسات معينة بهدف فرض الهيمنة والسيطرة على مستخدمي هذه المنصات وذلك من خلال الاستقطاب الأيديولوجي الذي تمارسه بعض الدول والشركات التي تملك هذه الشبكات، مشددين على أهمية إيجاد الحلول لتكون لبنة أساسية في المساهمة بتحقيق رؤى جديدة للتعامل مع إشكاليات التواصل الاجتماعي.

جاء ذلك خلال مؤتمر “شبكات التواصل الاجتماعي والاستقطاب الأيديولوجي: علاقات القوة والتأثير الثقافي والاجتماعي”، الذي نظمه مركز الجزيرة للدراسات بالتعاون مع قسم الإعلام بجامعة قطر، والذي انطلق أمس الأربعاء بحضور عدد من الخبراء المحليين والدوليين لاستعراض قدرة تلك الشبكات على اصطناع الواقع، ودورها في صراع السرديات المهيمنة على خطاب الرأي العام وكيفية مواجهتها.

ويركز المؤتمر على تدخل شبكات التواصل الاجتماعي في الشؤون المحلية للدول، وما أصبح يعرف بـ”هندسة الجمهور” من خلال الخوارزميات والذكاء الاصطناعي، فضلا عن تأثير استخدام هذه الشبكات في المصالح الاقتصادية والحروب الثقافية، بالإضافة إلى مناقشة التشريعات الضابطة والوسائل الكفيلة بتعزيز أخلاقيات استخدامها.

4- مصطفي سواق: منصات تزيد خطاب الكراهية فى العالم
مصطفى سواق: منصات التواصل تزيد خطاب الكراهية في العالم (الجزيرة نت)

حدة الاستقطاب

وخلال كلمته بالمؤتمر، أشار المدير العام لشبكة الجزيرة بالوكالة الدكتور مصطفى سواق إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت من الأدوات التي تزيد حدة الاستقطاب وتحركه وهذا ما رصدته الدراسات حول تأثير هذه الشبكات، “مما جعلنا نعاني جميعا اليوم من خطاب الكراهية الذي بات الخطر الأكبر في هذه المنصات”.

وتابع سواق أن الدراسات كشفت أثر وسائل التواصل وكيف تم توظيفها من قبل بعض الدول مثل إسرائيل وغيرها في فرض الهيمنة والتأثير الدولي، مستشهدا بحالة الاستقطاب المرتبط بالصراع العربي الإسرائيلي وهو ما يعكس أهمية المؤتمر خاصة أن الإحصاءات توضح أن عدد المستخدمين لهذه الشبكات يوشك أن يصل إلى 9 مليارات بعد سنوات قليلة.

وقال سواق إن كل مستخدم لهذه الشبكات لديه عدة حسابات وهو ما يعني تحول الإنسان إلى كائن اتصالي رقمي وفي هذا الفضاء الرقمي تتشكل هويته التي تتحدد وفق نطاقات مختلفة، مؤكدا “أننا أصبحنا في عصر القرية الكونية بالفعل، ونتيجة للتداعيات الأخلاقية والثقافية فإن هذا ما يدفعنا للتفكير في الإشكاليات التي يطرحها المؤتمر وعلاقتها بالهيمنة واستغلال البيانات الضخمة التي تمتلكها هذه الشبكات للهيمنة والتضليل الإعلامي”.

وأكد أن هذا الانهمار الرقمي يدعونا جميعا إلى العمل على وصف الظاهرة وتشخيصها وطرق معالجتها والتفكير في المبادئ القائمة على العدالة والنزاهة والنقل الأمين للمعلومات.

3- محمد المختار: وسائل التواصل الإجتماعي لها تأثير أكبر من وسائل الإعلام التقليدية
محمد المختار: وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير أكبر من وسائل الإعلام التقليدية (الجزيرة نت)

فكرة المؤتمر

وفى هذا السياق صرح مدير مركز الجزيرة للدراسات الدكتور محمد المختار بأن فكرة المؤتمر تأتي انطلاقا من التأثير الضخم الذي تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الشعوب حاليا وتصاعد استخدام هذه الشبكات بشكل لافت للانتباه، موضحا أنه في وقت ما وصل عدد مستخدمي تطبيق “واتساب” في التواصل إلى ثلثي سكان العالم.

ولفت المختار في تصريح للجزيرة نت إلى أنه وفقا للإحصاءات في مجتمع الخليج العربي، على سبيل المثال، فإن السكان يقضون ثلث الوقت تقريبا على منصات التواصل الاجتماعي، ومن ثم فإن ترجمة هذه الأرقام لفهم نفوذ هذه المنصات يعد أمرا أساسيا، لما لها من دور كبير في مسألة الاستقطاب الضخمة التي تحدث وكذلك في توجيه وإعادة احتلال مناطق معينة سواء في التفكير أو في مساحات التلقي بالنسبة للناس من قبل قوة معينة.

2- خبراء محليون ودوليون يناقشون دور المنصات الاجتماعية فى فرض الهيمنة والاستقطاب
جانب من المشاركين في المؤتمر (الجزيرة نت)

التحكم في العرض والنشر

وحول المقارنة بين تأثير منصات وسائل التواصل ووسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون أو الصحف، أجاب المختار بأن تأثير هذه المنصات يتجاوز كثيرا تأثير وسائل الإعلام التقليدية الأخرى، وذلك لسهولتها ومرونتها في أيدي الأفراد وبالتالي فإن هذا الأمر يحتم أهمية دراستها والتنبه إليها بشكل أساسي ومن ثم قراءة الأدوات التقنية بشكل صحيح في سياقها الاجتماعي والثقافي.

اقرأ ايضاً
المصالحة السعودية الإيرانية.. اختراق صيني وفشل أمريكي

وقال إن ملاك حسابات التواصل الاجتماعي يتحكمون فيما يعرض وينشر على هذه المنصات من خلال الخوارزميات التي تحاصر المتلقيين ومن هذا المنطلق تبرز أهمية المؤتمر لإلقاء الضوء على هذه المسألة ووضع أسس مواجهتها والتصدي لها أو على الأقل التحذير من الوقوع فريسة لها.

وأضاف أن كل وسيلة إعلامية لها رسالة تستهدف جمهورا محددا وبالتالي فإنها تسعى لاستقطاب أيديولوجي أو سياسي للفئة المستهدفة، مستشهدا بما حدث في الولايات المتحدة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وعلاقته بوسائل التواصل الاجتماعي، وكيف تم استخدام فيس بوك وتويتر لهذا الغرض، وبالتالي فإن عمليات الاستقطاب لا تقتصر على مجتمع معين بل توجد في جميع الدول والخلفيات الثقافية.

ومن جهته، قال الدكتور عمر الأنصاري نائب رئيس جامعة قطر للشؤون الأكاديمية إن المؤتمر يركز على جملة من التحديات مثل التكنولوجيا وتأثيرها والمحتوى الزائد في وسائل التواصل وإمكانية إيجاد بدائل محلية، وكذلك تفاوت الفرص بين دول الشمال والجنوب في وقت أضحت المنصات الاجتماعية تشكل حيزا كبيرا فى حياة المجتمعات بكافة أشكالها سواء مجتمعات متقدمة أو نامية.

بسيوني حمادة: أهمية البحث فى تغيير الأدوات الإعلامية لتخفيف السيطرة الغربية على الإعلام (الجزيرة)
بسيوني حمادة: التكنولوجيات المعلوماتية جعلت الدول العظمى تفرض هيمنتها على العالم (الجزيرة)

الدول العظمى تفرض هيمنتها

أما رئيس قسم الإعلام في جامعة قطر الدكتور بسيوني حمادة فأكد أنه ليس هناك من موضوع مهم للمجتمعات أكثر من المعلومات لتأثيرها على العلاقات الدولية والاقتصاد، مشيرا إلى أن التكنولوجيات المعلوماتية جعلت الدول العظمى تفرض هيمنتها على العالم وهو ما يجعلنا نفهم التفسير لهذا الاستقطاب الأيديولوجي.

وأضاف أن المؤتمر يناقش فهم هذه الظاهرة باعتبارها شكلا من أشكال الهيمنة، لافتا إلى أن هذا الأمر يؤثر على الصحافة ومن ثم أهمية البحث في إمكانية تغيير الأدوات الإعلامية لتخفيف السيطرة الغربية على الإعلام.

%65 من شعوب العالم تستخدم المنصات الاجتماعية

وخلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر تحدث مانويل كاستلز الضيف الرئيسي للمؤتمر وهو أستاذ في جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حيث عرض دراسته التي أجراها حول علاقة وسائل التواصل الاجتماعي بالاستقطاب الأيديولوجي.

وشدد كاستلز على أن علاقات القوة تظهر في الإعلام من خلال القدرة على السيطرة والتواصل وهو ما يؤثر على جميع القرارات التي يتخذها الناس، ويعتمد أيضا على قدرة الناس على قبول هذه المعايير ولكن كل المؤسسات تحاول أن تكون فاعلة في فرض معاييرها مما يقوي الصراع بين القيم.

وأضاف أن الشركات الكبرى التي تمتلك وسائل التواصل تعد أحد العوامل الرئيسة وراء الاستقطاب الذي نشهده فى العديد من دول العالم حيث تهدف هذه الشركات إلى الربح التجاري من خلال زيادة عدد المتابعين والمتفاعلين على منصاتها، موضحا في الوقت نفسه أن 65% من شعوب العالم تستخدم هذه المنصات بغض النظر عن القدرة الاقتصادية لهذه الشعوب سواء كانت غنية أو فقيرة.

ويختتم المؤتمر أعماله اليوم بإصدار التوصيات التي توصل إليها المؤتمرون من خلال جلسات ومناقشات امتدت على مدار يومين حول الطرق المناسبة للتصدي لظاهرة الاستقطاب بكافة أشكاله من خلال استغلال المنصات الاجتماعية ودور الفرد والدول في محاربة هذه الظاهرة بما يضمن العدالة والنزاهة في التعامل مع القضايا الدولية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى