الاخبار العاجلةسياسة

أثارت تعديلاته موجة سخط شعبي.. لماذا تسعى كتل سياسية بالعراق لتغيير نظام الانتخابات إلى سانت ليغو؟

بغداد– تتصاعد الأصوات المطالبة بإلغاء مسودة مشروع قانون الانتخابات الجديد وفق نظام (سانت ليغو) الذي يسعى البرلمان العراقي لإقراره بعد ما تمت قراءته مرتين تحت قبة البرلمان تمهيدا للتصويت عليه.

وفي الوقت الذي تمضي فيه الأغلبية البرلمانية سعيا للتصويت على الصيغة المعدلة للقانون، يطالب المستقلون والأحزاب الناشئة بالعودة إلى القانون السابق الذي أجريت فيه الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2021 وفق نظام الدوائر المتعددة وعدم الاعتماد على نظام الدائرة الواحدة وفق نظام سانت ليغو -وهو القانون الذي ألغي بفعل الضغط الشعبي خلال “احتجاجات تشرين 2019”- الذي عاد إلى الواجهة مجددا.

وسانت ليغو طريقة انتخابية ابتكرت عام 1912 من قبل عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو، بهدف توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، حيث تهدف لتقليل العيوب الناجمة عن عدم التماثل في الأصوات وعدد المقاعد.

ومن المقرر أن تعقد انتخابات مجالس المحافظات -التي علقت جراء رفضها من قبل المتظاهرين- في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بحسب ما حددته حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

10459379
العديد من الخبراء يرون أن احتجاجات 2019 أسهمت بتغيير قانون الانتخابات وإلغاء سانت ليغو (الأوروبية)

أهم التعديلات

ويتضمن القانون الجديد تعديلا لـ15 مادة، من أبرزها إلغاء الدوائر المتعددة واعتماد الدائرة الواحدة (اعتبار المحافظة دائرة واحدة)، وإعادة حق التصويت لناخبي الخارج، بيد أن هذه التعديلات تواجه رفضا من النواب المستقلين، الذين حاولوا الإخلال بنصاب جلسة الخميس الماضي -التي تضمنت القراءة الثانية- وذلك عبر جمعهم تواقيع 50 نائبا (إجمالي عدد أعضاء البرلمان 329)، دون أن يتمكنوا من تعطيلها.

واعتبرت كتلة امتداد -التي تتزعم حملة رفض تعديل القانون الانتخابي- أن إصرار القوى السياسية على تمرير القانون يهدف تحقيق مصالح شخصية على خلاف إرادة الشعب، مشيرة في بيان إلى ضرورة تقديم قانون يتناسب مع تطلعات الشعب العراقي.

في السياق، شهدت محافظات بغداد والنجف وواسط وذي قار والديوانية أمس الأحد مظاهرات لمئات العراقيين رفضا لقانون “سانت ليغو”، مطالبين باعتماد القانون السابق في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، حيث قطع المتظاهرون بعض الطرقات وأحرقوا الإطارات مهددين بتصعيد الاحتجاجات في حال تمرير القانون بصيغته الحالية.

محمد نوري العبد ربه – عضو لجنة التحقيق بسقوط الموصل
العبد ربه يؤكد إمكانية وجود تعديلات بسيطة قد تطرأ على القانون قبل إقراره (الجزيرة نت)

تعديل اللحظات الأخيرة

وتعمل الكتل الراغبة في قانون سانت ليغو على إجراء بعض التعديلات الطفيفة على القانون، وذلك بحسب عضو تحالف السيادة النائب محمد نوري العبد ربه الذي أكد للجزيرة نت أن تعديلات بسيطة قد تطرأ على القانون قبل الشروع بالتصويت عليه، مثل اختيار طريقة العد والفرز وإلغاء تصويت ناخبي الخارج، أو الصيغة التي تسمح بفوز الأحزاب الناشئة والمستقلين.

من جهته، يرى الخبير وعضو مفوضية الانتخابات الأسبق عادل اللامي أهمية إجراء الانتخابات إما وفق القانون المقر عام 2018 والذي لم تُجر بموجبه أي انتخابات منذ صدوره، أو عبر القانون الذي أجريت بموجبه انتخابات عام 2021.

وعن الفرق بين القانون السابق وقانون سانت ليغو المزمع التصويت عليه، يقول اللامي في حديثه للجزيرة نت إن القانون السابق اعتمد الدوائر المتعددة وضَمن حقوق المستقلين، أما الحالي فيراد منه النظام النسبي الذي حدد احتساب المقاعد وفق طريقة (سانت ليغو) والتي تبدأ بالقسمة حسب المتوالية العددية على أن تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة.

واعتبر أن نظام سانت ليغو هو ما تسعى إليه القوى التقليدية في البرلمان لتضييق الخناق على قوى المعارضة، وذلك على طريقة سانت ليغو النسبية إما عبر نسبة 1.7 أو 1.9، بمعنى أن تكون الدائرة الانتخابية المتكونة من 10 مقاعد يتم اختيار أعلى 10 نتائج منها قسمة من كل القوائم، وبذلك تستحوذ القوائم الكبيرة بعدد الأصوات على أعلى نتائج القسمة وأعلى عدد من المقاعد النيابية أو المحلية.

اقرأ ايضاً
وفاة آلاء الصديق أشهر معارضة إماراتية في حادث سير بلندن.. وتساؤلات حول الوفاة المفاجئة

وعن إمكانية تمرير القانون والتصويت عليه خلال الجلسة المقبلة، يعتقد رئيس كتلة حقوق النيابية حسين العامري أن القانون سيمرر خلال جلسات البرلمان المقبلة، منبها إلى أهمية أن يراعي القانون الكتل الصغيرة أو الناشئة من خلال تخفيض نسبة “سانت ليغو” إلى 1.5 لأجل أن تحظى القوى الشبابية الفاعلة بفرصة تشريعية ورقابية داخل البرلمان.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعزو العامري أسباب إصرار الكتل الكبيرة على القانون الجديد لعدم تفهم الكتل الناشئة الوضع العام للبلاد، وهو ما تسبب بالانسداد السياسي الذي كانت تداعياته خطيرة على البلاد بشكل عام، وفق قوله.

ويشاطر عضو كتلة التحالف الوطني الكردستاني النائب هه ريم خورشيد رأي العامري، مبينا -في حديثه للجزيرة نت- أن الأغلبية في البرلمان العراقي تتبع تحالف إدارة الدولة الذي يضم قوى سنية وشيعية وكردية، وبالتالي هناك اتفاق على تمرير القانون، مشيرا في الوقت ذاته لاستمرار مناقشة مختلف وجهات النظر داخل اللجان البرلمانية المختصة.

عادل اللامي، الجزيرة نت
عادل اللامي يرى أفضلية قانوني الانتخابات لعام 2018 و2020 على القانون المزمع التصويت عليه (الجزيرة نت)

تعديلات مهمة

وثمة تعديلات مهمة على القانون لا بد من إجرائها قبل المضي في التصويت على سانت ليغو في حال الإصرار على تمريره، وذلك وفق ما يؤكده الخبير القانوني علي التميمي الذي بين أن التعديلات التي تجري الآن تخص قانون انتخابات مجالس المحافظات لعام 2018، منوها إلى أن بعض مواد القانون تم تعديلها وبعضها الآخر بقي على حاله مما يعني نفاذها حال التصويت على التعديل.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال التميمي إن من المواد التي لم يقترح تعديلها وستبقى نافذة بصيغتها القديمة هي المتعلقة بطريقة توزيع المقاعد على المرشحين، حيث اعتمد القانون على نظام القائمة المفتوحة وليس الترشيح الفردي، مما يعني تكريس هيمنة زعماء القوائم ورؤساء الكتل على مخرجات ونتائج هذه الانتخابات، خاصة أن القانون المعدل اعتمد على طريقة سانت ليغو 1.7 في توزيع المقاعد.

وبناء على ما تقدم، يؤشر التميمي إلى أن ذلك يعني إغلاق الطريق أمام صعود الأحزاب الناشئة والشخصيات الفردية المستقلة، فضلا عن أن سانت ليغو سيضعف الدور الرقابي لأعضاء البرلمان مثلما يضعف التزام المرشح الفائز أمام الجمهور الذي منحه الأصوات، بحسب التميمي.

0 17
مناف الموسوي: التيار الصدري سيكون داعما للمطالب الشعبية (الجزيرة نت)

صمت التيار الصدري

ولم يعلق التيار الصدري على القراءة الثانية للقانون، فيما كان التيار قد رفض قانون عام 2018 خلال احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019، واستطاع بعدها تصدر نتائج انتخابات عام 2021 بفوره بـ74 مقعدا بالاعتماد على قانون رقم 9 لعام 2020 الذي اعتمد نظام الدوائر المتعددة.

في السياق، يرى مناف الموسوي الباحث السياسي المقرب من التيار الصدري أن القانون الجديد عبارة عن رغبة حزبية واضحة، يراد تمريرها من قبل قوى الإطار التنسيقي أو مجموعة قوى إدارة الدولة، وهو ما يتعارض مع الرغبة الشعبية وقوى تشرين، مشيرا إلى أن العودة إلى سانت ليغو يعني العودة إلى نفس الإشكالية السابقة ومحاولة سرقة أصوات الناخبين، بحسب تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الموسوي “إن التيار الصدري يقف في صف القواعد الشعبية بانتظار وضوح الصورة، وردود الأفعال الشعبية ومدى تأييدها أو رفضها للقانون، وهل ستعود إلى الشارع أو الاحتجاجات أو الاعتصامات، وفي حال عودة الجماهير إلى الشارع فسيكون التيار الصدري داعما للمطالب الشعبية”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى