الاخبار العاجلةسياسة

أثارت جدلا واسعا.. خطة بريطانية لإيواء لاجئين في بارجة بحرية

لندن– تسن الحكومة البريطانية قوانين ضد اللاجئين بشكل متلاحق وغير مسبوق، مما أثار جدلا واسعا، وجاءت القوانين بين قانون القوارب الذي يسعى للحد من الهجرة عن طريق البحر، مرورا بالترحيل إلى رواندا، حتى وصلت في الخامس من أبريل/نيسان الجاري لإعلان الحكومة عزمها تسكين 500 لاجئ على متن بارجة عائمة في البحر طولها 93 مترا.

ضد الإيواء بالبارجة

الخطة لاقت معارضة شديدة، ولم تقتصر على المنظمات المدنية الحقوقية المدافعة عن حقوق اللاجئين فحسب، بل من قلب حزب المحافظين أنفسهم بما في ذلك المجالس المحلية في دورست (الميناء المتوقع استقباله البارجة) والنائب المحلي المحافظ ريتشارد دراكس وهو من مؤيدي تقييد أعداد المهاجرين إلى بريطانيا، ومع ذلك عارض إيواء اللاجئين بالبارجة واعتبره خطة غير مدروسة.

فمن جهته، هدد النائب ريتشارد دراكس وزيرة الداخلية سويلا برافرمان بالدخول في سجال قانوني بشأن خطتها لإيواء المهاجرين على متن البارجة، معللا بما سيسببه هذا من ضغط على المرافق المحلية في بورتلاند دورست لا سيما الشرطة والقطاع الصحي، حيث وضح دراكس أن البارجة رست في الميناء من دون مراجعة السلطات المحلية، في حين أشار وزير الهجرة روبرت جينريك في وقت سابق إنه سيتم إيواء اللاجئين في أماكن إقامة بدائية بما يلبي احتياجاتهم الأساسية وليس أكثر.

Migrants Crossing Channel By Boat Could Face Lifetime Ban Under New Policy
المهاجرون في بريطانيا يواجهون أخطارا عدة في ظل سياسة حكومية جديدة (غيتي)

إيواء قسري في ظروف صعبة

تتكون البارجة العائمة من 3 طوابق، وبها 222 غرفة نوم مفردة بحمام داخلي ومطبخ، وتحتوي بعض غرف الترفيه كالتلفزيون وصالة رياضة وصالة ألعاب، تعتزم الحكومة البريطانية وضع أسرة مزدوجة في تلك الغرف الضيقة لتضاعف أعداد اللاجئين المقيمين فيها، وفقا لإعلان وزارة الداخلية، فالبارجة مخصصة لإيواء الذكور البالغين فقط. وحسب حسابات الصحف المحلية، فنسبة مساحة الأشخاص إلى مساحة البارجة ترى أن المساحة المقدر أن يعيش فيها الفرد ستكون أقل من المساحة المستخدمة لصف سيارة.

في حين ذكرت صحيفة “تايمز” (The Times) أن تكلفة استئجار البارجة 15 ألف جنيه إسترليني (19 ألف دولار) يوميا، بالإضافة إلى تكلفة رسوم رسوها في ميناء بورتلاند دورست 4500 جنيه إسترليني يوميا أي أن تكلفة اللاجئ كإقامة يومية في المتوسط تكون 39 جنيها إسترلينيا، بالإضافة إلى بعض النفقات الإضافية اليومية من خدمات أمن ومطاعم.

قواعد عسكرية لإيواء اللاجئين

تعتزم الحكومة تنفيذ خطة شاملة تستخدم فيها المراكب والمواقع العسكرية، إذ اقترحت الحكومة استخدام القاعدة العسكرية لسلاح الجو الملكي البريطاني في لينكولنشاير لإيواء آلاف اللاجئين باعتباره بديلا أقل تكلفة من الفنادق التي تكلف الحكومة يوميا نحو 6 ملايين جنيه إسترليني لتسكين 51 ألف لاجئ يُنظر في ملفاتهم الآن.

وطبقا لأبحاث أجرتها اللجنة المستقلة للمعونات (ICAI)، فإن متوسط تكلفة الليلة الواحدة للفرد في الفندق تكون في المتوسط 120 جنيها إسترلينيا في مقابل 18 جنيها إسترلينيا للإقامة في المنازل والشقق الطويلة الأجل التي تحوي طابعا أكثر استقرارا لأسر اللاجئين، ومع ذلك تعيش المملكة المتحدة أزمة تسكين اللاجئين في المنازل المستقرة لتتجاوز مدد إقامة اللاجئين في الفنادق عاما كاملا أو أكثر في كثير من الأحيان.

تاريخ مأساوي لتجارب مماثلة

أعلنت الشركة المشغلة للسفينة “بيبي مارين ليمتيد” (Bibby Marine limited) -التي مقرها ليفربول- إن البارجة تعود إلى الخدمة بعد تجديدها، بسبب وصفها بأنها استُخدمت لتكون “بيئة قمعية” لطالبي اللجوء في هولندا.

اقرأ ايضاً
سعوديون ينشرون صورا لاستبدال عبارة "للمسلمين فقط" عن لوحات مرورية إلى المدينة المنورة

بحثت الجزيرة نت عن تجارب احتجاز اللاجئين في البوارج، وكان من بينها ما حدث على متن “بيبي ستوكهولم” سابقا، إذ رُصدت حوادث متكررة عام 2012 للمهاجرين على متن البارجة التي كانت وقتها بكثافة 222 لاجئا محتجزا فقط.

وسجلت على متنها عديد من المشاجرات وحوادث الاغتصاب، كما شهدت حالتي وفاة رشيد عبد السلام (جزائري) وأحمد محمود الصباح (مصري) بسبب تدهور الرعاية الصحية، وفقا لمنظمة “ستايت ووتش” (State watch) الحقوقية.

في حين شهدت بارجة استخدمت للغرض ذاته حادثة حريق نجم عنها وفاة 11 لاجئا محتجزا متأثرين بحادث الحريق الذي اتهم فيه الليبي أحمد عيسى الجيبالي (24عاما) وقضي بسجنه 3 سنوات، إذ زعمت التحقيقات الدانماركية أن تدخينه سبب الحريق وحملته مسؤولية الحادث في تجاهل تام لإهمال معايير السلامة والأمان على البارجة.

تحذير من آثار الإيواء القسري

راسلت الجزيرة نت مسؤولة الدفاع عن الهجرة بمنظمة “أطباء بلا حدود” صوفي ماكان، التي صرحت قائلة “إننا نشعر بالقلق حيال مزيد من الخطط الحكومية غير الإنسانية والمؤذية لإيواء اللاجئين الباحثين عن الأمان في المملكة المتحدة، الأمر وصل إلى تكديسهم على قوارب عملاقة وعبارات وقواعد عسكرية سابقة”.

وأضافت أن لديهم قلقا كبيرا، فاحتجاز أشخاص في ظروف شبيهة بالسجن وعزلهم عن المجتمع ستكون له عواقب وخيمة على صحتهم الجسدية والعقلية، بالإضافة إلى تهديد وصولهم إلى الرعاية الصحية الجيدة كما حدث في السابق.

وأكدت أن اللاجئين يبحثون عن الأمان، وقد تعرضوا للتعذيب والعنف والسجن في بلدانهم الأصلية والخطر خلال رحلات الهجرة، ويمكن أن يؤدي الاحتجاز في ظروف شبيهة بالسجن إلى إصابة الأشخاص بكرب ما بعد الصدمة المعقد وقد يسبب أمراضا عقلية أو تفاقما في أزمات نفسية موجودة بالفعل.

شهدت فرق “أطباء بلا حدود” في اليونان الآثار الصحية المروعة لاحتواء الأشخاص الذين يبحثون عن ملاذ في مراكز إيواء شديدة الحراسة، حيث رصدت المنظمة مستويات عالية من المعاناة النفسية، التي تفاقمت بسبب الظروف المروعة ونقص المعلومات عن حالتهم القانونية وطول مدّة الإيواء في بيئة قاسية.

وشددت ماكان على أن الحكومة يجب أن تدرك أن إجراءات الردع العقابية، التي من بينها قانون القوارب، لن تمنع اللاجئين من محاولات الوصول إلى المملكة المتحدة، ويجب التخلي عن الخطط القاسية فورا، ووضعهم في أماكن إقامة آمنة وكريمة.

تشهد المملكة المتحدة موجة مرتفعة من الهجوم على اللاجئين على المستويات كافة، ورغم تفرق الحوادث وعدم ترابطها، فإنها جميعها في اتجاه يضر بمصلحة اللاجئين، حيث شهدت لندن الشهر الماضي حادث منع لاجئين أفغان من دخول امتحانات الثانوية العامة، بينما شهدت أمس السبت مدينة نوتنغهام إخلاء طارئ لفندق لاجئين بسبب أنباء تلقتها الشرطة عن احتمالية وجود عبوة ناسفة داخل طرد مشبوه بالفندق.

تخطط عديد من المؤسسات الحكومية لاتخاذ تدابير صارمة ليس للحد من تدفق اللاجئين لدخول المملكة فقط، بل لتقليص النفقات الأساسية اللازمة لكفاف العيش التي يحتاجها اللاجئون، علما أن المملكة المتحدة لا تصرح للاجئين بالعمل قبل عام كامل من التدقيق في قضيتهم، الأمر الذي لا يترك خيارا للاجئين في حياة أفضل قبل توافر تصريح العمل.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى