من انتصارات محور المقاومة هي انه استطاع خلال العام الماضي من زيادة قوته في كافة المجالات الاستراتيجية من خلال التغلب على التهديدات العبرية و العربية المختلفة ورسم معادلات الصراع في فلسطين واليمن ولبنان وسوريا والعراق.
بحسب التقارير التي جمعت، فقد نجح محور المقاومة، خلال العام الماضي، وعلى الرغم من التهديدات المتزايدة من المحور العبري العربي، في تجاوز التحديات السياسية بقوة وتنسيق. يضاف إلى ذلك أن محور المقاومة لم يكن قادرًا فقط على تعزيز مواقفه السياسية وإنجازاته في التسلح والتكتيكات العسكرية، بل استطاع أن يرسم المعادلات ويفرض الهزيمة على المخططات الإسرائيلية الأمريكية. استكمالا لهذا التقرير سنناقش أهم إنجازات و انتصارات محور المقاومة في الدول المختلفة خلال العام الماضي:
انتصارات محور المقاومة في فلسطین:
يجب اعتبار عملية “سيف القدس” التي نفذتها فصائل المقاومة في الأراضي المحتلة ضد الكيان الصهيوني من اهم انتصارات محور المقاومة في فلسطین. فقد استمرت هذه العملية التي لم يسبق لها مثيل من حيث نوعها ونطاقها التكتيكي، 11 يومًا وتوقفت بعد أن فرضت على الصهاينة تكاليف عسكرية واقتصادية وسياسية كثيرة اجبرتهم على وقف إطلاق النار. في هذا الصراع، أطلقت المقاومة الفلسطينية 4000 صاروخ باتجاه الأراضي المحتلة وفر 75٪ من السكان اليهود إلى الملاجئ. نجحت المقاومة الفلسطينية خلال هذه العملية في إطلاق الصواريخ من القدس إلى تل أبيب لأول مرة.
بعد انتهاء عملية سيف القدس ورغم تضحية 243 شهيد بينهم 66 طفلاً و 39 امرأة و 17 مسنًا من المواطنين الفلسطينيين و 1900 جريحًا، كان الشعب الفلسطيني سعيدًا بانتصار ووحدة مجموعاته السياسية. أظهرت فصائل المقاومة الفلسطينية، ومن بينها كتائب “عز الدين القسام” الفرع العسكري لحركة حماس، سلطتها وقوتها من خلال عرض أسلحتها وصواريخها في شوارع فلسطين.
بلغت اشتباكات سيف القدس ذروتها في يومها الثاني، في اليوم الذي أطلقت فيه المقاومة الفلسطينية 480 صاروخًا، خلقوا الخوف والرعب المطلق للاحتلال الصهيوني.
إلى جانب الخسائر البشرية في تل أبيب والتي بلغت 12 قتيلاً و 330 جريحًا، تكبد الصهاينة خسائر اقتصادية وسياسية. وبحسب التقديرات الأولية، نتيجة الضربات الشديدة للمقاومة الفلسطينية، تكبد النظام الصهيوني أكثر من ملياري دولار خاصة في قطاعي النقل الجوي والسياحة. بعد هذه النتائج الفاضحة لتل أبيب، واعتراف السلطات الاسرائيلية بإخفاقات عديدة في الأيام الـ 11 هذه، سقطت حكومة بنيامين نتنياهو.
وبعدما اضطرت تل أبيب لقبول وقف إطلاق النار، أعلن المسؤولون ووسائل الإعلام في هذا النظام هزيمتهم وأعلنوا أنهم الخاسرون.
ووصفت صحيفة”هآرتس” الصهيونية انتصار فصائل المقاومة بقيادة حركة حماس بأنه لا يصدق، مشيرة إلى أن اجتياح النظام الصهيوني لغزة مؤخرًا كان أسوأ عملية عسكرية لتل أبيب حتى الآن من حيث التخطيط والإعداد.
وانتقدت وسائل الإعلام الصهيونية إنكار الإنجاز التاريخي للمقاومة الفلسطينية من قبل سياسيي تل أبيب، وأبدت تخوفها من توسيع نطاق الصراعات للمستقبل ودخول حزب الله اللبناني إلى المعادلات الميدانية، وقالت إن الهدف التالي للمقاومة لن يكون عسقلان، بل تل أبيب.
انتصارات محور المقاومة في اليمن:
أظهرت انتصارات محور المقاومة في اليمن نفسها أولاً بتقدم قوات أنصار الله والجبهة الشعبية في عملية “ربيع النصر”. حيث أجبرت القوات اليمنية في “مأرب” و “شبوة” مرتزقة التحالف السعودي على التراجع عن طريق استعادة مناطق هذه المحافظات.
أعلن العميد يحيى سريع المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، خلال مؤتمر صحفي، أن القوات المسلحة التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني في هذه العملية استولت على مدن عسيلان و بيحان و عين بمحافظة شبوة وحررت مدن العبدية و حريب في محافظة مأرب.
وقبل هذه التطورات أعلنت قوات حكومة الإنقاذ الوطني تحرير أجزاء من مدينتي “الجوبة” و “جبل مراد” بمحافظة مأرب، وقالت إن مساحة المناطق المحررة تبلغ 3200 كيلومتر مربع.
وأثناء إعلانه الانتصار في هذه العمليات، أعلن يحيى سريع أن مئات المرتزقة التابعين للتحالف السعودي، إما قتلوا أو أصيبوا أو أُسروا. بالإضافة إلى ذلك، استولت القوات اليمنية على كمية كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية خلال هذه العمليات.
أظهرت عملية “عاصفة اليمن 3” ذروة القوة الصاروخية والقوة الاستراتيجية لقوات أنصار الله اليمنية للتحالف السعودي وحلفائه. وبحسب العميد يحيى سريع، كانت العملية عملية واسعة النطاق بمشاركة جيش الإنقاذ الوطني في عمق الإمارات.
وأشار في وصفه لأبعاد هذه العملية إلى أن عدة صواريخ باليستية من طراز “ذو الفقار” أصابت أهدافاً مهمة وحيوية في أبو ظبي.
بالإضافة إلى ذلك، تم استهداف أهداف حساسة في دبي من قبل عدد من طائرات “صماد 3” الهجومية بدون طيار.
وقال المتحدث باسم انصار اللة لأبو ظبي بعد تنفيذ عملية عاصفة اليمن 3: إن حكومة الإمارات الصغيرة ستكون غير آمنة طالما تواصل عدوانها على الأمة اليمنية بالوكالة عن العدو الإسرائيلي.
نفذ الجيش واللجان الشعبية اليمنية، في ظل تكثيف هجمات التحالف السعودي على صنعاء، وحضور مرتزقة تابعين للإمارات في محافظة شبوة، عمليات صاروخية في الأراضي الإماراتية، خلال أسبوعين و بثلاث طائرات مسيرة واسعة النطاق، والتي اشتهرت باسم عواصف اليمن.
بعد هذه العملية، أعلنت الولايات المتحدة الامريكية ودول غربية أخرى مثل فرنسا دعمها لأبو ظبي بإرسال معدات ونقل مقاتلين جدد إلى الإمارات.
كان تنامي العلاقات والرحلات الإماراتية الصهيونية علامة أخرى على أزمة هذه البلد التي لم تستطع فعل شيئ.
واصلت انصار اللة والقوات الشعبية تحذيراتها من تحركات الإمارات واعربت عن استعدادها للقيام بعمليات جديدة في وقت.
انتصارات محور المقاومة في سوريا:
وبخصوص انتصارات محور المقاومة في سوريا، لا بد من القول إن العمليات المتعلقة بتحرير “حلب” و “إدلب” كانت من أهم الإجراءات التي قامت بها حكومة دمشق وحلفاؤها.
العمليات التي نفذت بهجمات مكثفة لمقاتلين سوريين وبدعم روسي ضد مواقع الإرهابيين المدعومين من أنقرة. وذلك في مناطق متفرقة بمحافظتي حلب وإدلب منها محور دار العزة واحسم واطراف الفوعة وكفريا وأجزاء أخرى.
نجحت وحدات المدفعية والصواريخ للجيش السوري باستمرار في استهداف مقار الجماعات الإرهابية في تلك المناطق وتكبدها خسائر فادحة في قطاع العتاد العسكري.
في السابق، كان تحرير مدينتين استراتيجيتين أخريين في سوريا هما “معرة النعمان” و “سراقب” أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية من الوضع في حلب وإدلب.
كانت مدينة سراقب تقاطع طريقين سريعين سوريين، M5 و M4، التي لم تستطع تركيا التوقف عن محاولة السيطرة عليهما. لأن الطريق السريع M5 يقع في موقع جغرافي خاص جدًا.
يربط هذا الطريق السريع حلب بحماة وحمص ودمشق، ومن جهة دمشق يؤدي أيضًا إلى طرق سريعة دولية مثل لبنان والأردن.
في الواقع، يجب أن نعتبر هذه النقطة الجغرافية أهم طريق سريع للتواصل بين الشمال والجنوب في سوريا. حيث تربط المناطق الغنية بالنفط في شمال شرق سوريا بحلب.
عندما توجهت قوات المقاومة والجيش السوري نحو تحرير الطريق السريع M4، بدأ جيش أنقرة الصراع رسمياً بشكل مباشر خلال عملية “درع الربيع”.
بعد هذه المعارك، تغيرت السيطرة على مدينة سراقب عدة مرات حتى نجحت قوات المقاومة أخيرًا في الاستيلاء على المدينة وتنظيفها بالكامل.
بالإضافة إلى هذه الانتصارات، نجح الجيش السوري في قمع مقاتلي درعا بعد شهرين من المحاولات. وتمكنت قوات الفرقة الرابعة في الجيش السوري من هزيمة هؤلاء المتمردين بإقامة حواجز في هذه المناطق.
بالتزامن مع الجهود العسكرية والأمنية في دمشق، أعلنت وسائل الإعلام السورية عن تعزيز الاستعدادات العسكرية للجيش لإنهاء الفوضى والانفلات الأمني في محافظة درعا. حيث كانت تعتبر آخر منطقة متبقية في أيدي المعارضة التي تعيش في جنوب سوريا.
انتصارات محور المقاومة في العراق:
واجهت مجموعات المقاومة العراقية خلال العام الماضي تحديات سياسية عديدة داخل العراق. وكان من أهم التحديات إدارة تحركات متظاهري أكتوبر وحماية الأمن. بالإضافة إلى إدارة الوضع بعد إعلان نتائج الانتخابات العراقية واحتجاجات الحركات المقربة من المقاومة.
لكن تمكنت المقاومة العراقية من ادارة هذه التحديات وتخطيها. كانت هذه الازمات عبارة عن جهود عربية صهيونية لإدخال العراق في مشروع التطبيع. ولكن أدرك اليهود المدعومين من الدول العربية وبعد اجتماع أربيل لتعزيز التطبيع أن وضع بغداد وموقفها في هذا الصدد يختلف عن أوضاع العواصم العربية الأخرى.
إلى جانب ذلك، عارضت قوى المقاومة في العراق، أثناء احتجاجها على استمرار وجود القوات الأمريكية في البلاد، دورها كمستشارين واستمرار تواجدها.
تجلت أهم مظاهر هذه المعارضة وضغط قوى المقاومة على الأمريكيين في شكل هجمات متواصلة على قوافل الدعم التابعة للتحالف الأمريكي.
في العام الماضي تعرض الأمريكيون لهجمات متكررة من قبل كتائب المقاومة العراقية في مناطق مختلفة من البلاد وتكبدوا خسائر عسكرية.
انتصارات محور المقاومة في لبنان:
يجب ان نبدأ الحديث عن انتصارات محور المقاومة في لبنان بعدد القوات العسكرية لحزب اللة. حيث أعلن الأمين العام لهذا الحزب، ان عدد قوات المقاومة اللبنانية تبلغ 100 ألف عنصر. هذا العدد من القوات المعلن عنه هي قوات مدربة وجاهزة للقتال، ولم تشمل المتطوعين والقوات التي لا تملك اي خبرة قتالية.
كانت ردود الفعل على هذا الخبر واسعة جداً ولم يسبق لها مثيل في العالم كله. لأن هذا العدد الكبير من القوات المدربة والجاهزة للقتال، كانت دليلاً على تنامي قوة حزب الله ومحور المقاومة. على سبيل المثال، اعترفت مجلة “بريتيش تايمز” في تقرير لها أن عدد قوات حزب الله أكبر من الجيش اللبناني وحتى الجيش البريطاني.
من ناحية اخرى فان أسلحة حزب الله البحرية تحظى باهتمام كبير بسبب الظروف الجيوسياسية للمنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد مراقبو التطورات الحالية أن هذه الأنواع من أسلحة حزب الله هي اليوم أكثر تقدمًا مما كانت عليه في الماضي.
ففي حرب تموز (يوليو) 2006، كان المكان الأول الذي تمكنت فيه المقاومة من مفاجأة الكيان الصهيوني في البحر. عندما أظهر قوته البحرية بمهاجمة وتدمير فرقاطة “ساعر 5”.
حاليًا، لدى حزب الله اللبناني صواريخ يمكنها تنفيذ مهام في مسافة 300 كيلومتر. على سبيل المثال، يعتبر صاروخ كروز “C-802” المضاد للسفن أحد أهم الأسلحة البحرية لحزب الله، مع ميزات مثل وجود رادار عاكس، كما أنه مجهز بنظام توجيه مع قدرة قوية على مكافحة التشويش.
مع القدرة على الإطلاق من الطائرات والسفن السطحية والغواصات والمركبات الأرضية، يعتبر هذا الصاروخ من أفضل الصواريخ المضادة للسفن في العالم.
إلى جانب الأسلحة والمعدات العسكرية الجديدة، أظهر حزب الله اللبناني مؤخرًا مستوى عالٍ من التدريبات والاستعدادات العسكرية بإطلاق شريط فيديو للتدريبات العسكرية لوحدته الخاصة المعروفة بـ “رضوان” في الجبل الثلجي.
في هذا الفيديو الذي نشر تحت عنوان “بعض من بأسنا”، تبين بشكل جيد أن قوات حزب الله اللبنانية الخاصة تتدرب بمعدات كاملة على ارتفاع 1370 مترًا وفي درجة حرارة أقل من 2.
وهو الأمر الذي يعني ان قوات حزب اللة في أقصى استعداد للمعركة وفي اي ظروف.
كانت الرحلة التي استغرقت 40 دقيقة لطائرة “حسان” بدون طيار خلال عملية استخباراتية على عمق 70 كيلومترا في فلسطين المحتلة آخر نجاح لحزب الله اللبناني في مجال الأسلحة والابتكار العسكري.
وقد عجز الاسرائيليين عن اعتراض دخول هذه الطائرة وعودتها إلى لبنان بعد انتهاء مهمتها. حتى أن وسائل الإعلام في تل أبيب، في مناقشتها تفاصيل دخول طائرة مسيرة تابعة لحزب الله في عمق الأراضي المحتلة، تؤكد أن هذه كارثة للصهاينة. كارثة يعتقد خبراء العالم أنها ستغير معادلات الصراع وتزيد من قوة و انتصارات محور المقاومة.
ردود فعل النظام الصهيوني على القوة والقدرات المتزايدة لحزب الله اللبناني مثيرة للاهتمام ورائعة بطريقتها الخاصة. تقريبا كل المسؤولين السياسيين والعسكريين في تل أبيب، اعترفوا عدة مرات بحقيقة أن حزب الله هو أكبر تهديد لهم وكابوسهم.
كابوس يحاول الجيش الإسرائيلي ليلا ونهارا مواجهته من خلال تطوير قدراته العسكرية. على الرغم من حقيقة أنهم لم ينجحوا في هذا المجال حتى الآن وقبتهم الحديدية لم تتمكن حتى من اعتراض طائرة بدون طيار من محور المقاومة، إلا أنهم ما زالوا ينفقون الأموال على الشؤون العسكرية.
على الرغم من أن تل أبيب ليست في حالة جيدة بسبب الانعكاسات السلبية لأزمة كورونا على اقتصادها، إلا أنها لا تزال تخصص ميزانية كبيرة لقطاع الأسلحة والشؤون العسكرية.
لم تستطع اسرائيل ان تجد شريكاً لمنافسة حزب اللة، على رغم السلاح والدعم الأمريكي، بكل ما فيه من ظلم وعدوان، ولا يزال محور المقاومة بانتصاراته الاستراتيجية، يرسم المعادلات الإقليمية ويقاوم الاحتلال الصهيوني، وسوف يستمر في ذلك حتى تحرر فلسطين من عدوان اليهود.
المصدر: رأي الخليج+ الجزيرة
