مجتمع

التطور في السعودية والحقيقة التي سجلها التاريخ ضد البشرية

لايجاز حقيقة التطور في السعودية، يجب ان نذكر بأنه تم إنجاز الكثير من احدث مشاريع البنية التحتية البراقة في المملكة العربية السعودية، وهي مدينة ضخمة يبلغ ارتفاعها 500 متر، وتتكون من ناطحتي سحاب مغلفتين بالمرآة والتي تهدف إلى الامتداد في خط واحد لمسافة 100 ميل.

وهي تعرف باسم “ذا لاين” وهي تعني الخط، العملاق المعماري هو محاولة المملكة لخلق بديل للمدينة الحديثة.

ووصفها شريط فيديو ترويجي بأنها “ثورة في الحضارة” تقدم تحسينًا حيويًا ومستدامًا بيئيًا على القذارة الحضرية المختلة وظيفيًا والملوثة.

تم الإعلان عن المشروع لأول مرة في عام 2017، وهو جزء من مشروع نيوم، “مدينة ذكية” خالية من الكربون وتبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، وفي حالة اكتمالها، ستكون بحجم ولاية ماساتشوستس الأمريكية.

يُعد “ذا لاين”، الذي يُقدر أنه سيضم خمسة ملايين شخص عند اكتماله، حجر الزاوية في رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وهو برنامج للإصلاح السياسي يهدف إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط.

ومع ذلك، فقد أثارت المبادرة جدلاً، حيث أن تطويرها يستلزم التعدي على الأراضي التي تشغلها حاليًا قبيلة الحويطات.

ونتيجة لذلك سيواجه ما يقدر بنحو 20000 منهم الإخلاء نتيجة لاستكمال مشروع ذا لاين.

قالت الناشطة من السكان الأصليين علياء حايل الحويطي لصحيفة الغارديان: “بالنسبة لقبيلة الحويطات، تُبنى نيووم على دمائنا وعظامنا، إنها بالتأكيد ليست للأشخاص الذين يعيشون هناك بالفعل! بل هي للسائحين وأصحاب المال. ولكن”.

سجل مليء بانتهاكات حقوق الإنسان

استغلال التطور في السعودية
استغلال التطور في السعودية لنقض حقوق البشر

نيوم لديها نظام قانوني منفصل لا تخضع الى أمام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بالاضافة الى انها ستفعل نظام لجمع البيانات بما في ذلك تقنية التعرف على الوجه، عن طريق التكنولوجيا الصينية التي تستخدم للقمع في تلك البلاد.

ستسمح هذه التكنولوجيا للحكومة السعودية بمراقبة وقمع المعارضة الأيديولوجية كما فعلت الحكومة الصينية في شينجيانغ.

قال نظمي النصر، الرئيس التنفيذي لنيوم، إنه “تم تطوير حزم ضخمة من الخطط الرقمية، بدءًا من المعاملات الإلكترونية في جميع جوانب الحياة في نيوم”.

وبحسب النصر “سيرى الجميع مدى التقدم في نيوم لأنها ستكون منطقة ذكية متطورة تستخدم فيها المعلومات لتحسين مستوى معيشة السكان، وتسعى إلى جذب 5 مليون ساكن بحلول عام 2030”.

إن ما إذا كانت هذه التطورات التكنولوجية ستُستخدم بالفعل لتحسين مستويات المعيشة هو أمر مثير للجدل. لقد تم تسليط الضوء على سجل حقوق الإنسان المثير للجدل في المملكة العربية السعودية من قبل معارضي مشروع نيوم، الذين حذروا من أنها يمكن أن تكون بمثابة آلية لإخضاع شعب الحويطات والمراقبة الجماعية.

ففي أبريل، تم إعدام الناشط عبد الرحيم الحويطي من قبل القوات السعودية الخاصة بعد معارضته الصريحة لبناء نيوم.

استغلال التطور في السعودية للقمع والمراقبة الجماعية

استغلال التطور في السعودية
استغلال التطور في السعودية

وصف الحويطي، الذي أنتج مقطع فيديو قبل وفاته بقليل وقال فيه “أن قوات الأمن السعودية قد بدأت عملية إجلاء الأشخاص، بدءًا بمسح المنازل بقصد إبعادهم عن أراضيهم”، وصف إخلاء العائلات من المنطقة من قبل القوات السعودية “إرهاب دولة” وهو الذي حكم عليه بالاعدام.

للدولة السعودية تاريخ طويل في قمع المستوطنات ومنازل السكان الأصليين بعنف لتسهيل تطوير المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية.

في عام 2017، هدمت الحكومة السعودية حيًا عمره 400 عام في قرية العوامية. وصف مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن اللائق، حجم الضرر قائلاً: “لقد تعرض السكان لضغوط عديدة، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي، لإخلاء منازلهم وأعمالهم دون خيارات إعادة توطين بديلة مناسبة، مما تركهم في أحسن الأحوال مع تعويض غير كاف وفي أسوأ الأحوال، مشردين دون وجود مكان يذهبون إليه”.

اقرأ ايضاً
السياحة: ضبط تمثال لأفروديت و1753 قطعة أثرية بميناء نويبع البحري

البلدة ذات الأغلبية الشيعية، التي كانت في يوم من الأيام موطنًا لحوالي 30 ألف ساكن، تم هدمها لإفساح المجال لمركز تجاري مزين بالساحات العامة ومنافذ التسوق باهظة الثمن، كجزء من المهمة المزدوجة للمملكة العربية السعودية المتمثلة في التنمية الاقتصادية وقمع الأقليات الدينية والعرقية.

كما برز استخدام العمالة الجبرية بشكل بارز في اقتصاد المملكة العربية السعودية، حيث لا تزال المملكة تعتمد نظام الكفالة القسري، والذي بموجبه يخضع العمال المهاجرون، الذين يشكلون ما يقرب من 80٪ من القوى العاملة في القطاع الخاص، للسيطرة المفرطة من قبل اصحاب العمل، الذين يمكنهم تنفيذ تدابير مثل التأخير في الأجور والعمل الجبري ومصادرة جوازات السفر.

الإصلاحات الضئيلة في نظام الكفالة في مارس / آذار الماضي، والتي سمحت لبعض العمال الوافدين بتغيير وظائفهم دون موافقة أصحاب العمل، تعرضت لانتقادات باعتبارها غير كافية من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، التي قال نائب مديرها، مايكل بيج، إن “المملكة العربية السعودية أحد أكثر نسخ نظام الكفالة سوءًا في المنطقة، والإصلاحات فيها محدودة”.

يبقى أن نرى ما إذا كان سيتم استخدام مثل هذا النظام في بناء ذا لاين.

ثمن التطور

التطور في السعودية
التطور في السعودية

يعتبر ذا لاين و نيوم بشكل عام جزءًا من محاولة المملكة العربية السعودية تصوير نفسها كدولة واعية بيئيًا، لا سيما مع تزايد الضغط الدولي على الدول للتخلي عن الوقود الأحفوري في مواجهة حالة الطوارئ المناخية.

يدعي الأمير محمد بن سلمان أنها ستكون “المدينة الأكثر ملاءمة للعيش في العالم إلى حد بعيد”، حيث يقال إن سعة السكك الحديدية عالية السرعة ستجعل السيارات عفا عليها الزمن، وستعمل الطاقة المتجددة على تزويد بنيتها التحتية بالطاقة، وسيتم الحفاظ على 95٪ من الأراضي لحماية البيئة.

ومع ذلك، فشلت المملكة العربية السعودية سابقًا في تنفيذ تعهداتها البيئية الضخمة وغير المدعمة بالأدلة.

في قمة المناخ COP26 للأمم المتحدة العام الماضي، كانت واحدة من عدة دول بما في ذلك البرازيل والأرجنتين وأستراليا واليابان التي تآمرت لتغيير تقرير علمي للأمم المتحدة حول تغير المناخ يدعو إلى سحب الاستثمارات من الوقود الأحفوري بسرعة.

وفقًا للوثائق التي كشفت عنها Greenpeace Unearthed، عارض مستشار لوزير البترول والثروة المعدنية السعودي أن استراتيجيات المناخ الدولية بحاجة إلى التركيز على “التحول السريع إلى مصادر خالية من الكربون والتخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري”.

جادل المسؤولون السعوديون بأن التحول الشامل للاقتصاد العالمي بعيدًا عن النفط والغاز “يقوض جميع تقنيات إزالة الكربون … ويحد من الخيارات أمام صانعي القرار لحياد الكربون”. وجادلوا بأن هذه التقنيات التي لم تثبت بعد، والتي وفقًا لمنظمة السلام الأخضر “ليست بديلاً لتقليل الانبعاثات” ويمكن أن تلعب دورًا أقلية في التخفيف فقط.

على الرغم من تعهد الدولة بالوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2060، فإن تصرفات عملاق تصدير النفط تثير التساؤل عن أي التزام تتعهد به تجاه الاستدامة البيئية.

في حين تم وصف المدينة الحضرية الجديدة في المملكة العربية السعودية بأنها محاولة مستقبلية لتغيير وظيفة المدينة الحديثة ومناظرها الطبيعية، المليئة بالسكك الحديدية عالية السرعة المبتكرة والطاقة النظيفة. ولكن يخفي هذا الاعلان الترويجي واقعاً أكثر شراً.

حيث يعتبر تهجير السكان الأصليين والآثار الاستبدادية المحتملة للتطور التكنولوجي للمدينة من دواعي القلق في دولة معروفة بسجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، كانت الفوائد البيئية لنيوم محل نزاع واسع، وحقيقة ان هذه المدينة الجديدة ستقود رؤية القرن الحادي والعشرين للبنية التحتية الحضرية يظل موضع شك كبير.

المصدر: bylinetimes + رأي الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى