حمزة توزال ذو الأصول المغربية يتحدث للجزيرة نت عن تجربته كأصغر عمدة في تاريخ بريطانيا
لندن- بعد تحقيقه إنجازا تاريخيا سيظل مسجلا في الأدبيات السياسية البريطانية، غادر حمزة توزال منصب عمدة منطقة “ويست منستر”، بعد سنة حافلة بالأحداث غير المسبوقة في المملكة المتحدة، التي كان شاهدا عليها وأحد الفاعلين فيها.
صنع حمزة توزال -ذو الأصول المغربية- الحدث عند تعيينه قبل سنة أول عمدة مسلم في تاريخ منطقة “ويست منستر”، وكان أصغر عمدة في تاريخ بريطانيا كلها، حينها لم يكن توزال يعلم أنه على موعد أحداث ضخمة وغير مسبوقة؛ بداية بالاحتفال باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية، ثم وفاتها، وبعدها تتويج الملك تشارلز الثالث.
خلال كل هذه الأحداث كان حمزة توزال حاضرا، سواء خلال عملية التحضير أو في أطوارها، لأنها تقع في دائرته التي يشرف عليها وهي منطقة “ويست منستر”، حيث يوجد قصر باكنغهام، وكنيسة “ويست منستر” التي تم فيها حفل تتويج الملك تشارلز الثالث.
في حديثه مع الجزيرة نت، يحكي حمزة توزال عن تفاصيل هذه السنة، ولقاءاته المتكررة مع الملك تشارلز الثالث وعدد من أفراد الأسرة الملكية، وعن طموحه السياسي بعد ما حققه هذه السنة، وهل تعرض للعنصرية خلال هذه الفترة؟
حياتي تغيرت
بدأ حمزة العمل السياسي في حزب العمال في سن 16 سنة، ثم تم انتخابه في المجلس البلدي لمنطقة “ويست منستر” عن عمر 18 سنة، ومع ذلك يؤكد أنه لم يفكر أبدا في أنه سيكون على موعد مع التاريخ لتولي منصب العمدة؛ “كنت أفكر باستمرار في العمل في المجلس والتدرج داخل حزب العمال، لكن هذا المنصب شكل نقلة حقيقية في حياتي”.
يتذكر حمزة كيف أنه لم يصدق عندما أخبره مسؤوله في حزب العمال أنه سيكون عمدة، مضيفا “كنت أعتقد أنها مجرد مزحة ولم أصدق الأمر إلا عندما بدأت أول يوم في عملي”.
ورغم أن حمزة كان يبلغ من العمر 22 سنة عندما تولى هذ المنصب المهم، فيؤكد أنه لم يشعر بكثير من الضغط والارتباك للتعامل مع متطلبات منصبه، متابعا “رسخت في ذهني فكرة واحدة، وهي أنني الآن عمدة ويجب أن أتعامل مع هذا الواقع، وألا أضيع الوقت في الخوف أو التردد”.
يقول حمزة إن النظام في بريطانيا “يسهل عليك الكثير من المهام، وكان حولي أشخاص يساعدونني في كل شيء ويقدمون لي التوجيه والنصح”، موضحا أن منصب العمدة أثّر بشكل إيجابي في حياته؛ “لقد أصبحت أكثر ثقة وقدرة على التعامل مع الملفات المعقدة، وحتى نظرتي السياسية أصبحت أكثر نضجا”.
اللقاء مع الملك
بحكم عمله، يلتقي حمزة أفراد الأسرة الملكية، بما فيهم الملك تشارلز الثالث، الذي التقاه أكثر من مرة، مما جعله يكون انطباعا عنه، بأنه “رجل لطيف ويعرف كيف يفتح معك محادثة، ويكون دائما منتبها لما تقوله”.
ويؤكد حمزة أنه لم يجد أي صعوبة في التعامل مع الملك تشارلز الثالث، مضيفا “طبعا هناك البروتوكول الذي يجب احترامه، لكن أثناء الحديث معه تشعر بالارتياح، وأنه شخص طيب، وفي كل مرة يجد طريقة للحديث معي سواء ليسألني عن القلادة التي أحملها أو الزي الذي أرتديه”.
وخلال لقاءاته المتكررة مع الأسرة الملكية، يتذكر حمزة كيف أن العديد من أفراد الأسرة الملكية كانوا يعبرون عن إعجابهم لتوليه المنصب رغم حداثة سنه، “وفي كثير من المرات يؤكد لي أكثر من أمير أنه يجب فتح الباب للشباب أكثر للحصول على هذه المناصب”.
ومن أفضل اللحظات التي عاشها حمزة تلك اللحظة “التي كنت فيها في المنصة بجانب ولي العهد الأمير ويليام وأنا في الصف نفسه مع أفراد الأسرة الملكية، وخلفي رئيس الوزراء بوريس جونسون وعمدة لندن صادق خان وبقية رجال الدولة، وكان ذلك خلال الاحتفال اليوبيل البلاتيني للملكة، وعندما رأيت الصورة شعرت بالفخر، وكذلك أمي التي فرحت جدا بهذه الصورة”.
مقابل الترحيب الذي لقيه حمزة من أفراد الأسرة الملكية ومعظم من التقاهم خلال ولايته، حدثت له بعض الأحداث العنصرية، خاصة بعد التعليقات على تويتر التي يفسرها بالقول “بسبب أنني مسلم، إضافة إلى بعض الأشخاص الذين يطرحون علي سؤال عن أصولي، وعندما أجيب بأنني من لندن يقولون إنهم يسألون عن أصول والدي فأجيب إن والدتي ولدت في لندن، لكنهم يبحثون عن جواب أن أصولي ليست من بريطانيا، وهذا سؤال عنصري بالفعل”.
طموح سياسي
لا يخفي حمزة حماسته للاستمرار في العمل السياسي، ويقول “حاليا سأعود للمجلس المحلي لمنطقة ويست منستر وأركز على العمل في ملفات الشباب وإدماج الأقليات”، مضيفا أنه سيحضّر للانتخابات المحلية التي ستجرى سنة 2026.
وأضاف “يجب علي أن أحافظ على مقعدي وخلال هذه الفترة سأكتسب المزيد من الخبرة، وبعدها أفكر في التدرج في حزب العمال لدخول البرلمان البريطاني”.
ولا يخفي حمزة أن حلمه هو منصب عمدة مدينة لندن؛ “هذا المنصب له خصوصية، وأشعر بأنه أهم من رئاسة الوزراء، وحلمي أن أصل له يوما ما”.