الاخبار العاجلةسياسة

كيف تلقت واشنطن نبأ مصرع بريغوجين قائد فاغنر؟

واشنطن- التجاهل الجماعي كان الرد الرسمي الأميركي على أنباء وفاة قائد مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين إثر تحطم طائرة في روسيا أمس الأربعاء.

وامتنع المسؤولون الأميركيون عن التعليق على أنباء وظروف إسقاط طائرة على متنها بريغوجين، مؤكدين أن الجميع يعرفون أن هذه هي النتيجة المحتملة لتمرده الفاشل ضد موسكو في يونيو/حزيران الماضي، وأن ما جرى لن يغير الحسابات الأميركية بشأن روسيا أو حربها في أوكرانيا.

ونبع الموقف الأميركي من ضبابية المشهد داخل روسيا وسط غموض بين الدوائر السياسية والأمنية القريبة من الرئيس فلاديمير بوتين.

وتُقدر بعض التقارير أعداد قوات “فاغنر” بـ50 ألف مقاتل، بعضهم من قدامى المحاربين المتشددين، والباقون من المتطوعين من السجناء في المعتقلات الروسية.

ميت يمشي

رجل ميت يمشي، هكذا نظرت واشنطن إلى بريغوجين منذ قيامه بمحاولة انقلاب قصيرة الأجل ضد قادة الجيش الروسي قبل شهرين حين سيطرت قواته على المنشآت العسكرية في مدينة روستوف جنوبي روسيا، وأعلن لاحقا أن قواته في طريقها إلى العاصمة موسكو.

ومثلما فوجئت واشنطن بأنباء تمرد قوات فاغنر وتحركاتها، فإنها فوجئت أيضا بالتوصل إلى اتفاق لحل الأزمة بعد صفقة توسط فيها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، المعروف بقربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن بريغوجين نفسه، وبمقتضاها يسقط الكرملين جميع تهم “التمرد” ضد بريغوجين ومقاتليه، على أن ينتقل بريغوجين إلى بيلاروسيا، إلا أن واشنطن لم تستبعد مقتل بريغوجين.

وقبل 5 أسابيع، وفي رده على سؤال أثناء مشاركته في نقاش بمنتدى معهد آسبن الأمني الذي يعقد بولاية كولورادوا سنويا، شكك مدير وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” وليام بيرنز، في مصير زعيم جماعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين.

وتوقع بيرنز أن بريغوجين ربما لم ير نهاية غضب بوتين بعد، وقال بيرنز، الذي سبق له العمل سفيرا لبلاده في موسكو، ويجيد اللغة الروسية، إن ما نراه “هو رقصة معقدة للغاية بين بريغوجين وبوتين، أعتقد أن بوتين يؤمن بالانتقام، لذلك سيحاول تسوية الوضع إلى أقصى حد ممكن، ولكن مرة أخرى، من واقع خبرتي، سأكون مندهشا إذا نجا بريغوجين من العقاب على ما قام به”.

ورجح الخبير الأمني الأميركي جيل دوغيرتي بشبكة “سي إن إن” أن يكون الرئيس بوتين هو من أعطى أمر التخلص من بريغوجين، قائلا “هذا هو ما يمكن التنبؤ به، وكان الكثير من الناس يتوقعون أنها كانت مجرد مسألة وقت، ولا يعرفون بالضبط كيف سيحدث ذلك”.

في حين يؤمن خبير الشؤون الأمنية باتون والش، بأن بوتين أعطى هذا الأمر، وأضاف “بوتين لم يكن ليغفر الإذلال من قبل بريغوجين في تمرد يونيو/حزيران الفاشل حين تحركت دبابات ومركبات فاغنر باتجاه وسط موسكو”.

وردا على سؤال خلال عطلته في بحيرة تاهو، الواقعة على الحدود بين ولايتي كاليفورنيا ونيفادا، عما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقف وراء تحطم طائرة بريغوجين، قال الرئيس الأميركي جو بايدن “ليس هناك الكثير مما يحدث في روسيا دون علم بوتين، لكنني لا أعرف ما يكفي لمعرفة الإجابة”.

اقرأ ايضاً
مقال بواشنطن بوست: الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ضالعة في هجوم المستوطنين على حوارة

ومن جانبه، صرح السيناتور الديمقراطي من ولاية فرجينيا ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ مارك وارنر معقبا على خبر مقتل بريغوجين، “لا ينبغي لأحد أن يحزن على وفاة بريغوجين”، مضيفا أنه “تذكير آخر بوحشية نظام بوتين، ولماذا يجب علينا مواصلة دعمنا لأوكرانيا في كفاحها من أجل الحرية”.

نهاية فاغنر

ورجح بعض الخبراء أن يؤدي وفاة زعيم فاغنر إلى المزيد من الاضطرابات الداخلية في روسيا، وهو ما قد يُعقد من حرب بوتين على أوكرانيا مما يعطي كييف دفعة مع تعثر هجومها المضاد ويلهم الثقة في داعمي أوكرانيا الغربيين لزيادة ضخ الأسلحة في القتال.

وحذر عدد من الخبراء من التسرع والاحتفال باختفاء بريغوجين، إذ ذكر صموئيل شاراب من مؤسسة راند البحثية، أن “واشنطن ستواجه مجموعة فاغنر مختلفة الآن بعد رحيل بريغوجين، وما حدث هو نهاية فاغنر كما عرفناها، لكن من المتوقع أن تسمح موسكو للمرتزقة بالتصرف باستقلال (زائف) في أفريقيا تحت قيادة شخصية أكثر هدوءا من شخصية بريغوجين”.

وفي حديث للجزيرة نت، قال خبير الشؤون الدفاعية مايكل بيك، إن “السؤال الآن يجب أن يتمحور حول تأثير اغتيال بريغوجين على الفعالية العسكرية الروسية، فقد كان له أتباع كثيرون في روسيا، وكان مرتزقة مجموعة فاغنر من الفصائل الروسية الأكثر فعالية في ساحات القتال”.

القوائم السوداء

وقد أدرجت وزارتا الخارجية والخزانة الأميركيتان مجموعة فاغنر وزعيمها بريغوجين في قوائم عقوبات مختلفة بموجب أوامر تنفيذية متعددة، وفي يناير/كانون الثاني 2023، صنفت إدارة بايدن فاغنر منظمة إجرامية عابرة للحدود، وأدرجتها في الوقت نفسه بموجب برنامج عقوبات يتعلق بجمهورية أفريقيا الوسطى.

وأشارت دراسة حديثة صدرت بداية الشهر الجاري عن خدمة أبحاث الكونغرس، إلى أن زعيم فاغنر يخضع لعقوبات أميركية ويواجه لائحة اتهام بالعديد من الأنشطة، بما في ذلك التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016. ونفى بريغوجين تورطه أو جماعته في هذه الانتخابات.

وفرضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على مجموعة فاغنر عقوبات مالية وقيودا على دخول الولايات المتحدة، وهناك مشاريع قوانين تطلب من وزير الخارجية تصنيف مجموعة فاغنر منظمة إرهابية أجنبية، وقد يكون لمثل هذا التصنيف تداعيات على علاقات الولايات المتحدة مع روسيا أو الدول الأخرى التي تعاقدت حكوماتها مع خدمات مليشيات فاغنر.

وعلى مدار ساعات الماضية، كان السؤال الأكثر إلحاحا في واشنطن يدور حول “مصير مليشيات فاغنر”، وإذا ما كان غياب زعيمها سيغير من طبيعة علاقتها بالأجهزة العسكرية الروسية، خاصة تلك القوات التي تقاتل في أوكرانيا مع استمرار احتلالها لبعض المناطق. وبدت إدارة جو بايدن كمن لا يمتلك أي إجابات شافية لأي من الأسئلة المهمة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى