مقال بواشنطن بوست: بريغوجين رحل لكن شبحه سيظل يطارد بوتين
أكد الكاتب الأميركي ديفيد إغناسيوس، بصحيفة واشنطن بوست الأميركية أن شبح زعيم “فاغنر” يفغيني بريغوجين سيظل يلاحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، موضحًا أن وفاته تحذير لبوتين أولًا، وليس لخصومه فقط.
وأوضح إغناسيوس أن التفاصيل المحيطة بـ “عملية اغتيال” بريغوجين تقوي مشاعر الروس، بأن البلاد عادت إلى حالة من عدم الاستقرار والإجراءات الوحشية التي كانت سائدة في زمن الرئيس السوفياتي السابق جوزيف ستالين.
ونقل عن المحللة الروسية في مؤسسة كارينيغي للسلام الدولي تاتيانا ستانوفايا، قولها إن النخبة الروسية ستنظر إلى ما جرى على أنه عمل انتقامي، مبرزة أن الكرملين سيعزز الشعور بأن بوتين انتقم من زعيم فاغنر، مهما كانت نتائج التحقيقات.
الصورة خُدشت
وذكر الكاتب أن مقتل بريغوجين، ونجاح القوات الروسية في الصمود ضد هجمات الجيش الأوكراني، يعطي الإحساس بأن بوتين عزز موقفه ومكانته داخل روسيا، بشكل أقوى مما كان عليه الأمر قبل شهرين، عندما حدث تمرد فاغنر.
لكن إغناسيوس يشدد على أن هذه الهالة من التفوق السياسي تلطخت بشكل لا يمكن إصلاحه، إذ أن تمرد فاغنر بقيادة بريغوجين أضر بكليهما، علمًا أن بعض المقربين من بوتين يتبنون كثيرًا من مواقف بريغوجين في انتقاداته لتفاصيل الحرب على أوكرانيا.
ويوضح الكاتب أن تصفية بريغوجين قد تؤدي إلى تغذية القلق داخل صفوف السياسيين والمسؤولين بدلًا من اجتثاثه، مبرزًا أن المراقبين يلحظون اتساع دائرة الشكوك وسط النخبة الروسية، بشأن آلية اتخاذ القرار التي يتبانها بوتين “المتردد”، التي يقولون، إنها تتسم بالبطء وبضعف الفعالية.
وضرب على ذلك مثالًا بقرار غزو أوكرانيا، وبتأخير تعبئة الشعب الروسي للحرب، وبالتردد في سحب القوات الروسية من حصار خيرسون في الخريف الماضي، وبالتأخر في الرد على تمرد بريغوجين يومًا كاملًا.
رسالة بريغوجين
وحسب الكاتب، فإن الصين تبقى العامل الحاسم بالنسبة لمستقبل بوتين السياسي والعسكري، فبالنسبة لبكين فإن وفاة بريغوجين ستعزز الثقة أكثر مع موسكو، وقد أخبر الصينيون مسؤولين أميركيين خلال الأشهر الأخيرة أنهم قلقون بشأن بقاء روسيا في أوكرانيا، وبأنهم أعدوا مقترح خطة سلام.
بقاء لن يكون مضمونًا بشكل كامل؛ لأن القوات الأوكرانية تكافح لاختراق جبهات القوات الروسية وقد تنجح في ذلك، كما أن كييف قد تنجح في نقل المعركة إلى الداخل الروسي من خلال المسيّرات، ما قد يزيد من اتساع الرقعة التي يكافح بوتين لترقيعها.
علمًا -يوضح إغناسيوس- أن رسالة بريغوجين إلى الروس كانت أن الحرب لا تستحق كل هذه التكلفة الفادحة بشريًا وماديًا.
ولتأكيد موقفه شكّك في قدرة بوتين وفريقه على قيادة الحرب، وأكد في 23 يونيو/حزيران الماضي -قبل يوم من قيادته التمرد- أن حرب أوكرانيا استندت إلى كذبة، منتقدًا بشدة كون “العشيرة الأوليغارشية الحاكمة” دفعت بأبناء روسيا إلى طاحونة الحرب لتحقيق أهدافها.