الاخبار العاجلةسياسة

استُهدفت عائلته بالقصف مرتين.. صحفي فلسطيني مهدّد لتغطيته “طوفان الأقصى”

غزة- تلاحق الغارات الجوية الإسرائيلية الصحفي الفلسطيني مثنى النجار، بطريقة تبين حجم الخطر المحدق بحياته إثر تحريض منصات للمستوطنين على وسائل التواصل الاجتماعي ضده علنا، واتهامه بالإرهاب.

وجاء هذا التحريض على خلفية مقاطع انتشرت على نطاق واسع صوّرها مثنى وبثّها من داخل ما تسمى “مستوطنات غلاف غزة”، السبت الماضي، مع هجوم المقاومين وبدء معركة “طوفان الأقصى”.

ونجت أسرة مثنى النجار بأعجوبة من غارة جوية إسرائيلية استهدفت، ليل الأربعاء، منزل عائلة زوجته في بلدة بني سهيلا قرب مدينة خان يونس، جنوب شرقي قطاع غزة.

وقال مثنى للجزيرة نت إن، “العناية الإلهية حالت دون وقوع مجزرة مروّعة جراء الغارة التي استهدفت منزل عائلة زوجتي، وقد نجت هي وأطفالي ووالدتها وشقيقتها، بينما استشهد والدها، وانتشلت طواقم الإسعاف والدفاع المدني جثته بعد نحو 10 ساعات تحت الركام”.

ملاحقة وتحريض

واضطرت عائلة الصحفي مثنى النجار إلى الفرار إلى منزل أصهاره في بني سهيلا، بعد تدمير منزله في بلدة خزاعة المجاورة قبل 24 ساعة فقط من الاستهداف الثاني. وقد لاحقتهم طائرات الاحتلال التي تبث الموت والخراب على مدار الساعة ولليوم السادس على التوالي، ودون سابق إنذار، وألقت حمم نيرانها جوا وحولت المنزلين إلى أكوام من ركام.

وكان والد زوجته الشهيد، وهو رجل ستيني معاق، قد أصيب في أوقات سابقة بنيران قوات الاحتلال، وقدم سابقا أحد أبنائه شهيدا أيضا. ووصف مثنى ما حدث بأنها “جريمة أودت بحياة والد زوجتي، رجل الإنسانية والإصلاح المجتمعي”.

ويضع مثنى ما يتعرض له في سياق ما وصفه بـ “تحريض كبير” ضده في منصات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، ومن أوساط مختلفة.

ويضيف أن من بينهم أستاذا للعلوم السياسية في الجامعة العبرية كتب على صفحته الرسمية بمنصة “إكس” تحريضا صريحا بالقتل، وأرفقه بصورة لمثنى وإلى جانبه مستوطنة إسرائيلية مع طفليها. قال فيه، “تعرفوا إلى مثنى النجار صحفي بدرجة إرهابي، كان برفقة مجرمي حماس في رحلة الموت يوم السبت، بدأنا البحث عنه، ولن يفلت من العقاب”.

ظروف استثنائية

ويعمل مثنى النجار في ظروف استثنائية على مدار الساعة في الميدان، رغم ما يتعرض له من أخطار حقيقية، كما يسيطر عليه القلق الشديد على حياة زوجته وأطفاله، في ظل تحريض يبدو أنه تجاوزه شخصيا ليشمل كذلك أسرته والدائرة المحيطة به.

وكتب على صفحته الرسمية على فيسبوك منشورا، أرفقه بشارة النصر بعد وقت قصير من إعلان انتشال والد زوجته شهيدا. وقال، “من يُكتب له العمر سيخرج ويتحدث عن هول هذه المذبحة، ومن حانت خاتمته فالشهادة مفخرة وحاجة بترفع الرأس، وهل يجب علينا الانهيار أمامهم ليعرفوا أننا لسنا بخير”؟

ويتشارك مثنى النجار مع بقية صحفيي غزة تفاصيل كثيرة من المخاطر والتعقيدات التي تحيط بهم وتعرقل أداءهم رسالتهم المهنية، فطائرات الموت الإسرائيلية في سماء غزة لا تمنح حصانة لأحد، والتحرك في الشوارع والميادين ينطوي على مقامرة كبيرة.

 

تضحية

ودفع 9 صحفيين فلسطينيين حتى اللحظة حياتهم جراء استهدافهم بالقصف خلال عملهم الصحفي، بينما أصيب عشرات آخرون بجروح متفاوتة، فضلا عن دمار هائل لحق بمؤسسات ومقار إعلامية خلال أيام معدودة.

ويمثل انقطاع الكهرباء وخدمات الاتصالات والإنترنت عقبة كبيرة تواجه الصحفيين. وحسب مصادر رسمية في غزة فإن مخزون الوقود -الذي تعمل بواسطته المولدات الصغيرة بعد توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل كليا- يوشك على النفاد في غضون بضعة أيام، وسط احتمالات متنامية لعزل وقطع اتصال القطاع بالعالم الخارجي.

وقال نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل -للجزيرة نت-، إن الصحفيين في غزة “فدائيون يحملون أرواحهم على أكفهم لنقل حقيقة ما يتعرض له شعبهم من مذابح وحرب إبادة”. وأن التحريض الكبير على مثنى النجار والغارات التي استهدفت منزله ومنزل عائلة زوجته “قرار إسرائيلي واضح باغتياله. وكأن الصحافة أصبحت جريمة، فهو لم يرتكب جرما بأداء عمله المهني”.

استشهاد 9 صحفيين فلسطينيين منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"
صلاة الجنازة على جثماني اثنين من الصحفيين اللذين استشهدا في قصف إسرائيلي (غيتي)

ظروف معقدة

وحسب توثيق نقابة الصحفيين، استشهد منذ بدء “طوفان الأقصى” 9 صحفيين آخرهم، فجر اليوم الخميس، الشهيد الصحفي أحمد شهاب، وأصيب عشرات آخرون سواء داخل منازلهم التي تعرضت للاستهداف، أو خلال عملهم في الميدان، رغم التزامهم بوضع الخوذة وارتداء الزي الذي يميزهم كونهم صحفيين.

وظهر صحفيون في مقاطع مرئية مؤثّرة عكست كثيرا من مشاعر الإنسانية التقطوها خلال عملهم في الميدان لليوم السادس على التوالي، دون أن يتمكنوا من رؤية أسرهم وأطفالهم، وتقديم المساعدة لهم وتوفير احتياجاتهم الحياتية جراء تقطع الطرق التي نالها نصيب وافر من القصف والتدمير.

تصاعد العدوان

وقال الصحفي أسامة الكحلوت -للجزيرة نت-، إن ظروف عمله وتصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي تحتم عليه الإقامة في مدينة غزة بعيدا عن أسرته وأطفاله في مدينة دير البلح وسط القطاع، حيث لا طرق آمنة أو ممهّدة تؤدي إليهم، الأمر الذي يجعله في “قلق دائم عليهم يفوق قلقي على أمني الشخصي”.

ويضطر أسامة إلى التنقل حيث يوجد الكهرباء وخدمات الإنترنت للقيام بعمله، ويتوقع أن “يغرق قطاع غزة في عزلة شبه تامة، وينقطع تواصله مع العالم الخارجي في غضون 3 أيام في حال استمر الحصار الخانق، وانقطاع الكهرباء، وأزمة الاتصالات والإنترنت”.

وقد توقفت بالفعل مؤسسات إعلامية محلية عن العمل بشكل تام جراء هذه الأزمات، وأعلنت أنها ستعاود عملها في تغطية الأحداث الجارية، وتطورات العدوان على غزة في حال عودة الكهرباء والخدمات الحيوية.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى