الاخبار العاجلةسياسة

هآرتس: ما الذي ستحفره أفعال الإسرائيليين في نفوسهم؟

مرّ شهران ونصف الشهر والحزن لا يفارقنا، ولوعته لا تبارحنا. الأيام والليالي حزينة. فقد استقر الحزن في إسرائيل من النهر إلى البحر، والظلام الذي أرخى سدوله علينا لم يترك ولو كوة صغيرة يدخل من خلالها بصيص ضوء من بين الغيوم. إنه الحزن ولا شيء سواه. هي الأيام مفزعة بلا رحمة ولا مغفرة.

بهذه العبارات المفعمة بالمشاعر الجياشة، والمثقلة بالهموم والإحباط، استهل مايكل سفارد المحامي والناشط السياسي الإسرائيلي المتخصص في القانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين الحرب، مقالا له في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.

يقول الكاتب إن الأجواء يخيّم عليها نوعان من الحزن: نوع يخترق شغاف القلب، ويعتصر الدموع من المآقي ويجعل الروح ترتعش. ونوع ثانٍ يغوص ببطء فيجعل “شرايين وجودنا تضيق، ويكفهر وعينا”.

غياهب الجحيم

ويضيف، وكأنه يندب زمانه، قائلا إن النوع الأول هو الألم. “ألم الخسارة، والصدمة في مواجهة الرعب الذي حلَّ علينا من الخارج. فالساعات التي نقضيها أمام التلفاز ونشاهد فيها قصص الأسرى، والجزع المؤلم الذي ينتاب عائلاتهم، وفقدان الجنود الذين سقطوا (في ساحات القتال)، أشبه ما تكون بعدوى الحزن الذي يتسرب إلى أجسادنا ويدب دبيبا فيها حتى يستحيل إيقافه لأن لنا إخوة وأخوات بين القتلى وأولئك الذين سقطوا والذين يعانون من غياهب الجحيم”.

أما النوع الثاني من الحزن -كما يوضح سفارد- “فمرده في حقيقة الأمر إلى الإدراك والتبصر. هي رؤى مفزعة تنداح اندياحا، وأحاول طردها بأي وسيلة.. وأتساءل كيف سنكون نحن بعد الحرب؟ وأي نوع من المجتمع الإسرائيلي يُصاغ في الحاضر؟”.

إن مشاهدة قصص الاختطافات وسادية القتل والانتهاكات والاعتداءات الجنسية، والاستماع إليها، تكلف ثمنا باهظا، كما يقول المحامي الإسرائيلي.

الخوف يستبد بنا

ويتابع: “إن إغراقنا في أهوال (الحرب) يجعل الخوف يستبد بنا لا محالة”. وسبق للشاعر يهودا عميحاي أن قال: “من المكان الذي نحن فيه، لن تنمو الزهور في الربيع أبدا”.

اقرأ ايضاً
ستراتفور: ماذا بعد الحرب الأهلية الإثيوبية وسط تجدد القتال في تيغراي؟

ويتساءل سفارد: كيف ستكون صورة مجتمع قتل عشرات الآلاف، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ،؟ في إشارة إلى ما يرتكبه الإسرائيليون في حق الفلسطينيين.

فتور الهمة واللامبالاة

ويستمر في تساؤلاته قائلا: “ما الذي ستحفره أفعالنا في الأسابيع الأخيرة في نفوسنا من تخريب المدن والبلدات والقرى ومخيمات اللاجئين، والتدمير الكامل للأحياء السكنية والبنية التحتية المدنية، ومحو العائلات وجعل المئات، إن لم يكن الآلاف من الأطفال، يتامى؟”.

ويضيف: “كم قدر من فتور الهمة واللامبالاة استقر في دواخلنا لكي نحيل المباني الشاهقة إلى تراب، والمتنزهات والساحات إلى خرائب، ومليونا ونصف المليون إنسان إلى نازحين لا يملكون شيئا؟”.

ما مآل مجتمعنا؟

ولا يكف المحامي والناشط السياسي الإسرائيلي عن التساؤل فيقول: “ماذا سيكون مآل مجتمع امتنعت وسائل إعلامه لأكثر من 10 أسابيع من إجراء ولو مقابلة واحدة مع أحد سكان غزة ليحكي ما يحدث لهم؛ ومن يمنع نشر صور الأطفال الذين قتلناهم والأمهات الثكلى اللاتي تسببن في فجيعتهن؟”.

ويمضي في انتقاده الإعلام الإسرائيلي، فيقول إن القنوات التلفزيونية الإسرائيلية تشكل تصوراتنا الجماعية ليس فقط من خلال ما تعرضه، ولكن أيضا، وربما بشكل رئيسي، من خلال ما تخفيه عنا.

ونشعر بالصدمة -كما يضيف- عندما تطالب 153 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار في غزة، فيما تعارض 10 دول فقط، وعندما تؤيد 13 من أصل 15 دولة عضوة في مجلس الأمن الدولي قرارا يدعو إلى وقف القتال، وعندما تستخدم دولة واحدة حق النقض؛ وعندما تصبح الجامعات ساحات للتظاهر ضد إسرائيل.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى