كنيسة مصرية تحاكم قسا بعد مشاركته في ذبح أضحية العيد
القاهرة- بينما كان المسلمون في مصر منشغلين بالاحتفال بعيد الأضحى المبارك، كان القس دوماديوس إبراهيم حبيب المعروف باسم “دوماديوس الراهب” قد انضم إلى مبادرة مع الكنيسة الأسقفية بالجيزة لذبح الأضحية وتوزيعها على فقراء المسلمين.
وأُضيف تصرفه هذا إلى سلسلة من التصرفات السابقة التي أثارت حفيظة الكثير من الأقباط. وكان أبرزها زيارة حبيب إلى إيران حيث ظهر في عدة لقاءات مع رموز شيعية بارزة في رحلة تضمنت زيارة بعض المراقد بمدينة قم وإجراء لقاءات تلفزيونية، أشهرها فيديو -بصوته- يناجي فيه الإمام الحسين.
كما ظهر في فعالية سابقة يعلق زينة رمضان مع جيرانه المسلمين رافعا شعار “الوحدة الوطنية” إلى جانب زيارته مسجد أحمد البدوي في محافظة الغربية وقد انتهى به الأمر للتحقيق معه، وفق بيان رسمي صادر عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
تحقيق
وفي بيان أصدرته الخميس الماضي، قالت الكنيسة إن كل ما صدر عن حبيب “من تصرفات مثيرة للجدل لا يمثل سوى شخصه” وإنها غير مسؤولة عنها.
وأضافت أن هذا القس “أثار أزمات كثيرة عبر سنوات في كل كنيسة خدم فيها، وتنقل بسبب مشكلاته بين عدة كنائس، فضلا عن صدور تصرفات منه تثير الجدل في الشارع وعلى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي”.
ووفق البيان ذاته “حاولت الكنيسة طوال سنوات حل مشكلات دوماديوس ومعالجة أخطائه، حرصا على سلامه وخلاصه، وتم نصحه كثيرا ومُنِح فرصا عديدة”.
وتم التحقيق مع حبيب في أغسطس/آب 2023، وصدر قرار بإيقافه عن العمل الكهنوتي “لم يلتزم به، بل تمادى مؤخرا في تصرفاته المثيرة للجدل”.
إيقاف ومنع
وقال البيان ذاته إن تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أصدر قرارا بتشكيل لجنة من 3 أعضاء من أحبار الكنيسة وبعض الآباء الكهنة للتحقيق مع حبيب.
وتم استدعاء القس، الأربعاء الماضي، للمثول أمام اللجنة، حيث تم الاستماع إليه ومناقشته في تصرفاته، وفي أسباب عدم التزامه بقرار البابا بإيقافه عن الخدمة الكهنوتية، كما يضيف البيان.
وأشار بيان الكنيسة إلى أن لجنة التحقيق انتهت إلى استمرار إيقاف حبيب عن الخدمة الكهنوتية، ومنعه من التعامل بشكل كامل مع وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي بكافة صورها.
كما انتهت إلى “قضائه فترة خلوة روحية في أحد الأديرة القبطية لمنحه فرصة لمراجعة نفسه وتصرفاته” على أن يستمر العمل بما سبق لمدة عام، مع متابعة مدى التزامه به خلال هذه المدة، وفي حالة خرقه أي بند من البنود الثلاثة السابقة، يعرّض نفسه “للتجريد من رتبته الكهنوتية”.
خضوع تام
بدوره، أعلن القس حبيب خضوعه التام للكنيسة والبابا، معلنا انقطاع صلته بأي أخبار أو مواقع أو وسائل للتواصل إلا من خلال صفحته الشخصية على فيسبوك، مؤكدا أنه طلب لقاء البابا -مرارا- ولم تتح له الفرصة لذلك.
وتشير المعلومات إلى أن حبيب كان يخدم في أبرشية الفيوم وتم إيقافه على خلفية خلاف مع المطران الأنبا إبرام، ومن ثم انتقل للخدمة بإحدى كنائس القاهرة التي أثار فيها بعض المشكلات أيضا، مما استدعى إيقافه مرة ثانية.
وأكد حبيب أن الكنيسة “كانت تنوي تجريده من رتبته الدينية تماما بعد هاتين المشكلتين” إلا أن ظهوره المتكرر في وسائل الإعلام بمناسبات وفعاليات الوحدة الوطنية قد أجّل هذا القرار “حتى لا تُفهم الكنيسة خطأ وكأنها تعاقبه لأنه يشارك المسلمين مناسباتهم وأعيادهم”.
ويرى بعض المتابعين للشأن القبطي في مصر أن تصرفات القس حبيب قد تندرج ضمن مناخ المجاملات الشعبية المعتادة بهذه المناسبات، في حين يرفضها البعض ويعدّها مسا بالحدود الدينية والعقائدية بين الأديان.
ولعل استحضار مفهوم التدين الشعبي يستدعي نمطا آخر من القساوسة الأرثوذكس، فالقس مكاري يونان الكاهن الراحل بالكنيسة المرقسية بالأزبكية كان أحد تلك النماذج التي تستجلب شرائح من المسلمين والأقباط “طالبين الشفاء مما يسمى بالمس أو السحر أو -بالمصطلح المسيحي- طرد الشياطين” مما أثار ردود فعل متباينة حول تلك الممارسات.
من ناحيته، دافع القس حبيب عن نفسه مؤكدا التزامه بعقائد الكنيسة القبطية وطقوسها طوال فترة خدمته، مشيرا إلى أن المشاركة في الأضاحي أفعال محبة ليس لها أي أهداف عقائدية “لأن توزيعها ليس ذبيحة دينية بالمفهوم المسيحي، بل هي دعم للفقراء”.