الاخبار العاجلةسياسة

قتل ضابطا وأصاب 16 جنديا.. مقاتلو جنين يتحدثون عن كمين مرج ابن عامر

جنين- بدا صباح الخميس في جنين مختلفا عن كل الصباحات التي تعقب اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدينة ومخيمها الواقعين شمال الضفة الغربية.

فبعد ساعات من عملية عسكرية واسعة في مخيم جنين، أعلن جيش الاحتلال مقتل قائد وحدة قناصة برتبة ضابط في تفجيرين بآليات عسكرية بسهل مرج ابن عامر، وإصابة 16 جنديا آخرين.

ولاقت العملية ترحيبا واسعا بين أهالي المخيم الذين لحقت بهم أضرار واسعة جراء التدمير المستمر لممتلكاتهم ومنازلهم وللبنى التحتية خلال اقتحامات الاحتلال المتكررة.

وبحسب الأهالي الذين خرجوا على ساحة المخيم لتفقد آثار الدمار التي أحدثتها الجرافات العسكرية، فإن هذا الاقتحام مختلف عن غيره بالنظر لحجم الخسائر التي ألحقتها المقاومة في صفوف جيش الاحتلال.

من وسط الدمار

أمام منزله وسط ساحة المخيم كان أبو شادي (52 عاما)، يتحدث مع جيرانه عن الأخبار التي يتلقاها حول كمين نصبته عناصر من كتيبة جنين لقوات الاحتلال. وقال بصوت مسموع “بيّضوها الشباب هذه المرة..”، ويقصد أنهم نجحوا في إيقاع جنود الاحتلال بين قتيل وجريح. فيما علّق جاره “خليهم يعرفوا أن الدخول إلى جنين ليس سهلا، الله يحمي الشباب”.

وأبو شادي ذاته تضرر منزله جراء تجريف الاحتلال للسور الخارجي المحيط به وهدم أجزاء منه، عدا عن تدمير الشارع وساحة المخيم المقابلة له، وقطع أسلاك الكهرباء. لكن هذا لم يعد ذا أهمية لدى أهالي المخيم، الذين اعتادوا أساليب الاحتلال في كل اقتحام، كما يقول.

ويضيف “ماذا بقي في المخيم لم يدمروه؟ دمروا الشوارع والحارات والبيوت، حتى في أيام العيد جاؤوا وجرفوا كل شيء. تعودنا على الدمار، يحاولون معاقبتنا كأبناء المخيم، يحاولون هدمه والقضاء على المقاومين، لكن نحن سنبقى هنا، وسنواصل دعمنا لشباب المقاومة”.

وبالقرب من عيادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وسط مخيم جنين، يمكن مشاهدة الدمار الهائل الذي أحدثته جرافات وآليات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت مدينة جنين ومخيمها الليلة الماضية بأعداد كبيرة، وبدأت بتجريف الشوارع المؤدية إليه.

الحفرة التي احدثتها العبوة الناسفة محلية الصنع التي انفجرت في آلية الاحتلال وادت لمقتل ضابط إسرائيلي واصابة 16 جدي اخرين في سهل مرج إبن عامر شمال مخيم جنين 27-6-2024_ فاطمة محمود -جنين -فلسطين - الجزيرة نت
حفرة أحدثتها عبوة ناسفة فجّرتها كتيبة جنين في آلية عسكرية إسرائيلية بسهل مرج ابن عامر (الجزيرة)

كمين مزدوج

وبعد مرور أقل من ساعة على الاقتحام، تناقلت مجموعات الأخبار المحلية على مواقع التواصل الاجتماعي سماع دوي انفجار كبير وسط سهل “مرج ابن عامر” الواقع إلى الشمال من مخيم جنين، ليتبين أن عبوة محلية الصنع زرعها مقاتلون من “كتيبة جنين” التابعة لسرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي)، وانفجرت بإحدى آليات الاحتلال العسكرية.

وأظهرت مقاطع فيديو مصورة تداولها نشطاء فلسطينيون لحظة التفجير، فيما توالت الأخبار بإيقاع إصابات مؤكدة في جنود الاحتلال. وقال شهود عيان من الأهالي أنهم شاهدوا 4 مروحيات إسرائيلية على الأقل تهبط في موقع التفجير وتنقل جنودا مصابين.

وصباحا، اعترف جيش الاحتلال بوقوع آلياته العسكرية في كمين وسط سهل “مرج ابن عامر”، وهو الطريق الذي تسلكه مركباته وناقلات جنوده وجرافاته العسكرية للوصول إلى المخيم عند اقتحامه.

وقال الجيش، في بيان له، إن عبوة ناسفة بحجم كبير جدا انفجرت في آلية عسكرية مصفحة، وأوقعت إصابات بين الجنود الموجودين بداخلها. وبعد وصول عدد آخر من الجنود لإسعاف المصابين وعلى بُعد 5 أمتار من مكان الانفجار الأول انفجرت عبوة ناسفة أخرى وأدى ذلك إلى مقتل الضابط “ألون سكاجيو”؛ وهو قائد في وحدة القناصة بالجيش الإسرائيلي، وإصابة 16 جنديا آخرين في الانفجارين.

ووفق بيان جيش الاحتلال، فإن الكمين كان “مفاجئا بشكل كبير”، خصوصا أن القوة العسكرية الإسرائيلية التي كانت في طريقها إلى المخيم أنجزت كافة الإجراءات التي تتخذها في العادة قبل الاقتحام وهو تمشيط الطرقات بالجرافات لإزالة أي لغم أو عبوة مزروعة في الشوارع، ولكن لم تقابل هذه المرة في طريقها عبوة واحدة بل عبوتين انفجرتا في الآليات العسكرية وأوقعتا “خسائر كبيرة”.

وبحسب التحقيقات الأولية التي تحدث عنها جيش الاحتلال، فإن العبوات المتفجرة كانت مفاجئة من ناحية حجمها الكبير ومن ناحية زراعتها على عمق 1.5 متر على أقل تقدير.

وتظهر الحفر الكبيرة التي أحدثتها العبوات الناسفة في سهل “مرج ابن عامر” ضخامة حجمها، وهو ما يؤكد اختلافها عن طبيعة العبوات التي اعتادت “كتيبة جنين” زرعها على جوانب الطرق والشوارع في المخيم وعلى أطرافه.

وعلى الرغم من تخوّف أهالي المخيم من عودة جيش الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ اقتحام موسع وكبير انتقاما لمقتل ضابط وإصابة 16 آخرين، فإنهم يعتبرون ما حدث إنجازا كبيرا للمقاومة.

و”أساسا يقتحم الاحتلال ويدمر ويخرّب المخيم باستمرار، لم يتركوا شيئا على حاله، وهم لا يحتاجون لسبب لدخول المخيم وقلبه رأسا على عقب.. الكمين إنجاز كبير للكتيبة وشبابها، ونتمنى أن يستمر ويتطور وأن تحدث الكتيبة إصابات موجعة أكثر في صفوف الجنود في كل مرة”، يقول أحمد السعدي؛ أحد سكان مخيم جنين للجزيرة نت والذي خرج ليتفقد آثار الدمار حول منزله.

فجرت كتيبة جنين عبوة ناسفة بآليات جيش الاحتلال ما أسفر عن مقتل ضابط وإصابة جنود من منصة اكس
تفجير عبوتين ناسفتين في “كمين مزدوج” لكتيبة جنين أسفر عن مقتل ضابط وإصابة 16 جنديا إسرائيليا (مواقع التواصل)

تطور أداء الكتيبة

ويقول ابن المخيم أيضا عثمان خليل، إن جنين هي الصورة الأخرى لغزة بمقاوميها وصمودهم ومحاولاتهم المستمرة لتطوير أساليب القتال التي يستخدمونها لمواجهة الاحتلال.

ويضيف للجزيرة نت “هذا الدمار نشاهد مثله تماما في غزة، وهذا الصمود من شباب المقاومة نراه في المقاومين في غزة، بفضل الله الكتيبة تحاول دائما أن تطور نفسها، لمقاومة هذا الاحتلال الغاشم”.

وفي هذه الأثناء، توزع عدد من مقاتلي “كتيبة جنين” على مداخل المخيم وفي أزقته لرصد ومراقبة أي تحركات لقوات خاصة أو لجنود الاحتلال لمعاودة الاقتحام بعد كمين سهل “مرج ابن عامر”.

وتحدثت الجزيرة نت مع المقاتل “ن.ص” من كتيبة جنين، بينما كان في جولة لتفقد الحواجز التي تنشرها الكتيبة على مداخل المخيم منعا لدخول سيارات “مشبوهة” قد تقلّ قوات خاصة إسرائيلية.

وقال إن الكتيبة تحاول بكل جهدها تطوير أساليب المواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد إدراك المقاتلين أن الأسلحة الرشاشة لم تعد تكفي لإيقاع خسائر في الجنود المتحصنين بالآليات المصفحة، “لذا طورت الكتيبة العبوات الناسفة المصنعة محليًّا وطريقة تفجيرها وزرعها”.

وأضاف “جيش الاحتلال يشعر بالصدمة لأنه حتى الآن لا يعرف إن كانت العبوات الأخيرة انفجرت عن طريق أسلاك أو بطريقة إلكترونية، ونحن في الكتيبة لن نشرح كيف فجّرناها حتى نبقيه في صدمته وحيرته، ولكن بفضل الله العبوات يتم تطويرها لإيقاع أكبر الخسائر في جنود الاحتلال ونحن نعدهم أن هذه البداية فقط”.

فيما أكد مقاتل آخر يدعى “ص.د” للجزيرة نت، أن عمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل بحق المقاومين جعلت انضمام الشباب للكتيبة يزداد؛ فكل شهيد من المقاتلين يتبعه انضمام 3 شباب آخرين لصفوف “المجاهدين”، وهؤلاء “أكثر خبرة في الاشتباك والتصدي وتجهيز المتفجرات”.

وأضاف” الشباب يشعرون أنه لا يوجد شيء ليخسروه بعد كل ما أحدثته إسرائيل في جنين وغزة وباقي مخيمات الضفة، الكل يؤمن أن المقاومة هي الحل”.

وبإعلانه مقتل ضابط من وحدة القنص في جيش الاحتلال الإسرائيلي وإصابة 16 جنديا آخرين، تكون هذه المرة الأولى التي يعترف فيها الجيش الإسرائيلي بوقوع هذه الخسائر في صفوفه بشمال الضفة الغربية منذ 22 عاما، أي منذ اجتياح جنين الشهير عام 2002.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى