ما الجديد في اتفاق الفصائل الفلسطينية ببكين؟
رام الله– أنهى 14 فصيلا فلسطينيا محطة جديدة من لقاءات الحوار الوطني، هذه المرة في العاصمة الصينية، انتهت بإصدار “إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية” صباح الثلاثاء.
وفق البيان الذي تلقت الجزيرة نسخة منه، اتفقت الفصائل على 8 نقاط، دون الإشارة إلى أي جدول زمني للتنفيذ، وهو ما رأى فيه محللون نقطة ضعف رغم بعض نقاط القوة فيه.
وبحسب محللين تحدثوا للجزيرة نت، فإن العُقد تكمن في التفاصيل، في وقت ينشغل فيه الشارع الفلسطيني بشلالات الدم في قطاع غزة.
أبرز البنود
من أبرز بنود الاتفاق الوصول إلى وحدة وطنية فلسطينية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية “كافة في إطار منظمة التحرير” والالتزام بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس “طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة” وحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وإنهائه “وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة”، وأن يتم تشكيل “حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل وبقرار من الرئيس الفلسطيني”.
ومقابل التزام الفصائل ومنها “حماس” بقيام دولة فلسطينية وفق القرارات الدولية، لم يشر الاتفاق إلى “المقاومة الشعبية السلمية” التي يتبناها الرئيس كأداة للتحرير، إنما أشار إلى مساحة أوسع وهو حق المقاومة وفق ما تقره القوانين الدولية، بما يشمل ضمنا المقاومة المسلحة التي تتبناها عدة فصائل بينها حماس.
ورفضت الفصائل كل أشكال الوصاية ومحاولات سلب الشعب الفلسطيني حقه في تمثيل نفسه أو مصادرة قراره الوطني المستقل، في إشارة إلى خطط أميركية وإسرائيلية لإدارة غزة بعد الحرب بقوات دولية وعربية.
وكانت حركة فتح استبقت الحوار بتحديد مطالبها، ومنها:
- انضواء الجميع تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية.
- والموافقة على ما وقعت عليه المنظمة من التزامات.
- والالتزام بالقانون الدولي وحل الدولتين.
‼️🚨 مشاهد بعد ان أعلنت الفصائل الفلسطينية في ختام اجتماعات عقدتها في الصين اتفاقها على الوصول إلى “وحدة وطنية شاملة” تضم كافة القوى في إطار منظمة التحرير وتشكيل حكومة توافق وطني مؤقتة pic.twitter.com/jUa2MN5nGg
— موسكو | 🇷🇺 MOSCOW NEWS (@M0SC0W0) July 23, 2024
قضايا مهمة
وفق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، المشارك في الحوار بصفته أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية، فإن دعوة الصين للفصائل وتتويج اللقاء ببيان بحضور وزير الخارجية الصيني وانغ يي، يشكل “تأكيدا على دور الصين العظيم في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله ودور منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني”.
ووصف أبو يوسف، في حديثه للجزيرة نت من الصين، ما ورد في البيان حول إنهاء الانقسام بأنه “أمر مهم يجب أن يُبنى عليه خلال الأيام القادمة بمشاركة الكل في إطار وطني واحد، لمواجهة ما يسميه الاحتلال اليوم التالي أو عودة الاحتلال”.
وتابع أن إعلان بكين يؤكّد أن الجميع في بوتقة واحدة بمواجهة التحديات ومحاولة شطب القضية الفلسطينية “ومن هنا جاء تأكيد أهمية التمسك بمنظمة التحرير وأن تبقى قاعدة نضال وكفاح الشعب الفلسطيني بمشاركة الجميع”.
وعن الجدول الزمني للتنفيذ، قال القيادي بمنظمة التحرير إن “الأمر متوقف على التطورات التي تجري في ظل حرب الإبادة”، معربا عن أمله في توفر “آليات عملية لإنهاء الانقسام في أقرب وقت ممكن، وكذلك انضواء الجميع وتحديدا حماس والجهاد الإسلامي تحت منظمة التحرير”.
الاختبار الحقيقي
في قراءته لبنود الاتفاق، يقول مدير “مركز يبوس للدراسات” في رام الله، سليمان بشارات، إنه “شامل ويستعرض كافة القضايا والمرتكزات الأساسية لموضوع الحوار الفلسطيني من بداياته وحتى الآن، وحتى ما قبل الانقسام المستمر من 2007”.
وذكر بشارات للجزيرة نت أن من “إيجابيات البيان وقوته” التقارب في وجهات النظر حول قضايا كانت دائما مطروحة خاصة فيما يتعلق بمنظمة التحرير، والتحرر الوطني، والأهداف الأساسية منه وإقامة الدولة الفلسطينية. ورأى في الاتفاق “محاولة جديدة علها تكسر حالة الجفاء في المشهد الفلسطيني”.
لكنه مع ذلك شدد على أن الاختبار الحقيقي هو البدء في حوارات التنفيذ، مشيرا إلى تقارب مماثل في حوارات الجزائر بأبريل/نيسان الماضي، دون أن يحدث اختراق حقيقي ينهي الانقسام.
وتابع أن البيان يتحدث في قضايا فضفاضة و”لم يورد شيئا من حيث البعد الزماني والأدوات وآليات التنفيذ، وتُرك الأمر لجولات تفاوضية قد تمتد لسنوات، وقد يتم عرقلة التنفيذ بمجرد الدخول في التفاصيل”.
وذكر بشارات أن من القضايا التي كانت بحاجة لتوضيح وتفصيل هي “أسس العلاقة الفلسطينية الداخلية وكيفية تعزيزها وإنهاء حالة الانقسام المستمر منذ 17 عاما، ومعالجة الانفصال الجغرافي والديمغرافي، فضلا عن ممارسات السلطة في الضفة والحرب على غزة، وكيفية توحيد المؤسسات وآلية وكيفية وأسس تشكيلها، وإدارة قطاع غزة، وكيفية انتقال السلطة ومدى وكيفية وشكل المشاركة فيها”.
وتابع أن الحوار لم يطرح موضوع الحريات والاعتقال السياسي ودور الأجهزة والمؤسسة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وتقييد عمل المؤسسات بالضفة.
في البعد الإقليمي والدولي، قال الباحث الفلسطيني إن البيان لم يأخذ بعين الاعتبار تأثير العوامل الخارجية في ملف المصالحة، لأن “الانقسام هدف غُذي وعُزز بأدوات ومنهجيات إسرائيلية أميركية غربية” متسائلا “كيف سيتم تجاوز هذه التأثيرات؟”.
وأشار بشارات إلى وثيقة للاتحاد الأوروبي تتعهد فيها السلطة بإحداث إصلاحات مرحلية للحصول على تمويل مشروط، معتبرا أن هذا التعهد وحده يكفي لنسف الجهد الفلسطيني الداخلي.
وهنا لا يستبعد تدخلا كبيرا تحت عنوان الإصلاحات “ومنها قد يكون محاربة التوجهات السياسية الداخلية والأفكار الفلسطينية وكثير من المبادئ التي تشكل نقطة انطلاق لحكومة توافق وطني، وبالتالي تفريغ الحكومة من مضامينها إرضاء لتلك التعهدات”.
ماذا عن الشارع؟
وفيما إذا كان إعلان بكين يلبي طموحات الشارع الفلسطيني، قال المحلل السياسي عمر عساف للجزيرة نت إن “الشارع لم يكن متابعا أو مهتما كثيرا باللقاء، لأن ما يهمه شلالات الدماء التي تتواصل في غزة والأسرى ومعاناتهم”.
وأضاف أن إعلان الصين “لم يضف جديدا للبيانات السابقة”، وأن “العبرة في التطبيق”، معربا عن أمله في أن يكون هناك ترجمة لما اتفق عليه “لأننا بحاجة لوحدة وطنية قاعدتها مواجهة الاحتلال والدفاع عن غزة وإعادة بنائها”.
ويضيف أنه “إذا تم تشكيل حكومة إنقاذ وطني فيجب أن يتم بعيدا عن التدخلات الغربية والأميركية والإسرائيلية، والشروع في إعادة انتخاب المجلس الوطني وإعادة “الدمقرطة” للحالة الفلسطينية، فهذا يلبي جزءا مما يريده الشعب”.
ومبعث التشكيك في التنفيذ بالنسبة للمحلل الفلسطيني هو “أن فريق الرئيس محمود عباس لا يريد شراكة مع أحد ويخضع للإملاءات والاشتراطات الأميركية والإسرائيلية التي لا تريد أي وحدة مع قوى المقاومة ولا أي دور لها في منظمة التحرير”.
ولا يرى عساف جديدا في موافقة حماس على دولة وفق الاتفاقيات الدولية، وهو ما يعني الموافقة على دولة في حدود 1967، لكنه يتساءل “ما الثمن المطلوب لإقامة هذه الدولة، هل هو التفريط في الكثير من الحقوق الوطنية ومنها قضية اللاجئين، أم أن ثمنها عمليا هو فقط ما جاء في قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية؟”.
ويرى أن مقترح روسيا مؤخرا في مجلس الأمن بإقامة دولة فلسطين وفق قرارات الأمم المتحدة وقرار التقسيم 181، وعودة كل اللاجئين “قد يكون مقبولا اضطرارا وبدون ثمن فلسطيني باهظ مقابل ذلك”.