الاخبار العاجلةسياسة

شكوك حول فعالية “مكافحة الإرهاب عن بُعد”.. معضلة أميركا في التعامل مع طالبان

واشنطن- ناصبت الولايات المتحدة حركة طالبان العداء منذ ظهورها تسعينيات القرن الماضي، وحتى مواجهتها في محاولة فاشلة للقضاء عليها عسكريا وفكريا عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2011.

وعلى مدار 20 عاما لم تفلح الآلة العسكرية الأميركية عقب احتلالها أفغانستان في تحجيم نفوذ طالبان، بل استطاعت هذه الحركة مواجهة القوات الأميركية والحكومة الأفغانية المعترف بها دوليا وصولا لاستعادة سيطرتها على العاصمة كابُل، ومن ثم السيطرة على بقية الأراضي الأفغانية تزامنا مع استكمال الانسحاب الأميركي بنهاية اغسطس/آب 2021.

وبعد عام من استيلاء طالبان على السلطة، ما تزال المصالح الأميركية في أفغانستان كما هي إلى حد كبير، لكن مع نفوذ أميركي محدود على طالبان.

وترى خبيرة الشؤون الأفغانية بمعهد السلام الأميركي كيت بيتمان أن مصالح واشنطن في أفغانستان ما تزال كما كانت إلى حد كبير قبل استيلاء طالبان على السلطة أواسط أغسطس/آب 2021، وعلى رأسها منع “الجماعات الإرهابية” في هذا البلد من تهديد الولايات المتحدة أو حلفائها، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وحماية حقوق الإنسان، ولا سيما حقوق النساء والفتيات والأقليات، ومعالجة الأزمة الاقتصادية التي تدهورت على إثرها أوضاع الافغانيين بشكل حاد.

h 57588747
قيادات من حكومة طالبان تحتفل برفع أكبر علم “للإمارة الإسلامية” في كابل (الأوروبية)

العصا والجزرة مع طالبان

منذ سيطرة الحركة على كابل أصبحت علاقة طالبان مع التنظيمات المعادية لأميركا وعلى رأسها “القاعدة” أهم ما يشغل واشنطن بخصوص الحركة وأفغانستان.

ولا تصنف واشنطن طالبان ضمن “الحركات الارهابية” في قوائم وزارة الخارجية، لكنها عوضا عن ذلك تضع الكثير من قادة أفغانستان ضمن قوائم “الإرهابيين” الدوليين.

وتتهم واشنطن وزير داخلية طالبان، سراج الدين حقاني، بارتباطه الوثيق بتنظيم القاعدة. ويقدّر تقرير للأمم المتحدة أنه “عضو في قيادة القاعدة الأوسع نطاقا، ولكن ليس في القيادة الأساسية لتنظيم القاعدة”.

ومن المؤيدين الرئيسيين للرأي القائل إن طالبان ستتغير، إذا وضع أمامها المقابل المناسب، البروفيسور بارنيت روبين من جامعة نيويورك، وهو خبير في شؤون أفغانستان، الذي ادعى في ورقة نشرها مع معهد الولايات المتحدة للسلام في مارس/آذار 2021 أن على الولايات المتحدة “استغلال النفوذ الذي تتمتع به باتجاه تخفيف العقوبات عن طالبان التي تسعى للاعتراف والمساعدة الدولية”.

في الوقت ذاته أصدرت الأمم المتحدة تقريرا في مايو/أيار الماضي أشارت فيه إلى أن 41 عضوا قياديا من طالبان يخدمون في مجلس الوزراء أو غيره من المناصب الحكومية رفيعة المستوى في أفغانستان، وهم مدرجون على قوائم عقوبات الأمم المتحدة.

وتعد طالبان اليوم أفضل تسليحا بكثير من طالبان التي حكمت معظم أفغانستان من عام 1996 إلى 2001، فلدى الحركة الآن الآلاف من المركبات المدرعة الأميركية وبنادق “إم 16” تركتها القوات الأميركية التي هرعت إلى الانسحاب من قواعدها الصيف الماضي.

اقرأ ايضاً
اشتباكات بيروت.. مواقف دولية تحض على وقف العنف وضبط النفس

وتواجه طالبان اليوم أيضا حركة معارضة سياسية وعسكرية، في أفغانستان، أضعف بكثير مما كانت عليه قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

تبعات فوضى الانسحاب

يقول بعض المحللين الأميركيين إنه يمكن أن نرى في أفغانستان مزيجا من الانسحاب الأميركي الكارثي من سايغون- فيتنام عام 1975، ومن انسحاب صيف عام 2014 بالعراق عندما استولت قوات “تنظيم الدولة” على جزء كبير من البلاد.

وبالفعل بدا هذا التوقع واقعا، وشاهد العالم الآلاف من الأفغان اليائسين الذين حاولوا ركوب الطائرات المغادرة من مطار كابل أو تشبثوا بها في أغسطس/آب الماضي.

وفي 25 أغسطس/آب 2021 قُتل 13 جنديا أميركيا وما لا يقل عن 170 أفغانيا خارج مطار كابل على يد انتحاري أرسله الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة. واستولت طالبان على البلاد بأكملها حتى قبل أن يغادر آخر الجنود الأميركيين البلاد.

كذلك تواجه إدارة بايدن الآن معضلة سياسية من صنعها. وبما أن ملايين عديدة من الأفغان على شفا المجاعة، فلا يستطيع الأميركيون إدارة ظهورهم بالكامل لأفغانستان.

ومع ذلك، يعتقد المسؤولون الأميركيون أنه من الصعب مساعدة الأفغان دون دعم طالبان بطريقة ما. وحاولت إدارة بايدن ضمان إدارة جميع المساعدات الأميركية لأفغانستان بطريقة لا ينتهي بها المطاف في أيدي الحركة، ولكن من الناحية الواقعية فإن أية مساعدة ترسلها إلى أفغانستان تميل إلى مساعدة طالبان على البقاء في السلطة.

ما وراء الخبر-ما الذي يعرقل تطبيق اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان؟
يشكك الأميركيون بقدرة طالبان على تطبيق اتفاق الدوحة عام 2020 وخاصة ما يتعلق بـ “محاربة الإرهاب” (الجزيرة)

معضلة علاقات طالبان

وكثيرا ما كانت هناك شكوك كبيرة داخل دوائر السياسة الأميركية حول استعداد طالبان للوفاء بالتزاماتها في “مكافحة الإرهاب” طبقا لبنود “اتفاقية الدوحة” لعام 2020.

وجاءت عملية قتل أيمن الظواهري (زعيم تنظيم القاعدة) الذي كان يعيش بمنزل آمن في كابل تابع لوزير داخلية طالبان يوم 31 يوليو/تموز بغارة أميركية بطائرة بدون طيار، لتشكك بوفاء طالبان بوعودها بشأن مكافحة الإرهاب، حيث اعتبرت الحكومة الأميركية وجود الظواهري انتهاكا واضحا لاتفاق الدوحة.

واعتبر مراقبون أن عملية قتل الظواهري تعكس معضلة كبيرة في مجال “مكافحة الإرهاب” وإمكانية مواصلة الولايات المتحدة الانخراط البراغماتي مع طالبان بشأن القضايا الإنسانية والاقتصادية، على الرغم من انتهاكها الصارخ لتعهداتها حول مكافحة “الإرهاب”.

ومع ذلك، يعتقد المدافعون عن اغتيال الظواهري بأن العملية تثبت فعالية إستراتيجية مكافحة الإرهاب عن بعد. وفي الوقت نفسه، يشير وجود الظواهري وحده إلى أن التهديد الإرهابي المنبثق من أفغانستان التي تديرها طالبان أكثر خطورة مما كان يعتقد سابقا، وأن الاستهداف الناجح للظواهري ليس دليلا بالضرورة على أن ضربات الطائرات المسيرة ستكون قادرة على كبح جماح التهديد المستمر من أفغانستان.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى