الاخبار العاجلةسياسة

بين العتب والتشجيع.. هكذا تنظر إيران إلى تطورات الأحداث الأخيرة في العراق

لا تمثل عودة الاعتصامات والأحداث الأمنية في العراق خبرا جيدا للأوساط الإيرانية، في ضوء الأنباء التي تتحدث عن دخول مئات آلاف الإيرانيين خلال الأيام الماضية الأراضي العراقية للمشاركة في المسيرات الراجلة نحو كربلاء.

وتُعقّد دحرجة كرة الأحداث في العراق من تمسك حلفاء طهران بتشكيل الحكومة من جهة، فضلا عن وضعها العملية السياسي في بغداد على المحك من جهة أخرى، في ظل ما توصل إليه حلفاء الأمس إلى مواجهات طالت كبريات المؤسسات الدستورية في جارة إيران الغربية.

وعلى وقع الانتقادات التي توجهها بعض الأوساط الإيرانية إلى التيار الصدري لتعريضه أمن بلاده للخطر، سارع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى دعوة ساسة العراق إلى “حل القضايا المثارة في إطار العمليات القانونية والحفاظ على سلطة الحكومة العراقية”.

انتقادات للتيار

وينقسم الإيرانيون في قراءتهم للأحداث الأخيرة بالعراق بين من يحمّل التيار الصدري كامل المسؤولية، وآخرين يرون فيها بداية لنهاية أزمة تشكيل الحكومة، واصفين اعتزال المرجع الديني كاظم الحائري بـ”القرار الشجاع”.

من جانبه، انتقد المتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية، حسين جابري أنصاري، قرار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الاعتزال عن العمل السياسي، موضحا أنه سبق أن اتخذ مثل هذا القرار 6 مرات، وأن اعتزاله السياسة ليس قرارا للتنفيذ وإنما أسلوب وتكتيك خاص تمهيدا للعودة إلى العمل السياسي أكثر قوة.

وفي سلسلة تغريدات على تويتر، رأى أنصاري أن اعتزال الصدر السياسة في الوقت الراهن يرمي إلى زيادة الضغط الشعبي دعما لمساومته مع الجهات العليا، موضحا أن الانخراط الفوري لنشطاء التيار الصدري في أعمال الشغب يوم أمس كان خير دليل على ما يدعيه.

في المقابل، يعتقد الباحث السياسي مهدي شكيبائي، أنه رغم انتقاده سلوك التيار الصدري خلال الأشهر الماضية، فإن مواقف زعيمه مقتدى الصدر ظهر اليوم من النجف الأشرف كانت شجاعة وحقنت دماء العراقيين، كما أنها وضعت حدا للفتنة التي كانت في طريقها إلى افتعال حرب أهلية بين أبناء الشعب الواحد.

قرار شجاع

ورأى شكيبائي، في حديثه للجزيرة نت، أن المرجع الشيعي كاظم الحائري قد ضحى بمكانته الدينية والاجتماعية والشخصية من أجل ضمان أمن العراق، وقد أثمر قراره الشجاع خلال يوم واحد، حيث تجلى في مواقف زعيم التيار الصدري الأخيرة.

اقرأ ايضاً
ولي العهد السعودي يصل قطر في أول زيارة رسمية له منذ توليه ولاية العهد عام2017

وخلص الباحث الإيراني إلى أن الجمهورية الإسلامية ستفتح أبوابها بوجه زعيم التيار الصدري بعد القرارات التي اتخذها ظهر اليوم، مستدركا أن مدينة قم كانت قد احتضنت مقتدى الصدر لسنوات طويلة إلا أن علاقته بطهران شابها الفتور مؤخرا.

من جانبه، أكد الباحث الإيراني في الشؤون السياسية رضا صدر الحسيني، أن طهران تعطي اهتماما كبيرا لاستتباب الأمن في العراق، نظرا إلى القواسم المشتركة بين البلدين على شتي الصعد العقائدية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول الحسيني إن بلاده لم ولن تتدخل في الشأن العراقي الداخلي وإنها تراقب الأحداث في جارتها الغربية عن كثب وتكتفي بتقديم النصائح للأشقاء العراقيين لحقن دماء الشعب ومنع الاقتتال الداخلي.

المرجعية الدينية

وفي الأوساط الدينية، يرى الأستاذ في حوزة قم العلمية، الشيخ مهدي مسائلي، في عدم تبعية أنصار التيار الصدري لآراء المرجع الشيعي كاظم الحائري السياسية والفقهية سببا بارزا وراء اعتزاله المرجعية الدينية إلى جانب تقدمه في العمر ومعاناته مع المرض.

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح الشيخ مسائلي أن المرجع الحائري كان يرى ضرورة في الابتعاد عن التيار الصدري، لأن سلوك الأخير أدى إلى التفرقة في قيادة البيت الشيعي والإضرار بالأمة العراقية، مؤكدا أن المرجع آية الله وحيد بهبهاني سبق أن أعلن اعتزاله العمل المرجعي بسبب تقدمه في العمر، وقد أوصى مقلديه باتباع مراجع آخرين وتقليدهم في الأمور الفقهية.

وردا على سؤال حول توصية المرجع كاظم الحائري مقلديه باتباع مرجعية المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، قال الأستاذ في حوزة قم العلمية إن “المرجع الحائري قد فرق بين القيادة والمرجعية وقد أوصى بتبعية المرشد الإيراني في القضايا السياسية والاجتماعية بناء على نظرية ولاية الفقيه، ولم يتطرق إلى تقليده في القضايا الفقهية”.

حوزة قم

ولدى إشارته إلى تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التي قال فيها إن اعتزال الحائري “لم يكن بمحض إرادته”، أكد الشيح مسائلي أن الحوزة العلمية في قم مستقلة تماما في القضايا الفكرية والفقهية خلافا لتبعيتها للسلطة الإيرانية في العمل التنفيذي.

وتابع الأستاذ في حوزة قم العلمية، أن بعض مراجع الشيعة في قم يفرضون آراءهم على السلطة في إيران وليس العكس، مؤكدا أن بعض المرجعيات الدينية الشيعية في الحوزة العلمية بمدينة قم يعارضون نظرية ولاية الفقيه دون أن تتعرض السلطة الإيرانية إليهم بل تربطهما علاقات جيدة.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى