اقتصاد

اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي.. هل ينعش الاقتصاد أم يزيد الوضع تأزما؟

تونس- تشهد تونس أزمة اقتصادية غير مسبوقة أثرت على سير الحياة المعيشية للمواطنين، فإلى جانب الارتفاع الكبير لأسعار أغلبية المواد الاستهلاكية تفاجأ التونسيون بشح وغياب بعض المواد الغذائية الأساسية عن المتاجر والأسواق على غرار السكر والزيت النباتي والقهوة.

وبينما ينتظر المواطنون حلولا عاجلة، أعلنت السلطات عن الزيادة في أسعار أسطوانات غاز الطهي 14% لأول مرة منذ 12 عاما، وانتقل سعر الأسطوانة الواحدة من 7.75 إلى 8.8 دينارات (الدولار يعادل 3.2 دينارات).

وزادت أسعار الوقود 3% أي من 2.33 دينار للتر إلى 2.4 دينار، وكانت تلك الزيادة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وزاد الاحتقان في الشارع خاصة بعد إعلان الوزارة أنه ليس بالإمكان التخفيض في الأسعار بسبب الأزمة العالمية بل بالعكس ستزيد في الارتفاع أواخر هذا العام.

وبعد أشهر من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، توصلت الحكومة إلى اتفاق مبدئي مع الصندوق من الناحية التقنية. فهل يكون حلا أم سيثقل كاهل البلاد بمزيد من الديون؟

خطوة جيدة

أعلن المتحدث باسم الحكومة نصر الدين النصيبي -في لقاء إعلامي- أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي جاهز مرجعا سبب هذه الخطوة إلى أهمية الاتفاق بين الحكومة والاتحاد العام للشغل بخصوص ملف زيادة أجور الموظفين، وقال إن الاتفاق كان آخر شروط ملف التفاوض مع الصندوق.

وحسب النصيبي بات هذا الملف مقبولا تقنيا، ولم تطلب تونس مبلغا محددا من الصندوق بل قدمت طلبا لتمويل برنامج إصلاحي لمدة 3 سنوات إضافة إلى شرط عدم التوجه نحو بيع المؤسسات العامة بل التوجه نحو الإصلاح وإعادة الهيكلة.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال المختص بالشأن الاقتصادي معز حديدان إن الاتفاق مع صندوق النقد يعد خطوة جيدة على الأقل على المدى القصير، ودون هذا الاتفاق سيتوقف الاقتصاد بعدم قدرة البلاد على توريد المواد الأساسية. وحتى في حال لم تتحصل تونس على المبلغ المطلوب فإن التوقيع مع الصندوق سيفتح مجالا أمام الاقتراض من الدول الأخرى التي اشترط أغلبها الاتفاق أولا مع الصندوق.

اقرأ ايضاً
على وقع أزمة تدهور سعر صرف الدينار.. رئيس الوزراء العراقي يقيل محافظ البنك المركزي

وفيما يخص إيجابيات الاتفاق، يقول حديدان إن الإصلاحات المتفق عليها ضرورية لإنقاذ اقتصاد البلاد خاصة برفع الدعم ووقف الانتدابات في الوظيفة العامة.

رفع خفي للدعم

من جانبها أرجعت المختصة في الشأن الاقتصادي جنات بن عبد الله فقدان وغلاء المواد الأساسية إلى أن الحكومة شرعت في رفع الدعم عن المواد الأساسية دون الإعلان عن ذلك، وفضلت الاختفاء وراء فقدان المواد لرفع أسعارها.

وتقول بن عبد الله في تصريح للجزيرة نت “استنادا إلى المعهد الوطني للإحصاء (مؤسسة تابعة للدولة) فقد ارتفعت أسعار الحبوب في يوليو/تموز وأغسطس/آب الفارطين بنحو 11%، وذلك يعني أن الحكومة انخرطت في تنفيذ البند المتعلق برفع الدعم عن المواد الأساسية، وهو أهم بند في برنامج إصلاحات النقد الدولي دون الإعلان عن ذلك”.

ووصفت الخبيرة الاقتصادية موافقة صندوق النقد على تمويل جديد لتونس مباشرة بعد اتفاق الحكومة واتحاد الشغل، حول الزيادة في الأجور، بالمغالطة باعتبار أن كتلة الأجور سيطرت عليها الحكومة من خلال آلية التقاعد المبكر لتقليص عدد الموظفين، حسب تعبيرها.

وقالت بن عبد الله إن موافقة الصندوق لم تكن بسبب اتفاق الحكومة مع صندوق النقد -كما يُروج له- بل لأنها التزمت بتعهداتها تجاه صندوق النقد بالتقليص في كتلة الأجور ورفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات.

وعن مدى قدرة قرض النقد على سد العجز، يقول الخبير بالشأن الاقتصادي جمال عويدات للجزيرة نت “أعتقد أن ملياري دولار المزمع الاتفاق عليها مع الصندوق غير كافية بما أن عجز الميزانية 2022 يتعدى 25 مليار دينار، والعجز التجاري بلغ 25 مليارا أي 50 مليارا (حوالي 17 مليار دولار) وبالتالي لن يكون الاتفاق مع صندوق النقد حلا لإنعاش اقتصاد البلاد خاصة أن المبلغ ضئيل جدا وسيصرف في الاستهلاك لا الاستثمار”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى