الاخبار العاجلةسياسة

الذكرى 55 لانطلاقتها.. ما التحدّيات التي تواجه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟

رام الله- تُحيي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اليوم الأحد، الذكرى السنوية الـ55 لانطلاقتها، وسط جملة من التحديات على مستوى العلاقة الداخلية الفلسطينية، إضافة إلى الملاحقات الإسرائيلية المكثفة مؤخرا.

وتعود جذور الجبهة إلى حركة القوميين العرب التي تشكلت إثر نكبة فلسطين عام 1948، والتي تحولت بعد هزيمة 1967 إلى تنظيمات قُطرية كان نصيب فلسطين منها تنظيم “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” التي صدر بيانها الأول في 11 ديسمبر/كانون الأول 1967.

وتتبنى الجبهة الشعبية منذ تأسيسها التوجه الماركسي اللينيني، وتأثّرت بأفكار ماوتسي تونغ، قبل أن يخف الحضور الأيديولوجي للفكر الماركسي، وتتأثر بالمد القومي العربي.

وحدّدت الجبهة لنضالها هدفا إستراتيجيا تمثل في تحرير فلسطين “وإقامة دولة ديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس”.

كما حددت هدفا مرحليا يسعى إلى “انتزاع حق العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس”.

وعُرفت الجبهة بعمليات خطف الطائرات في فترة السبعينيات من القرن الماضي، بالإضافة إلى استهداف السفارات والقيادات الإسرائيلية لاحقا وأبرزهم وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي، والذي اغتالته في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2001، ردا على اغتيال إسرائيل لأمينها العام أبو علي مصطفى إبان الانتفاضة الثانية.

مهرجان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في غزة مواقع التواصل
فتيات في غزة يتشحن بالكوفية الحمراء إحدى رموز الجبهة الشعبية (مواقع التواصل)

تمسّك بالمقاومة

وجددت الجبهة، في بيان صادر عن مكتبها السياسي بمناسبة ذكرى الانطلاقة وصلت الجزيرة نت نسخة منه، تمسكها بالمقاومة كخيار لتحرير فلسطين، ورفضها “مشاريع التطبيع والهيمنة الغربية”. وأضافت “سنبقى أوفياء لطبيعة وجوهر الصراع والاشتباك التاريخي المفتوح مع العدو ومشروعه التصفوي”.

وتابعت أن الشعب الفلسطيني “يخوض نضالًا وطنيًّا تحرريًّا، لم تلغِه كل اتفاقات الاستسلام لمشروع العدو الصهيوني باسم التسوية والسلام”.

وأشارت الجبهة إلى “عوامل تبديد” متعددة للحالة الفلسطينية منها “أوهام السلام واستنزاف الحالة الوطنيّة، وإنهاكها بالانقسام والاستفراد والهيمنة الفئويّة، وفتح الأبواب لتشريع التطبيع والخيانة التي أقدمت عليها العديد من الأنظمة العربية في محاولة لتصفية القضية والحقوق الفلسطينية” كما جاء في بيانها.

ودعت إلى الثبات على “نهج وثقافة وأشكال المقاومة فهي عماد المواجهة مع هذا العدو ومخططاته”.

تحديات أمام المقاومة الملتزمة

وفي ذكرى انطلاقتها الـ55، تقف الجبهة الشعبية أمام جملة تحديات جدية، وفق محللين سياسيين تحدثا للجزيرة نت.

يقول الكاتب المتابع لشؤون الحركات الفلسطينية، هشام الشرباتي، إن التحدي الأبرز أمام الجبهة هو الاحتلال الذي يواجه الحركة الوطنية الفلسطينية “الملتزمة ببرامجها”.

وأضاف أن الجبهة تتعرض في السنوات الأخيرة إلى “حملة قمع إسرائيلية مكثفة طالت كافة عناصرها، ذكورا وإناثا، وفي كافة المستويات التنظيمية، بمن فيهم الثمانيني بشير الخيري الذي خرج مؤخرا من الاعتقال الإداري”.

وأشار إلى استمرار ملاحقة الأطر الطلابية القريبة من الجبهة واعتقال نشطائها في الجامعات. وقال إن البُنى التنظيمية للجبهة تتعرض أيضا للتفكيك المستمر، أسوة بباقي حركات المقاومة، كما لوحقت جمعيات ومؤسسات حقوقية بتهمة صلتها بالجبهة.

مضايقات وإقصاء

داخليا، يشير الكاتب الفلسطيني إلى المضايقات التي تتعرض لها الجبهة الشعبية من النظام السياسي الفلسطيني، وتتأثر “بنهج الاستحواذ على السلطة والإقصاء الوظيفي”، مع أنها جزء من منظمة التحرير الفلسطينية. ومنها ما تواجهه كوادر الجبهة من صعوبات في الحصول على وظيفة عمومية أو ترقيات.

اقرأ ايضاً
مؤرخ أميركي: 4 ألغاز تحيط بزيارة بيلوسي إلى تايوان

ويضيف المحلل أن الجبهة تغيب عن المشاركة السياسية الحقيقية في صناعة القرار الذي يُفترض أن تشارك فيه مثل كافة الفصائل المنضوية في إطار منظمة التحرير. وأشار إلى تعرض الجبهة لعقوبات من القيادة الفلسطينية، وبينها تجميد مخصصاتها المالية في منظمة التحرير بسبب مواقفها السياسية.

نقاط التقاء وتباين

بالمقابل، وعلى مستوى العلاقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يتحدّث الشرباتي عن “نقاط التقاء” رغم التباين الأيديولوجي. ويقول “واضح أن هناك نقاط التقاء سياسية كبيرة وتنسيق بينهما في أعمال المقاومة وخاصة في غزة”.

لكنه يضيف أن “الجانب الأيديولوجي يُبقي على التباين خصوصا في رؤية الفصيلين للجوانب الاجتماعية”. ورغم ذلك، يشير الكاتب الفلسطيني إلى “تحالفات نقابية بينهما في أكثر من مكان”، ولا يستبعد أن تكون هذه التحالفات أحد عوامل الجفاء بين الجبهة والسلطة الفلسطينية.

تحديات تعيق الحيوية

من جهته، يقول مدير شبكة “جي ميديا” الإعلامية، الصحفي علاء الريماوي في حديثه للجزيرة نت إن الجبهة الشعبية تُعد كبرى حركات اليسار في الحالة الفلسطينية، ومع ذلك تواجه تحديات تعيق حيويتها داخل المجتمع الفلسطيني.

ويرى الريماوي أن ذلك مردّه إلى أن الجبهة “لم تُعِد قراءة المشهد الفكري الخاص بها، وإنما أبقت على الأيديولوجيا القائمة على الماركسية كباعث حقيقي للتكوين، وهو عامل جعل الحالة الفلسطينية تنكفئ عن الحركات السياسية اليسارية عموما”.

وأضاف أن “الجبهة تقليديا أعادت الاعتبار لمسألة التحالفات التي تقوم على الحركات الشيوعية أو الشعبوية، مع أن تلك الحركات فقدت جاذبيتها في العالم”. بينما “تنحاز الآن للعلاقة مع الحركات الإسلامية الثورية، أو إيران كدولة”.

ويشير إلى أن الجبهة الشعبية “تُصنف نفسها على أنها حركة معارضة، لكنها لم تنجح في خلق حالة في المعارضة”.

انشقاق وتحالف “العصا والجزرة”

على الصعيد الداخلي، يشير الريماوي إلى انقسام شهدته الحركة قبل 10 أعوام، كان المخرج منه أن يكون القيادي المعتقل أحمد سعدات أمينا عاما للجبهة.

ويشير الريماوي هنا إلى تيارين تنازعا الجبهة: تيار تنازعها باتجاه السلطة، وآخر يرى نفسه أقرب لتيار المقاومة “لكن الميزان كان لصالح القوى التي تدفع للاقتراب من تيار المقاومة”.

وعرفت الجبهة انشقاقين كبيرين، الأوّل قاده نايف حواتمة في فبراير/شباط 1969، وسمى التيار الوليد “الجبهة الشعبية الثورية لتحرير فلسطين”، ثم تغير إلى “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”. أما الثاني فقاده أحمد جبريل، وسماه “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة”.

ويرى الصحفي الفلسطيني أن “حركة فتح، كبرى فصائل المنظمة لم تنجح في التعامل والتحالف مع الجبهة الشعبية على أساس الشراكة الوطنية، وإنما أرادت التحالف معها على أساس العصا والجزرة فيما يتعلق بالموازنات المخصصة للجبهة”.

وفي 27 أغسطس/آب 2001، اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي أبو علي مصطفى ليخلفه أحمد سعدات الذي اعتقلته السلطة الفلسطينية في 15 يناير/كانون الثاني 2002.

وفي 14 مارس/آذار 2006 اعتقلت إسرائيل منفذي عملية الاغتيال من نشطاء الجبهة الشعبية، بالإضافة إلى الأمين العام سعدات من سجن السلطة الفلسطينية في أريحا وحكمت عليه بالسجن 30 عاما بتهمة “رئاسة تنظيم سياسي محظور”، فكان ذلك أحد عوامل التوتر مع السلطة الفلسطينية.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى